عقول مُلوّثة..!

متولي محمود
الثلاثاء ، ٠٧ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٢:٤٥ مساءً
بين الضبط والانضباط فروق عديدة تُمثّلُ التمدن والرقي؛ فالأول إلزامي يخضعُ للرقابة ويحتكمُ لضوابط وتترتّب عليه عواقب رادعة. 
أما الانضباط، فيُمثل العكس تماماً، فهو ذاتي نابعٌ عن قناعة ورسوخ في الفكر والمبدأ. 
أي أنّه في غياب أو قصور الرقابة في الضبط، يحدثٌ العكس. بينما يمثلُ الضمير الرقيب المثالي في الانضباط. في دولٍ عدة كألمانيا واليابان مثلاً، والتي شهدتْ حروباً ودماراً توصلت إلى قناعات راسخة، ليس السلطة الرسمية بل على مستوى الأفراد، توصلت إلى قناعة بالانضباط الذاتي وإعمال الضمير. في طوكيو، أكثر من 25 مليون نسمة، لم يعد هناك رجال مرور في الشوارع، فالمواطنون يلتزمون بإشارات المرور دونما مخالفات أواختناقات مرورية تُذكر. 
أمرٌ آخر يثير الشجن، يقوم المتسوّقون في المولات بالتبضع ودفع الحساب ذاتياً عن طريق بطائق الائتمان، دونما رقيب أو حسيب, يعني: أنت وضميرك! 
ما أريدُ إيصاله هنا هو أن أية رغبة في التقدم والنماء ينبغي أن تنبعَ من قناعات راسخة من غالبية الشعب. الضبط ضعيف، وأيادي الدمار لا تفقدُ الحيَل. هناك مثل يمني أجدهُ مناسباً في هذه الحالة: «المُكسِّر غلبَ ألف مدّار»! والمدّار هو صانعُ الأواني الفخارية، والمعنى أن ما يصنعُه هؤلاء بسنوات، ينسفُه المخربون في غمضةِ عين. من الصعب حراسة أنبوب النفط الممتد لآلاف الكيلومترات من مُفجريه ألم يعِ هؤلاء ومن يدفعُ بهم أنها مصلحةٌ عامةٌ لهم ولجموع الشعب؟. 
محالٌ حماية الأعمدةِ الناقلة للكهرباء على طول مُدن الجمهورية ألم يفكّر مُدمروها أنهم يُغرِقون أنفسهم والوطن في جُنح الظلام؟. أمرٌ خطيرٌ للغاية يُضاف إلى الموضوع. بعد مشاهدة التفجير الذي استهدفَ مركزاً تجارياً في رداع، تبادر إلى ذهني سؤال: ماذا لو تواصلتْ سلسلةُ الأعمال الّلا إنسانية واستهدفتْ على نحوٍ منهجي أماكنَ عامة وأسواقاً شعبية تكتظ بالمواطنين؟! ثمةَ قلق وتوجُّس يداهمُ ذاكرتي. فالأمنُ موبوء، والجيشُ متشرذِم. وإن لم يكونا كذلك، ما الذي يمكن فعلُه إزاء أدمغةٍ مُفخخة بالشر، وأفكارٍ مُتّشحة باللؤم والدمار؟! كم نحن بحاجة لإعادة هيكلة عقولِنا المتخمة بالرجعية والتخلُّف! كم نحن بحاجة إلى فرمتَة أفكارنا المدجّجة بالشرور! حالياً ينبغي التركيز على رعاية الأجيال الناشئة وإبعادها عن تلك العقول الملوثة، من يتحجّجون بالدين لإغراقنا في الوحل وإدخال الوطن في داومة عنف لا أظنها تنتهي! 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي