لماذا يُهان اليمني في كل مكان؟!

كتب
الاربعاء ، ١٧ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٦:١٥ صباحاً

 

أفزعني جدا وفاة طفل رضيع من شدة البكاء في منفذ الطوال البري مطلع هذا الشهر الكريم.. ملابسات وفاة الطفل تختزل في ان اليمني رخيص بسبب حكومته وقيادته وكبرائه ووجاهاته الذين يمدون اياديهم صاغرة الى السعودية والى غيرها واستلام الاعتمادات المالية منها، وفي سبيل ذلك يهون كل شيء.. كرامة أبنائهم وقتلهم بدم بارد على الحدود، او "تحويشهم" بالاسلاك الشائكة كالاغنام..!

 

تبدأ القصة عندما تباطأ بعض موظفي المنفذ السعودي وتأخروا في فتح شباكهم لاستقبال الجوازات رغم ان الزحام على أشده في المنفذ والسيارات تخنق الناس المنتظرين والنساء والاطفال بعوادمها، والحر شديد في تلك المناطق، والشباب في غرفهم المكيفة يأخذون قسطا من الراحة "القيلولة"..

 

هذه الاجواء المستفزة، واللامبالاة غير الطبيعية لدى اولئك الموظفين دفعت احد كبار السن للاحتجاج ورفع صوته والضرب بقوة على شبّاك الموظفين وهو يصيح عليهم، وربما يكون مصابا بالسكر او الضغط او كليهما معاً شفاه الله، وهو حسب معتمرين حاضرين المشهد ثمانيني السن وربما اكبر..

 

هذا التصرف من هذا العجوز كهرب الموقف، واستنفر الموظفين السعوديين وهم شباب صغار السن كما قال شاهدنا الذين كان حاضرا المشهد، وربما موظفين جيء بهم للتعلم في المنفذ وممارسة عُقدهم المتراكمة في عدم المعرفة وقلة التعليم تجاه اليمنيين، وبعد ان يُجيدوا العمل ويمارسوا المسؤولية وتتطور مداركهم وامكاناتهم الذهنية والفنية يتم نقلهم الى أماكن اخرى أفضل حالاً من منفذ الطوال الذي يعتبره الشباب السعودي منفى او عقاب يتم إنزاله عليهم، وبهذه النفسية السيئة يتم التعامل مع عملاء هذا المنفذ من المعتمرين والحجاج والعمالة اليمنية التي تجتازه دخولا وخروجا..

 

* يمنيون يقتلون بشكل شبه يومي على الحدود السعودية بقناصة المجاهدين!!، ولاادري سببا وجيها لاطلاق هذه التسمية على هذه الشرطة التي تراقب الحدود بين البلدين، ومعهم توجيهات صريحة بان اي هارب يطلق الرصاص عليه فورا، وربما ينظرون الينا نحن اليمنيين ككفار لأن المجاهد لايجاهد مسلما..!!.

 

* خلال الفترة القليلة الماضية عندما تم طرد مئات الالاف من اليمنيين الذين كانوا يُساقون كالاغنام من كل المدن السعودية باتجاه اليمن، وكانوا يسيرون سيرا على الاقدام على طول الشريط الساحلي القادم من جدة عبر سواحل البحر الاحمر وصولا الى جيزان ثم اليمن، وهناك تسجيلات فيديو كثيرة لمن يريد ان يراها ومحملة على النت، حدثت العديد من حوادث السيارات التي راح ضحيتها عدد كبير من اليمنيين الخارجين باتجاه اليمن.. السؤال هو: هل كلفت حكومتنا الرشيدة نفسها مجرد السؤال حول عددهم، وهل ساهمت في إخراج جثثهم وتسليمها لاهاليهم..!!

 

* غالبية اليمنيين الذين يموتون في السعودية او مصر او الاردن او اي دولة من دول العالم يتم التوجه مباشرة لجمع التبرعات والتحدث مع رجال البر والاحسان من رجال الاعمال للتكفل باعادة الجثامين الى داخل الوطن بسبب رفع تكاليف الجثامين في الخطوط الجوية، ولم تكلف حكومتنا الرشيدة نفسها عناء بحث هذه الاشكالية مع الجهات المختصة في طيران اليمنية على الاقل وليس مع الخارج..!!

 

هذه فصول بسيطة من فصول المعاناة التي يجدها اليمني في كافة انحاء العالم، حيا وميتا، غنيا وفقيرا، مسؤولا ومواطنا، المهم انه يمني، حيث يتم تقييمه من جواز سفره، ويتم التعامل معه بشيء من الدونية والاحتقار، خصوصا في دول الخليج، أشقاءنا الاقربين!!..

 

* في الكويت تم القاء القبض على يمنيين معهم اقامات نظامية وكفلاء "!!"، ومع ذلك يحقق معهم ثم يخلى سبيلهم، قال احد المقيمين اليمنيين في الكويت ان حادثة سرقة حصلت في أحد الاحياء السكنية؛ فما كان من الشرطة إلا ان داهمت احدى الشقق التي يسكنها عدد من العمال اليمنيين واخذتهم جميعا وعددهم يزيد عن 11 عامل بتهمة السرقة، وأودعتهم السجن لأكثر من 7 ساعات ثم تم التحقيق معهم صباح اليوم الثاني وهو التحقيق الذي لم يخلُ من الاهانات المباشرة وغير المباشرة لهم شخصياً ولبلادهم "اليمن"، والتعريض بذكر القات، حيث كانوا يقولون له "جاي تسرق عشان تروح تخزن قات في اليمن"!!، وبعد كل هذا لايُطلقون إلا لأن سكان الحي استطاعوا ان يتعرفوا على اللصوص الذين سرقوا المنزل، وهم عصابة آسيوية متفقة مع خادمة المنزل، فتم إخلاء سبيل اليمنيين، ولو لم يتم القبض على اللصوص لكان الامر اختلف كثيرا..

 

* في الإمارات يتم إلقاء القبض على يمني مقيم ولديه في السيارة "تخزينة" قات فيتم التحقيق معه في الشرطة في أجواء غير طبيعية، ثم يتم تحويله الى المحكمة ويُحكم عليه بالإعدام..!!

 

لستُ مع الدفاع عن مثل هذا اليمني "الغبي" الذي اتبع شهوته في تناول القات في بلد هو يعرف انه ممنوع فيها، ومع ذلك خاطر بحياته وحياة اسرته واطفاله ومستقبلهم في سبيل تخزينة وراحة ساعة أو ساعتين، لكني مع آدمية الانسان وان يتم انزال العقوبة على قدر الجُرم، وان القات "بلوى اليمن واليمنيين وسبب تأخرهم" ليس بالجرم الذي يمكن ان يحكم على متناوله بالاعدام لاسيما والكمية التي تم ضبطها معه لاتتجاوز تخزينة واحدة وليست طن حتى يكون عبرة لغيره من مروجي المخدرات الذين يتم التساهل معهم نظرا لانهم ينتمون الى دولٍ خليجية وايران..!!.

 

* لازلتُ اتذكر احد اعضاء مجلس النواب وهو يسخط على الجواز الدبلوماسي ويلعن الخارجية والدولة والحكومة "هذا قبل 2011م والدولة لازالت متماسكة والنظام واحد!!" وكان هذا السخط بسبب زيارته لاميركا ضمن برنامج اميركي مقدم من الخارجية الاميركية..

 

يقول العضو الذي لااريد ذكر اسمه لانه كان يحرص عند سرد قصته على قول "هذا ليس للنشر"، قال انه عندما وصل الى المطار تم ايقافه في طابور طويل، وكان يشير الى الموظف بالجواز الدبلوماسي، الا ان الموظف الاميركي لم يعره اهتماما، فتقدم لكي يتحدث للموظف الا ان الامن الاميركي تقدم نحوه بسرعة وجذبه بقوة لإعادته الى مكانه في الصف خلف الزجاج، وعندما كان يلوح بالجواز الدبلوماسي جاء اليه احد الموظفين واخذ الجواز وقلبه وقرأ هويته ثم طلب منه البقاء في مكانه..

 

يقول ويحلف بأغلظ الايمان انه شاهد جنسيات اخرى كانت قادمة على ذات الرحلة وربما ذات البرنامج الاميركي وكانت تحمل جوازات دبلوماسية؛ كانوا يعاملون معاملة خاصة ويتم ادخالهم من باب آخر غير الصف والطابور الذي وقف فيه لمدة طويلة، ثم التفتيش المهين الذي تعرض له في المطار ولم يتم الالتفات الى جوازه الدبلوماسي وعضويته البرلمانية.!

 

* اليمنيون هم المتبقون الوحيدون في سجون غوانتنامو وباجرام وبعض المعتقلات الاميركية الاخرى، واليمنيون هم الوحيدون الذين لايتم السؤال عنهم من قبل سفاراتهم او قنصلياتهم اذا قبض عليهم في اي مكان في العالم، واليمنيون هم الوحيدون الذين لديهم ملحق دبلوماسي باسم "الملحق العمالي" ليس له اية علاقة بالعمالة ولا بالجالية إلا في المناسبات الوطنية والاحتفالات الرسمية فقط..

 

* النظام السابق أهدر كرامتنا كيمنيين في كل انحاء العالم وجعلنا في ذيل القوائم العالمية والتقارير الدولية ضمن الدول الفاشلة والتنمية المنعدمة والفقر المدقع والبطالة المتفشية والفساد المستشري والرشوة المقننة والامراض القاتلة والاوبئة المعدية ووفاة الامهات والاطفال، وكل التقارير السلبية التي تصدر هنا او هناك لابد ان ترى اليمن والصومال تتصارعان على المرتبة الاخيرة وبعض الاحيان تتقدمنا الصومال رغم انها غير مستقرة وفي حرب اهلية منذ مايزيد عن 23 عاما.!!

 

لستُ مع البكاء على الاطلال وتحميل النظام السابق كل مانحن فيه اليوم، واعتباره شماعة نعلق عليها فشلنا الى يوم الدين كما كان يفعل هو مع الامامة، لكني فقط اريد ان ابني على ماسبق، واننا نعيش اليوم في زمن اللا دولة، في ظل حكومة الوفاق الوطني التي تتقاسم المناصب والمكاسب وخيرات البلاد الاصلية والوافدة، ولاتقدم اي شيء للمواطن المسكين المغلوب على امره والذي بدأ يعظ انامل الندم على تشجيعه ومشاركته في الثورة الشبابية التي أطاحت بالنظام السابق الفاسد المفسد وجاءت بهؤلاء الاوباش، غير القادرين على ادارة حياتهم الشخصية فضلا عن ادارة دولة بمقدراتها واجهزتها المختلفة..

 

* أما رئيس الجمهورية فحدث ولا حرج، شخصية هادئة للغاية.. مسيرٌ من قبل رعاة المبادرة الخليجية، الاوصياء على اليمن، الذين عملوا المبادرة وتقدموا بالحلول وقدموا المساعدات الوهمية التي لم ولن تصل الى اليمن؛ والشعب اليمني يعرف انهم فعلوا مافعلوه ليس من أجل سواد عيون اليمنيين ولامن اجل الحفاظ على دمائهم وأعراضهم، لكنهم كي يحافظوا على مصالحهم وكي لاتذهب اليمن الى حرب أهلية، لانهم يعلمون ان اليمن لو انزلق الى العنف وذهب الى الحرب الاهلية لاقدر الله؛ فان الممرات الدولية ستغلق، ومنابع النفط القريبة منا في السعودية والخليج سيتم استهدافها، وبالتالي سترتفع اسعار النفط الدولية وتنقطع امدادات النفط الخليجي الذي يمثل 70% من نفط العالم الى اميركا واوروبا.

 

* أين المخرج وماهي الحلول كي تعود اليمن قوية عزيزة؟

 

- اعتقد ان المخرج صعب جدا وربما مستحيل، فطالما ان قياداتنا السياسية والعسكرية، ووجاهاتنا القبلية والاجتماعية يبحثون عن تمويلات مالية تارة في السعودية وتارة في ايران وتارة في قطر وقبلها ليبيا واميركا وبعض الدول التي تمول جماعات معينة، طالما والامر هذا فلن تقوم لنا قائمة، ولن نستطيع ان ننهض ببلادنا وان تكون لنا كرامة بين الامم، والحل ان يخارجنا الله من كل هؤلاء "صالحهم وطالحهم" بأن يُقيض الله لنا رئيسا من بيننا، نظيف اليد، عفيف اللسان، يحب اليمن وابناءها، ويعمل على النهوض بها بعيدا عن كل الموجودين حاليا في السلطة.. والمعارضة، فهم الوجه الاخر للنظام السابق والحالي وكل شيء يتم بمباركتهم وان كانت ضمنية، واعذروني على الاطالة..!!.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي