مصير الحاوي العجوز

كتب
الاثنين ، ٠٣ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١٢:٣٥ صباحاً

 

واحدة من أسوأ عيوب النظام السابق أنه استمرأ اللعب بكل الأوراق، والرقص فوق كل الحبال، بمتعة سادية، هدفها الأخير ارضاء الجميع، وضرب الكل بالكل، وشغل المكونات السياسية والقبلية ومراكز القوى ببعضها، من أجل إطالة أمد الحكم. 

الرئيس السابق قرّب كل الثعابين منه، وتراقص فوق رؤوسها بمهارة محترف، دون الانتباه إلى أن عضلات رؤوس وأجساد الثعابين تزداد قوة مع مرور الوقت، وجسده يزداد ضعفاً ووهناً بفعل الرقص المتكرر، على ايقاع واحد، ولمدة تجاوزت 33 عاماً، حتى جاءت الفرصة للثعابين ولدغته بقسوة، ومحاولة لملمتها واعادتها إلى الجراب أو قتلها، جعلته يبدو كحاوي عجوز، ضعيف القدرة أمام ثعابينه المتعملقة. 

كل يوم تتكشف حقيقة أخرى على تلاعب النظام السابق بحياة اليمنيين، وعدم جديته في بناء اليمن، وتحقيق التنمية المستدامة المزعومة، واستعادة هيبة الدولة المفقودة، بل كان “صالح” يضرب كل الفرقاء والسياسيين والقبليين ببعضهم، حتى يتحول هو إلى مرجعية جامعة للجميع، باعتباره الحريص على وئامهم ودمائهم. 

وأن يكن ذلك في السياسة، فذلك شيء موجود في ديمقراطيات العالم الثالث، وفي الأنظمة التي تسعى إلى التوريث عنوةً، لكن أن يصل الأمر إلى التلاعب بورقة التنمية والاقتصاد، فذلك سفه وقلة عقل، ويجب على عقلاء الشعب/الأمة، وفي مقدمتهم البرلمان التدخل لسحب الثقة عن الحاكم، لأنه لم يعد قادراً ولا مؤتمناً على مصالح الناس، وتحول الدستور في يده من عقد اجتماعي بين حاكم ومحكوم، إلى ممسحة ينظف بها الحاكم أخطاءه، أو يمرر من خلالها رغباته، وقد قضت المحكمة الدستورية مؤخراً ببطلان عدد من مواد قانون السلطة القضائية التي تتعارض مع نصوص الدستور، لأن من وضعها سعى من خلالها إلى تمرير مصالحه. 

وتلاعب “صالح” بورقة الاقتصاد والتنمية لم يكن من خلال ترك حبال المتنفذين تلتف حول اعناق المستثمرين، أو عدم توفير بنية تحتية وتشريعية تجذب الاستثمار الخارجي، بل تجاوزها إلى ضرب المستثمرين ورؤوس الأموال ببعضها، من خلال ازدواجية صرف قطع الأراضي لأكثر من جهة وفي نفس المكان، وقد أوضح الأسبوع الماضي القاضي عطبوش عضو لجنة الأراضي المشكلة بقرار رئاسي أن 60 ألف قطعة أرض محصورة بين لحج ودار سعد فقط صُرفت لأكثر من طرف لغرض الانتفاع بها، وإذا ما افترضنا أن كل قطعة صُرفت لاثنين فقط، فمعنى ذلك أن 120 ألف طرف يتنازعون في المحاكم والنيابات، وفيهم من سيستخدم السلاح والنفوذ القبلي، ومنهم من سيدفع الأموال والرشاوى، وكل طرف بيده توجيه من “فخامته” بأنه صاحب الحق الشرعي. 

[email protected] 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي