ما نريده من الرئيس ؟!

كتب
الأحد ، ١٠ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٠٩ مساءً

 

حذر الرئيس عبد ربه منصور هادي- أثناء اجتماعه الثلاثاء الماضي برئاسة هيئة مؤتمر الحوار الوطني من أسماهم" الذين يظهرون ما لا يبطنون وليس من مصلحتهم خروج اليمن الآمن"- حذرهم من محاولة عرقلة مؤتمر الحوار, مشيراً إلى أن المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة ومجلس الآمن لن يسمح بإعاقة مسيرة هذا الحوار الذى اوشك حسب قوله على الاختتام والتوصل إلى النتائج المرجوة منه .. ومن المؤكد أن الاستياء الذى عبر عنه الرئيس هادي في هذا الاجتماع لم يكن سوى مؤشر بارز يعكس امتعاض الرجل من مواقف بعض القوى والذى اكتفى بالتلميح إليها من دون تسميتها صراحة, تاركاً للناس حرية الاستنتاج لقناعته أن الكشف عن هذه القوى أو الجهات ربما قد يؤدي إلى حساسيات هو في غنى عنها في الوقت الراهن الأمر الذي استعاض عنه بدعوة كافة القوى إلى تغليب المصلحة العليا لليمن على ما عداها من المصالح الحزبية والشخصية والجهوية والقبلية والمذهبية. 

غير أن ما تم إغفاله من حيث المبدأ والمرور عليه مرور الكرام- في اجتماع رئيس الجمهورية بهيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني- هو بالتأكيد مصارحة الشعب بالقضايا التي مازالت مثاراً للخلاف وحدود هذا الخلاف وسقوفه والمرجعية التي ينبغي العودة إليها لحسم مثل ذلك الخلاف مع أن مثل هذه المكاشفة أصبحت واجبة بعد تجاوز مؤتمر الحوار للفترة المقررة له وتعثر أعماله رغم التمديد له نتيجة بعض الخلافات بين أعضائه؛ إذ أنه من المنطقي أن يكون أبناء المجتمع على اطلاع بما يعتمل داخل هذا المؤتمر, وأين تقف التيارات والمكونات المشاركة فيه من القضايا المطروحة للنقاش ؟, وهل الخلاف فيما بينها حول الأهداف العامة أم انه يتركز في التفاصيل أم أن الأمر لا يعدو عن أن هناك من يتقمص دور الضحية الساذجة ويتحرك على قاعدة المبدأ الميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) من اجل تفخيخ الحوار وممارسة الابتزاز لمجرد الحصول على بعض المنافع الحزبية والشخصية على حساب المصالح الوطنية العليا ؟. 

بيد انه وعلى الرغم مما قد تظهر من ملاحظات على هذه المكاشفة والمصارحة مع الشعب فأنه وبعد ما يقارب من ثمانية شهور من الحوارات لم تعد تكفي البيانات الرسمية المقتضبة التي تتحدث عن أن الحوار قد دخل محطته الأخيرة وانه شارف على الانتهاء, فيما الجميع يسمع ويقرأ عن معوقات كثيرة مازالت تقف في طريق هذا الحوار وان هذه المعوقات الناتجة عن تباينات المواقف هي من قد تدفع به إلى الفشل في أخر المطاف ولذلك فان ما ينتظره عامة اليمنيين من الرئيس الذى انتخبوه ومنحوه ثقتهم هو أن يسمعوا منه تفسيراً واضحاً وصريحاً لما يجري خلف كواليس المؤتمر ومتى سينتهي الحوار؟ وما هي محددات السقوف التي سيفضي إليها بشأن وحدة البلاد وشكل الدولة الاتحادية وموقف الرئيس هادي من التصعيد الذي تشهده محافظات الجنوب ومن يقف خلف هذا التصعيد ومن هي الجهات التي تموله في الداخل والخارج ؟ حيث وان الناس على استعداد لتحمل مزيد من المصاعب لو انهم قد وجدوا رؤية واضحة يمكن أن يروا من خلالها نقطة ضوء في نهاية هذا المسار الغامض .. ونعتقد أن ليس من مصلحة الرئيس أن يتحمل وحده وزر مشاعر الإحباط والمخاوف التي باتت تسيطر على غالبية أبناء الشعب والذين تركوا فريسة للشائعات التي تقض مضاجعهم ليلاً ونهاراً. 

ولا نخال أن ثمة عائقاً يحول وقيام الرئيس هادي بإنهاء البلبلة التي اتسعت رقعتها إلى درجة القلق من خلال طرح الأشياء كما هي بوقائعها الفعلية ودلالاتها السياسية لا كما يتمنى أن يراها خصوصا وهو من تعهد عند تحمله المسئولية بأنه الذى سيحرص على عدم تغيب الشعب حيال ما يتصل بكل تطورات الحوار وحيثياته والظروف المحيطة به ومن هذا الالتزام فلابد وان يسمع المواطن اليمني من الرئيس هادي شخصياً ومباشرة غير كل ما سمعه منه أو نقل عنه أو عن مصادر مسئولة في جهاز الحكم وبما يجعله يقف على توصيف حقيقي للأسباب التي كانت وراء إطالة مدة الحوار والتي استطالت حتى كادت تبدو بلا نهاية. 

الواقع أن كيل الصبر قد طفح عند أكثرية هذا الشعب الطيب الذى تحمل ومازال يتحمل الكثير من العناء بسبب صراعات السياسيين ومناكفاتهم ونقاشاتهم البيزنطية التي أمعنوا من خلالها في جلد هذا الوطن والتطاول على ثوابته وهويته بعد أن سمح لبعض المتهورين داخل مؤتمر الحوار ليس فقط بالتعبير عن مشاريعهم التفتتية وإنما أيضاً في التنفيس عن غرائزهم ومكنونات أحقادهم على الوحدة اليمنية التي جعلوا منها الشماعة التي يعلقون عليها نقائصهم وأفعالهم التي اقترفوها بحق هذا الوطن سواء حينما كانوا حكاماً للجنوب أو شركاء في سلطة دولة الوحدة أو عندما جعلوا من الخلاف الرئيسي اليوم داخل مؤتمر الحوار هو خلاف على الوحدة التي تحولت مع الأسف الشديد لهالة تحجب عنا رؤية انفسنا وتقيمها تقيماً صحيحاً فقد اتخذناها عائقاً ذاتياً لتبرير تخلفنا وجهالتنا وعجزنا وتخاذلنا طيلة اكثر من نصف قرن عن بناء دولة النظام والقانون و المواطنة المتساوية والحرية والعادلة الاجتماعية. 

وكم أتمنى من الرئيس هادي أن يستفزنا ويستنهض همتنا من اجل إقامة أركان هذه الدولة الحديثة لا أن يدغدغ مشاعرنا بمستقبل لازال في حكم المجهول وان يقول لنا بصراحة متناهية إلى أين يتجه الوطن لا أن يأسرنا بنواياه الحسنة تجاه حوار مازال يلفه الكثير من الغموض وتعبث به العديد من الأجندة الملتبسة والمواقف المتلونة التي نبدو أمامها تائهين ومرتبكين لا نعرف من نصدق وماذا نكذب وأين تقع الحقيقة وسط بحر من (الإعلام المضلل) و (الإعلام الأبكم)؟ 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي