«ليش اليمنيين دائماً حِرَاف»؟!

نادية عبدالعزيز السقاف
الخميس ، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٠١ مساءً
 
 
لو عملنا استفتاء لليمنيين المقيمين في اليمن عن مقدار ما يوفرونه من دخلهم في الشهر ستظهر النتيجة بالسالب. بمعنى انهم ليس فقط لا يوفرون بل يأتي يوم 25 من الشهر وقد بدأوا بالاستدانة و«السلبطة» على الآخرين. 
الخبراء الإقتصاديون يطلقون على حالة الحِراف الدائم مصطلح «نقص السيولة» ويقولون أن السبب فيها زيادة النفقات على الإيرادات. بمعنى أبسط أننا نصرف أكثر مما نكسب. هناك نكتة متداولة في اليمن انه كان هناك رجل أراد أن يؤمن بأن هناك رباً ولكنه لم يقتنع تماماً حتى جاء إلى اليمن واقتنع أنه لابد أن يكون هناك إله وهو السبب في عيش اليمنيين بالرغم من كل المؤشرات التي تدل على استحالة الحياة في هذا البلد العجيب. لكن الأمر الذي لم يدركه هذا الرجل الذي كان يبحث عن الهداية أن «المعجزات الإلهية» التي يعيش عليها اليمنيون مبنية على مبادئ خارج نطاق المنطق منها «خليها على البركة»، «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» و«الرزق على الله». قبل ان تعترضوا على إدراجي للمبدأ الأخير أود التنويه إلى أن الرزق على الله صحيح ولكن ليس بالطريقة التي يؤمن بها من يستخدمها لعدم التخطيط لحياته. مثلاً الله لم يأمرنا بأن نقدم الكماليات على الأساسيات. وهو لم يأمرنا أن ندمن على التدخين والقات.. وغيرها من العادات المؤذية للجيب والحياة بشكل عام. اكتشفت ان اليمنيين بشكل عام لا يعرفون اين تذهب أموالهم. لا يوجد لديهم اول الشهر موازنة فيها توقعات الصرفيات بالرغم من أن أغلب الأمور التي ندفعها بشكل شهري منتظمة ومعروفة مثل الإيجار، مصاريف البيت من خضراوات ومواد استهلاكية كالصابون وغيره وحتى المواصلات والفواتير الشهرية للماء والكهرباء، أعتقد أن هناك سببين يجعلنا لا نريد أن نوثق ما نصرفه لأننا لا نعترف بالتخطيط والتوثيق كثقافة مجتمعية، والسبب الثاني أننا نخاف من الصدمة التي ستواجهنا عندما ندرك أننا نعيش في دائرة مغلقة من الديون التي لا تنتهي. خبراء الإقتصاد يرجعون الحراف الدائم أو الإفلاس المالي المستمر عندنا بعدم القدرة على الإنتاج وفي نفس الوقت عدم تقنين الصرف. بمعنى أننا لا نحاول أن نزيد من مواردنا والكثير يكتفي بالوظيفة الواحدة إن وجدت بدون أن يحاول أن ينوع مصادر دخله. وفي نفس الوقت حتى في إطار عملنا لا نحاول أن نصل إلى الكفاءة والفعالية ونكتفي بأقل ما يمكن عمله بحيث لا نخسر وظيفتنا. على سبيل المثال، يقوم الموظف في القطاع الخاص على وجه العموم بتنفيذ ما يوكل إليه من مهام بطريقة بطيئة وغالباً في اللحظة الأخيرة وبدون إتقان. وبالتالي أولاً الرضا الشخصي بالعمل غير موجود ومن ثم رضا المدير عن الموظف بالإضافة إلى غياب روح المبادرة والإضافات النوعية للعمل من ناحية التميز الكمي أو النوعي. القطاع العام المصيبة أدهى وأمر ولا داعي للخوض فيها لكي لا ندخل في اكتئاب مستمر. فالمشكلة الأولى أننا لا نحب العمل ولا نريد أن نتعب ولذا يكون المردود المالي قليلاً. وأقول هذا من تجربة شخصية ليست فقط لي ولكن للكثير من العاملين في القطاع الخاص الذين أعرفهم.. إننا عندما تكون لدينا وظائف شاغرة نتعب كثيراً حتى نجد الأشخاص الذين يرغبون بالعمل بصدق ولا توجد لديهم أي مشكلة في أن يتعبوا في العمل حتى يتعلموا ويكتسبوا الخبرات. الكثير من الشباب الذين التقيت بهم مسألة التطوع أو التدريب عندهم خرافة ولايمكن ان يعملوا بدون أجر أو بأجر بسيط حتى يكتسبوا الخبرات وإن كان البديل هو البطالة. وبالنسبة للصرف غير المحسوب فحدِّث ولا حرج، عندما نشتري شيئاً الكثير منا لا يفكر هل هذا ضمن الميزانية أم لا؟ أو ما الذي لن استطيع أن أشتريه إذا اشتريت هذا؟ ولعل أهم مشكلة في صرفيات اليمنيين هي القات الذي بسببه تبدأ الديون قبل نهاية الشهر. لو كل واحد منا بدأ يكتب ما يصرفه بشكل يومي لأمكنه أن يحدد مشكلته المادية وأين يذهب المرتب. أيام معدودة ويبدأ الشهر الجديد والسنة الجديدة. ليكن هذا قراراً نلتزم به من أجل تحسين حالتنا المادية بأن نسجل كل صرفياتنا ونضع موازنة تقديرية في أول كل شهر ونحاول أن نقتطع مبلغاً حتى ولو ألفي ريال شهرياً لتوفيره على مبدأ القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود. وتكون الخطوة التالية أن نرى كيف يمكن أن نرشد إنفاقنا بحيث تقل مصاريفنا او نهتم فقط بالأساسيات متخلين عن الكماليات أو بعضها على الأقل. بعد أن نرشد إنفاقنا نبحث عن كيفية زيادة الدخل إما عن طريق عمل جديد أو التطور الوظيفي في العمل الحالي أو حتى أعمال حرة هنا وهناك والقيام بمهام مختلفة تدر علينا ولو مبالغ صغيرة تعيننا على الحياة.ما رأيكم أن تكون 2014 سنة لا نتدين فيها أي مبالغ بل بالعكس نوفر فيها ونسعى لتنظيم حياتنا مادياً لنتخلص من حالة الحِراف للأبد. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي