حتى لا يتحول الحوار الى خوار

كتب
الخميس ، ١٣ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١٠:٢٥ مساءً

 

 

 

أجدادنا الأوائل بطروا النعمة وسئموا الرخاء الذي عاشوه فكانت دعوتهم غريبة لا تستقيم مع العقل السليم ولا المنطق القويم فكانت أسفارهم من اليمن الى بلاد الشام في امن وأمان وتوفر الرزق الرغيد  وحولهم قرى ظاهرة مقدر فيها السير ليلاً ونهاراً ...ومن بوقتهم وعدم شكرهم للنعمة تمنوا زوالها وتمنوا طول الأسفار والكدح في المعيشة (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا )) وبهذه الدعوى الغبية ظلموا انفسهم فاستجاب لهم الحق سبحانه فقال عز وجل ((فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق )) اصبحوا أحاديث الناس ومضرب المثل فى بطر النعمة ،لان ابليس وسوس لهم بذلك فأطاعوه واتبعوا نصائحه ... وليس هناك من هم أغبى من قومنا في دعوتهم هذه الا أولئك القوم الذين قالو (( اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطرت علينا حجارة من السماء او أتنا بعذاب اليم )) وكان الاولى بهم والاجدر ان يقولوا ((فاهدنا)) وليس تمنى الحجارة او العذب الاليم .

ولكن  السؤال الذي يطرح نفسه هل نحن اليمانيون اليوم احسن عقلاً وإدراكاً من أجدادنا الأوائل الذين سألوا الله ان يباعد بين أسفارهم ؟  

ان المتتبع لواقع اليمنيين ونخبهم  يلمس ان العقلية هي العقلية ان لم تكن أسوء مما كانت عليه في ذلك الزمان!

فها نحن اليوم نعيش نزقاً وبطراً مع فقر مدقع ومعاناة شديدة ، والشدائد غالبا تعيد الانسان الى الحق وتجعله يستفيق من غيه ، ولكن على عكس أجدادنا الذين بطروا النعمة بعد شبع وتمنوا الأسفار وهم فى رخاء ونعيم وامن ... اما نحن فحياتنا ضنكا وأحوالنا شتات وبطوننا جوعى وفي نفس الوقت لم نتعض وكل فئه تعمل ضد الوطن دون مراعاة لوضوع الناس ومعاناتهم!

 من هذه الفئات والجماعات والنخب من تتجه بقبلتها شرقاً نحو فارس ومنهم من يتجه غرباً ، نحو امريكاوأوروبا ، ومنهم من يريد العودة بنا الى عهد القطيع والعبيد ، ومنهم من يعمل بالاجر اليومي ، مع إى جهه تدفع ، ومنهم من يعرض نفسه فى سوق النخاسة ولا يجد مشتري فيبيع ديناً لعله يجد رواجا لبضاعته ، والجميع تغيب لديهم قضية الوطن وبالتالي لا فرق بينهم سوى بالمسميات .

   ووسط هذه الظلمات المتلاطمة هناك لاشك مخلصون لوطنهم ولكنهم اصبحوا غرباء فى وسط السواد الأعظم من هذه المكونات التي لا تكاد تفقه الا الخراب والتخريب .

ان حالة اليمنيين قديماً كانت بطر بعد شبع واليوم نحن نعيش نكران للوطن وبطر مع جوع ولم يحدث فى التاريخ ان يقترن البطر بالجوع الا فى زماننا ووطننا الان . ثم ان أجدادنا عندما مزقوا كل ممزق  كانت الارض من حولهم مفتوحة لهم  بكل اتجاهاتها ليسيروا فيها فمنهم من اتجه نحو بلاد الشام وهم الغساسنة  ومنهم من اتجه نحو العراق وهم المناذرة وهناك من اتجه نحو يثرب وهم الأوس والخزرج ومنهم من اتجه نحو عمان وهم الازديون ومنهم من ركب البحر الى شرق افريقيا ، اما اليوم فنحن نخرب بلادنا وكل ماحولنا من البلدان مغلقة امامناوليس لنا مكان بديلا عن بلادنا الأ هي ، بل إن مغتربينا يطردون من البلدات التى يعيشون فيها ليعودون الينا وتتفاقم ألازمة اكثر ... ونحن بلا شعور او احساس .

 

ان المتتبع لمؤتمر الحوار الوطني وما يجرى فيه يجد جماعات واقوام لاهم لهم الا ان يضربوا او ينسحبوا  او يصرخوا ويعكروا الاجواء ولم يتقدموا خطوة واحدة نحو البناء والإصلاح او ابداء حسن النوايا ، واصبحت المكونات التى يتشكل منها المؤتمر  كابوس وعامل معطل على الوطن ومستقبله وامنه ، ولسان حال كل طرف يقول  (( ربنا باعد بين أسفارنا )).

     ان هذا الوضع الخطير الذي نعيشه يتطلب من الرئيس هادى والرجال المخلصين في هذا الوطن ان يتحملوا مسئوليتهم ولايعولوا  كثيراً على من لا يشعرون بمسئوليتهم الوطنية وليعلم الاخ الرئيس ان  قدره قد وضعه فى موضع يجب ان يكون فيه بأمة وشعب بكامله ، وسيجد معه غالبية ابناء الشعب اليمني بملايينه الهادرة  الذين يعانون الويلات ويتجرعون مزايدات المزايدين وهم صابرون محتسبون مؤمنون سيجدهم جميعا معه وحوله يؤيدونه ويناصرونه .. اما اذا استمرينا على هذا الحال فأخشى ان يتحول الحوار الى خوار اذا لم نفرق بين العقول والعجول ... ورحم الله اسلافنا فقد كانوا اخف منا كفراً واقل بطراً مما نحن عليه.

  ورغم كل ماذكرت يبقى الامل في نفوسنا هو الغالب وبالامل سنشحذ العزائم والهمم وسنمضي قدما بإذن الله وما اضيق العيش لولا فسحة الامل. 

 

 

عضومجلس النواب/ عضومؤتمرالحوارالوطني

الحجر الصحفي في زمن الحوثي