دلالات التمرُّد على الرَئيس

كتب
الاربعاء ، ١١ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٣٧ مساءً
بقلم/ عبدالله الحاضري
بقلم/ عبدالله الحاضري

كُلَّما مرت الأيام وتسارعت الأحداث على كل المستويات ظهر بوضوح حجم الإشكالية في تركة النظام واستبان أنّه كان نظاماً أسرياً إقطاعياً بامتياز، سخَّرَ كُلّ إمكانيات البلد لصالح إقطاعيته، خاصةً القوات المسلحة التي سيطر عليها بيدٍ من حديد وجعلها مُغلقة عليه وحده وخصّصها فقط لحماية مصالحه وأشخاص إقطاعيته دوناً عن الشعب, وعيّنَ على كُلّ رأس مجموعة عسكرية أحد أركان إقطاعيته وأطلق عليها مُسميات وطنيـة وبذلك أصبحت وزارة الدفاع مُفرّغة تماماً من محتواها وأصبح وجودها شكلياً أمام الشعب لإضفاء المشروعية على سياسة الإقطاعية في الجيش.

إنَّ تمرُّد قائد الدفاع الجوي السابق على الشرعية الدستورية ورفضه الامتثال للقرارات الجمهورية ما هو إلا نموذج يعكسُ نفسية الإقطاعيين التي ترى في الخضوع للقانون تدميراً لإقطاعيتهم التي بنوها وترى في الخضوع للقانون سلباً لامتيازاتهم الأميرية، فاليمن في عقولهم ومنهجيتهم ملكية وإقطاعية خاصّة بهم والشرعية القائمة الآن تُنازعهم هذا الحق وتقضي على إقطاعيتهم التي أسّسوها كما يقولون طوبةً طوبة طيلة ثلاثين سنة.

نعم سيتمرَّدون، أيها الرئيس، أنت بقراراتك لا تُزيحهم عن مناصب عسكرية ولكنّكّ تبني وطناً على أنقاض إقطاعيتهم المشؤومة، سيُحرِّضون عليك سيتّهمونك، سيقولون فيكَ قدحاً ما لم يقله احد، سيُدمّرون الكهرباء ويُهَددّون بإسقاط الطائرات ويُغْلِقون المطارات ويفتعلون الأزمات، فهم أحرار في إقطاعيتهم وما أنت إلا مُزعج لهم والتخلّص مِنكَ الآن فكرة أمام العالم تكاد تكون مجنونة، سيخضعون لك خضوع الإلجاء مادامت إقطاعيتهم ستظل بأيديهم، لن يُسَّلِّموك منها إلا ما هو غير ضروري ولن يؤثر على بقائهم ولا على إقطاعيتهم ،أنت أيها الرئيس لست وطنيّاً من وجهة نظرهم، فالوطن داخل الإقطاعية وأنت تريده خارجها والردُّ سيكون تماماً كما حدث في الجوية واللواء الثالث حرس ولا بأس من قصف منزل اللواء علي محسن، فهو في كلا الأحوال قد خرج من الإقطاعية وخُروجاً كهذا يستدعي عقوبةً بكل خشونةٍ وقوة حتى يتّعظ الرئيس ولا يجبرهم على قصف بيته إذا ما أصّر على الخروج كُل يوم من دائرة الإقطاعية، كان التمرُّد قراءةً حقيقية للمستقبل وكشفاً غيبياً للحدود الجغرافية والسياسية لإقطاعية الأسرة الحاكمة سابقاً وطبيعة إمكانياتهم المادية في الرد على كل من يحاول الاقتراب من الأسوار التي أحاطوا بها أنفسهم كسور الدفاع الجوي والحرس,فمن وجهة نظرهم ما يقومون به ليس تمرداً وإنما دفاع شرعي ضِّد كل الدخلاء من خارج الأسوار وأسوأهم على الإطلاق من يستحقّ أن يُقصف بيته بالمدفعية أحياناً وبالدبابات أحياناً أخرى.

أيها الرئيس الوطن كُله خارج أسوار إقطاعيتهم، وطنٌ مُعذّب جريح يلفُّه الجوع وتكتنفُه الأمراض ومستقبلهُ مجهول, وطنٌ ينزفُ كُل يوم الدم, نزفَ في ثورته، نَزفَ من المنحرفين فكرياً من أبنائه، هذا الوطن خارج أسوارهم ويخشون منه، فهو قادرٌ على أن يُزيل إقطاعيتهم ويتحرر من استعبادهم ؛يخشونه لأنهم لم يُشعِروه في يومٍ من الأيام بأنّه وطنْ وله كرامة، تعمّدوا أن يظلّ خارج التاريخ ليبقى داخل إقطاعيتهم المأفونه.. نعـم، سيتمرَّدون عليك، لكنّكَ الأخ الأكبر لكل يمني ويمنية خارج أسوارهم وخادم أمين لوطنٍ كبير اسمه اليمن, تَحمّل فأنت تطرق التاريخ بقلبك وعقلك وهل التاريخ في نهاية الأمر إلا تقييم لقلبٍ اتسع لكل القلوب وعقل أحتوى كل العقول.. تَحمّل حتى أولئك القابعين داخل الإقطاعية وإن تمردوا فتمردهم إرهاصات على أنهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة..

المصدر / أخبار اليوم

الحجر الصحفي في زمن الحوثي