النار القادمة من اليمن

كتب
الثلاثاء ، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٥:١٧ مساءً

 

سواء صدق الخبر الأمني في قدرة “الداخلية” على إفشال عمليتين انتحاريتين استهدفتا منشأة بلحاف الاستراتيجية أم كان لرفع معنويات رجال الأمن، فهو في الحالتين يؤكد وجود فشل ذريع في خطة الانتشار الأمني، وضرورة ملحة لإعادة النظر في تلك الخطة، وإعادة النظر في هيكلة المؤسسة الأمنية. 

فوجود طقم و10 أفراد في الطرقات الاعتيادية أمر مقبول، أما في المناطق المتوترة أمنياً فالمسألة تحتاج خططاً ذات مستويات عالية، وأجهزة حديثة للكشف عن المتفجرات، وتدريبات نوعية، وحوافز ومزايا للأفراد، ترفع من هممهم ومعنوياتهم، وقبل ذلك يجب إشراك الجيش في تأمين الطرقات والمنشآت الحيوية. 

وأجدها متلازمة قذرة تحركها أيادٍ محروقة: تفجر أنابيب النفط، وتضرب أبراج الكهرباء، وتغتال الجنود الأبرياء، كل ذلك مقدمات لعمليات قذرة ستشهدها اليمن، كلما اقترب موعد الحسم في مؤتمر الحوار الوطني، وكلما اشتد الصراع داخل فريق العدالة الانتقالية، واتسع الحديث عن الحصانة والعزل السياسي (لست مع حل حزب المؤتمر “الحاكم سابقاً” لأن الحزب بقيادته الحالية يفتت نفسه كل يوم، وإذا صدقت الأخبار عن توجه جاد في الأمانة العامة لفصل نائبي رئيس الحزب سيكون المؤتمر قد وضع قدمه في الطريق التي يريدها خصومه، لأنه طريق يؤدي إلى التشظي، إن لم يؤدِ إلى المزبلة). 

ولو كانت الهجمات الإرهابية نجحت في الوصول إلى منشأة بلحاف النفطية والغازية، - وهي الثانية عربياً في ضخامتها وطاقتها الانتاجية- فإن اليمن ستدخل في نفق مظلم من الأزمات، والعجز في الميزانية، ومن المؤكد أن الدولة ستصل إلى مرحلة تعلن فيها عجزها عن دفع رواتب موظفيها، ما يعني أن مليون موظف سيضطرون للنزول إلى الشوارع للبحث عن لقمة العيش، بأي ثمن، وبأي طريقة، وإن لم تكن مشروعة، وأن المعسكرات ستفرغ من رجالها، الذين ستضطرهم الحاجة إلى الخروج بسلاحهم، بحثاً عن قوت أطفالهم، وستفرغ مخازن الأسلحة، وتصل إلى يد تجار الحروب، وربما تصل إلى أيدي الإرهابيين. 

ويوماً عن آخر ستكبر كرة النار، وستقترب من شرايين النفط المسترخية في جزيرة العرب، وسفن الشحن المارة بجوار المسلح الجائع، (30 % من نفط العالم يمر من باب المندب) وسترفع شركات الشحن الذاهبة إلى دبي رسومها، لأنها تخاطر وتمر قرب النار المشتعلة، ولن يكون أحد في مأمن، وستتحول اليمن بموقعها الاستراتيجي الثمين إلى مركز عالمي لتجارة السلاح والمخدرات، وأرض خصبة لنمو الأفكار المتطرفة، وتصدير المقاتلين إلى حيث لا يريد الآخرون... ومن يستطيع لحظتها أن يكبح الجماح ويسيطر على الموقف المنفلت فهو واهم !!. 

على المجتمع الدولي وفي مقدمته دول الجوار أن يعوا أن اليمن ليست دولة نائية في ادغال أفريقيا، بل دولة لها أكثر من 1300 كيلومتر حدود برية مع السعودية وعُمان، ولها شريط ساحلي يتمدد فوق بحرين بطول 2200 كيلومتر، وتشرف على أهم مضيق تجاري عالمي.. وعليهم أن يختاروا بين تنمية هذا البلد والكف عن ايذائه أو النفخ في كرة النار، التي تشتعل فيه. 

والآن، لا فعل في الأرض، ولا حل في الأفق، سوى تكاتف جهود اليمنيين في الداخل، وتعاون المجتمع الدولي وفي مقدمته أمريكا ودول الخليج لمحاربة هذا التطرف، وضرب رؤوس من يعرقلون التسوية السياسية، ويضعون العقبات في طريق مؤتمر الحوار، بقسوة أشد من تلك الموجهة للقاعدة والإرهاب، لأن فشل مؤتمر الحوار لا يعني غير تفكك البلاد والاحتراب الداخلي، والذهاب إلى الجحيم، التي ستلتهم نارها اليمن ودول الجوار. 

 

[email protected] 

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي