مواطـــن رخيص..وحكومات عزيزة

كتب
الاثنين ، ١٧ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٢ صباحاً


بقلم- منال الأديمي :

انتشر مؤخرا مقطع فيديو على موقع يوتيوب تظهر فيه نيران تتوهــج وتشتعل تحت الأرض في منطقة «حي السلام» بمحافظة الحديدة اليمنية ,الأمر بث الخوف الشديد في قلوب سكان المنطقة لعدم القدرة على إيجاد تفسير علمي لهذه الظاهرة الغريبة.
ويقول المواطنون هناك و منذ حوالى 10 أيام وبشكل مفاجئ تصاعدت أعمدة دخان وانبعثت من الأرض ثم تلتها نيران أحدثت تشققات ومنذ يومين زادت النيران اشتعالاً ,وهي في تزايد مستمر توجه أهالي الحي للجهات المختصة و لا حياة لمن تنادي ولم يأت أي فريق مختص من قبل الجهات المختصة والمجلس المحلي بالمحافظة حتى اللحظة لمعرفة سبب هذه الظاهرة الغريبة والفريدة من نوعها التي أحدثت الذعر الشديد في المنطقة ظاهرة طبيعية غريبة مثل تلك كانت لتوقف أي حكومة في بلد ما يحترم مواطنيه ويقدر حياتهم على قدم وساق لكن حكوماتنا العزيزة لا يشد انتباهها شيئاً من معاناة مواطن رخيص فانتباهها مشتت بجمع أكبر قدر من الإخفاقات.
(الكهرباء طافي ولا ... ) لم تعد مكالماتنا الهاتفية او محادثاتنا العادية أو حتى جلسات الود وصحبة الأهل والأصدقاء تبدأ إلا بهذه الجملة لا بالسلام ومن ثم السؤال عن الحال وآخر الاخبار وتقديم ما لذّ وطاب كما هو معتاد بل على العكس تماماً فجلسة الود اليوم تبدأ بضوء الشموع, أو اصوات المواطير المسببة للجنون والباعثة للضيق , تعم المكان بعدها رائحة البنزين الخانقة ويبدأ الجميع بالتحية ساخراً وعوضاً عن السلام بجملة (مساءكم غُدرّة ) يبدأ بعدها السؤال عن حال الغالية المنهكة تخريباً وإصلاحاً والتى حل السؤال عنها محل السؤال عن الحال وأخبار الأحبة يليه تساؤل (صلحوا الكهرباء ولا .....) هل وصلت احدكم رسالة بعودة محطة مأرب للخدمة وما بين تأكيدات البعض ونفي آخرين وشد وجذب تنطلق تنهيدات طويلة لتنهي الجلسة بإجماع كل المتواجدين على لعنة الظلام , والمخربين , ومن ورائهم , ومن يتغافل عنهم ويتهاون في ردعهم هذا فقط مساء مواطن رخيص فيما لو احب قضاء وقتٍ ممتع .
أما حال مواطن رخيص في ما إذا زارته رحمة الرحمن بمرض و أضطر للذهاب لأي من مشافي الموت الحكومية فإن مرافقيه يعانون كل العناء في إسعافه فالحال في طوارئ هذا البلد غير الحال في كل طوارئ العالم والمعروف فيها وكما نشاهد او نسمع من أشخاص حالفهم حظ العلاج في الخارج أنك تأتي بمريضك لبوابة الطوارئ فقط ليتسلمه منك هناك ملائكة الرحمة وبلباسهم الأبيض وبعد الإجراءات والإسعافات اللازمة تأتي إليك أحدى ملائكة الرحمة بابتسامة وأمنيات بالسلامة لتطمئنك عن حال مريضك أما لدينا هنا فالأمر مختلف تماماً في هذا البلد فأنت حين تصل بمريضك لبوابة الطوارئ هذا لا يعني انك أخيراً ستجد العون والرعاية الطبية اللازمة بل على العكس تماماً فوصولك لتلك البوابة اللعينة ما هو إلا بداية ماراثون البحث والحيرة والعجز يبدأ بالبحث عن سرير أو كرسي متحرك لنقل مريضك وإن حالفك الحظ بإيجاد أياً منهما فهذا لا يعني نهاية الماراتون لكن هو بداية الجولة الثانية وهي فقرة الأحجية والالغاز والتي ما ان تنجح في حل أحدها حتى تباغت بأخرى أين المختبر ؟ أين الكشافة ؟ ولعل آخر الالغاز وأكثرها صعوبة وقسوة هي لغز أين الطبيب ؟
قد يحالف الحظ احياناً مريضك ليبقى على قيد الحياة حتى تتمكن من حل كل تلك الالغاز والاحجيات وقد يقضي فيما انت مازلت هنا وهناك تسبر اغوار ذاك المشفى الكبير إهمالاً ولا إنسانية لا يختلف الامر كثيراً مع المشافي الخاصة والأهلية فرحلة المرافق هناك تشبه كثيراً رحلة الآخر في المشفى الحكومي مع فارق بسيط هو ان المعاناة في المشافي الحكومية بأسعار رمزية فقط عكسها في الاهلية التي قد تصل أحياناً لمبالغ خيالية يترك فيها الاهل مرضاهم في حال الوفاة في ثلاجات الموتى لتلك المشافي لشهور لعجزهم عن دفع الفاتورة ويظل هناك بلا دفن الرحمة والإكرام لحين سداد الفاتورة .
كثيرة هي مواقف مواطن رخيص الموجعة في هذا البلد ومع هكذا حكومات عزيزة هي فقط ولا يسعني إحصائها الان والسؤال هنا إلى متى سنظل نحمل عار مواطن رخيص ؟ ومتى سنحيا بكرامة على هذه الارض التي غدت فيها الكرامة والراحة حكراً على الفاسدين و المتنّفذين !

الحجر الصحفي في زمن الحوثي