اليمن بين الدولة والخراب

رشاد الشرعبي
السبت ، ٠٤ يناير ٢٠١٤ الساعة ١٠:٢٦ صباحاً
 
 
لم أعد أدري عمّا أكتب في وطن ننام على تفجير ونصحو على آخر, حاولت إن أكتب عن قضايا أخرى غير التي تناولتها الأسابيع الأخيرة, لكن مايجري أمسك بيدي ومنعني عن الكتابة في قضايا أخرى منفصلة عن مؤتمر الحوار الوطني والتفجيرات لمؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية وأنابيب النفط وأبراج الكهرباء, أو تلك التي يرتكبها محسوبون على الدولة كما حدث في سناح بالضالع.
 
آخر ما منع عني النوم وعانيت لأجله الأعمال الإجرامية التي استهدفت إدارة أمن عدن وقيادة المحافظة فجر أمس الثلاثاء, فيما كنت أحاول أن أتناسى ماخلفته غزوة مليشيات الحوثي في كتاف صعدة وخيوان عمران استهدفت جامع ومنزل مواطن وظهر «المجاهدون» يحتفون و«يصرخون» بنسف بيت من بيوت الله مهما اختلفوا مع مذهب من يصلون فيه ويديرونه.
 
لم يقف الأمر عند الفعل الإجرامي الميداني, فهناك من يغذي الصراع إعلامياً وينشر الأكاذيب والافتراءات بصورة تتنافى مع أبسط أخلاقيات المهنة والمسئولية الإنسانية والوطنية, كما حدث في جريمة استهداف مخيم عزاء بمحافظة الضالع وقبله الهبة الشعبية في حضرموت, وغيرها من القضايا التي نرى فيها كذباً فجاً وتضليلاً واضحاً وتحريضاً مؤكداً.
 
 كمثال على ذلك التحريض الإعلامي القذر لإثارة مزيد من الحقد والكراهية بين اليمنيين، نشر بعض المواقع الإلكترونية لمقطع فيديو يحتوي مشاهد قنص جنود لمواطن محتج بالشارع, لكن الحقيقة أن الحدث لم يكن في حضرموت وإنما في إحدى مدن فلسطين المحتلة, وخبر ثانٍ يفيد بأن مستشفى «في إحدى المحافظات الشمالية» رفض استقبال جرحى الضالع «جنوبيين» ونشرته صحيفة يومية, للأسف الشديد, يدعي كتّابها حرصهم على الوطن والإنسان.
 
 تداخلت قضايا السياسة مع الإجرام وامتزجت رغبات السلطة بنزوات الإرهاب واختلطت الأحقاد بادعاء الحرص على الحرية والسيادة والديمقراطية, ولم نعد نستطيع تفكيك أي من تلك الخيوط المتشابكة.
 
 احتفى إعلام الرئيس السابق ببيان «هيئة علماء الزنداني» الرافض لوثيقة الحلول والضمانات للقضية الجنوبية، كما يحتفون بعمليات الإرهابيين وينقلونها أولاً فأولاً, رغم أن الزنداني كان إلى ما قبل شهر تهمة لقوى الثورة وشبابها, في حين بدا الحوثي وإعلامه يصدر الحرية والمدنية والحلول العادلة للجنوبيين إعلامياً ويقتل شبابهم السلفيين في كتاف ودماج ويقتل يمنيين في مواقع أخرى.
 
 تجاوز الأمر ذلك حد أن يحتفي الاشتراكيون بالذكرى السنوية لاستشهاد جارالله عمر, على طريقتهم, من خلال استعراض عضلاتهم في صنعاء وغابت الذكرى في محافظات ومدن المناطق الجنوبية, وقيادة الحزب «متخشبة» حول مقترح الإقليمين وتدعي حرصها على نجاح مؤتمر الحوار الوطني, في تناقض كبير وواضح مع المشروع الوطني الذي كان يحمله الشهيد جار الله عمر رحمة الله عليه.
 
 وثيقة الضمانات والحلول للقضية الجنوبية فيها وعليها ملاحظات كثيرة وأؤيد ماجاء في موقف التنظيم الوحدوي الناصري بشأنها، خاصة مايتعلق بالنصوص التمييزية بين الشمال والجنوب والمواطن اليمني وصنع هوية خاصة للشمال وأخرى خاصة بالجنوب, لكن أنا مع أن يتنازل الجميع للوصول إلى حلول تصنع التوافق الوطني وتمنح اليمنيين الفرصة للانطلاق إلى المستقبل بدلاً عن البقاء في الماضي وأسرى للحاضر “الملخبط”.
 
 يتوجب إنجاح مؤتمر الحوار الوطني بصورة سريعة للحفاظ على ماتبقى من دولة يراد لها الفوضى والانهيار ممن يحملون شعار: «أنا ومن بعدي الطوفان» علينا أن نقف إلى جانب الرئيس عبد ربه منصور هادي والقوى الوطنية المختلفة في اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي وشباب الثورة وكل المكونات الساعية إلى تجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر للوصول إلى مرحلة البناء والتنمية والديمقراطية. 
 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي