جميعنا قتلة

عبدالله دوبله
السبت ، ١٤ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
 
 
 
اياً كان هو ذلك القاتل المتوحش في مستشفى وزارة الدفاع، من نفذ ومن خطط، لا يعفينا ذلك من المسؤولية.
 
فالمجتمع الذي يمجد القتل، ويقسم الناس كأشرار وأخيار، كفار ومسلمين، معي وضدي، هو مجتمع قاتل بالضرورة، أتحدث هنا عن المجتمع لا عن الدين، ففي الأخير أي دين هو دين المجتمع الذي يعتنقه، فهومه وتصوراته عن الدين لا حقيقته.
 
أعجب لكل هذا النفاق الذاهل أمام جريمة العرضي، وكأن أولئك القتلة ليسو منا، أو جماعة غريبة أتت من الفجأة، هم في الأخير حصيلة هذا المجتمع المتوحش والبليد، ونمط تفكيره وأوهامه عن الدين، وعن الجهاد وحور العين، والجماعة القليلة من الأخيار المقاتلة و الثابتة على الحق حتى قيام الساعة.
 
من منكم هو ليس مؤمن بكل تلك الترهات، من منكم لم يبتهج لذلك العبث الذي كان يحدث في أفغانستان تحت مسمى الجهاد، من منكم لم ينشد لذلك اللواء المتعطش دائما للمزيد من الدماء. "لبيك إن عطش الدماء سكب الشباب له الدماء"..
 
من منكم لا يعتقد أن أسامة بن لادن هو ليس بطلا، حتى من يختلف معه هو لا يختلف معه على ما كان يفعله، و إنما لرؤيته أن هو من كان أهلا لهذا الدور، حسين الحوثي أحد أولئك المختلفين المتشابهين، بل لا تزال جماعته تمارس القتل أيضا وإن بدا لها أنها على الضفة الأخرى من القتل. جميعنا قتلة، الفرق فقط هو في المكان الذي نحن فيه كمؤمنين بالقتل أو ممارسين، ولا تختلف القاعدة عن الآخرين إلا في ذلك المكان القصي والأبعد الذي سبقت إليه الجميع. المجتمع الذي يعيش فوضى التدين أو حتى فوضى الأفكار الوافدة مع عصبويات البدوي وجهالته، هو مجتمع عدمي، ليس القتل كفكرة أو ممارسة إلا أحد مظاهره البارزة.
 
لكن من يقنع هذا المريض أنه مريض فعلا، سأجد هنا ومن كل التيارات المختلفة في مظهرها المتشابهة في جوهرها من ينفي وجود هذا المرض، وسيتحجج الجميع بتلك المؤامرات التي تحاك لنا في الخارج، وأن كان، ألسنا نحن أيضا مهيئون لآن نكون أدواةً لتلك المؤامرات.
 
إن لم يكن ذلك الجهاد في أفغانستان ابتداءً تحت أجندة المخابرات الأجنبية، من ذلك النوع فما هو إذا؟!، دعونا لا نذهب بعيدا، للنظر للذي يحدث الآن في دماج على ضفتي الصراع أليس جميعهم يقاتلون تحت راية الجهاد ذاتها.
 
دعوكم من المتقاتلين، هل أحدكم إلا متورط في تلك الحرب أيضا، مع هذا الطرف أو ذاك تحت ذات الحجج المستخدمة على الضفتين، الجهاد، ونصرة الدين ومعركة الأخيار مع الأشرار والضالين من رافضة أو نواصب، أو عملاء وخونة.
 
لا أحد هنا ينفي الدافع السياسي للجريمة في العرضي، هي ربما تكون كذلك بالفعل، لكن هل كان ذلك المخطط للجريمة سينجح إن لم يكن هناك مجتمع قاتل بالفطرة ومهيأ تحت مقولات وترهات دينية لا تزال سائدة وممجدة لآن يكون أدوات قتل. في مجتمع مماثل وأي كان غرضك وهدفك لا تحتاج لجهد كبير لتحصل على كائنات بشرية قاتلة. لننجو من كل هذا التوحش.. نحتاج لشجاعة خارقة، شجاعة الاعتراف قبل أي شيئ آخر..
الحجر الصحفي في زمن الحوثي