مسؤولون يمنيون يشترون الوهم بأطنان اليورو (اعتبروها شمة هواء)..

كتب
الاثنين ، ٢٠ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٢٨ صباحاً

بقلم - سميه الغيلي :

قولٌ رُجِم، ولم يرم به أب حاصره عمله عن الوفاء بوعوده المتراكمة لأسرته بلحظة تنفيس، فلم يجد إلا سطح منزله يفسحهم عليه.
بل هو قولُ فسادٍ يموج على الأرض، ملأ أحشاءه نهبا واحتيالا فزفرت كل مسامات جسده تبجحا يلتهم كلما طاب له، ويعصف بكل ما يقف أمامه..ثم يدّعي النقاء!! والطهر بريء من سلوكه، والنزاهة تستحي منه..
(اعتبروها شمة هواء).. قالها منسقوا دورة تدريبية لمتدربيهم الذين ساءهم التغرير بهم باختيارهم لمشاركة دورة تدريبية لتأهيلهم، كلٌ في تخصصه، ليجدوا أنفسهم مأدبةَ وليمة صُرف لأجلها مئات آلاف اليورو ليعودوا بفتات معلومات مسروقة وشهادات مزورة تفضلت بها عليهم أكاديمية وهمية الوجود، مجهولة الهوية، ويعود المنتفعون بأطنان اليورو....
(317,140 يورو) قيمة عقد.. لا لتحويل الصحراء إلى واحة، أو تخطيط مدينة عصرية، وليست لتمويل معامل تخصيب اليورانيوم تكفي لتدمير سبعة عوالم... وليس تمويلا لدورات تتكفل برعاية وتطوير العقول الإبداعية والابتكارية تمتدد لعقود.. بل هي لتمويل برنامج تدريبي لبضعة أسابيع أو شهور..
فبعد خمسة أيام هي الفترة الزمنية المحددة للتدريب في اليمن تحركت البعثة المختارة إلى الأردن بناء على عقد الاتفاق الموقع بين وزارة المياه والبيئة "اليمن"، والأكاديمية الوطنية للبيئة "الأردن" التي لا وجود لها إلا في خارطة أدمغة المحتالين من كلا الطرفين وبمباركة الصندوق العربي" الكويت "، لتنفيذ برنامج تدريب كوادر مؤسسة المياه اليمنية في مجال إدارة وتشغيل وصيانة مرافق الصرف الصحي..
(اعتبروها شمة هواء).. قيلت تحاشيا لموجة الغضب التي استعرت من قبل المتدربين حين فوجئوا بأنهم يوما بعد آخر إنما يصرفون أوقاتا لا محدودة من شمة الهواء بين متنزهات المملكة بعد أن شحت بها بلادهم، في منأى عن الدورة وبرامجها التدريبية..
فوجئوا بأكاديمية تستتر خلف أربعة جدران ..
فاجأهم البرنامج المسروق ـ أساسا ـ والذي لم تتوافق معطياته النظرية مع آليات المعالجة في محطات المياه الأردنية..
فوجئوا بشهادات خالية من شعار الأكاديمية وختومها..
وما إن وجدوا أنفسهم طُعم شبكة نهب دولي منظم تتذرع بمصالح وطنية خدمية لتمديد مفاسدها حتى أدركوا أن كل ما استطاعوا القيام به هو زيارات ميدانية بطرق غير رسمية لمحطات المعالجة يختلسون الدخول إليها للاطلاع على تقنيات المعالجة لديها، وكلما ارتسمت مشاعر الاحتقان على المتدربين جراء هذا الاستهجان.. رد المسئولون بقول فاضح (اعتبروها شمة هواء)..
وبعد إلحاح المتدربين على زيارة موقع الأكاديمية وإعطائهم البرنامج التدريبي الذي من أجله أتوا، أُخذ أحد المتدربين فقط لزيارة مبنى الأكاديمية ليجدها بمكتب وحيد هو كل الأكاديمية ولا تفرعات لأماكن أخرى، خالية من كل المعدات والأشخاص إلا من شخص بكمبيوتر وحيدين ادعى أنه مدير الأكاديمية.. وبهذا فكت أول الخيوط المتشابكة ليبتدئ إثر ذلك إعطاء البرنامج النظري، وما إن تنكشف فضيحة حتى يسعوا لتغطيتها بفضيحة أفحش منها، وإذا بالمادة النظرية لدورة التدريب في الصيانة الميكانيكية هو ذاته منهج المؤسسة اليمنية، ففي الحين الذي كان الوقت حليفا لهم في تغيير اسم المعِد الأول للمنهج، واستبدال المراجع بوثائق تنتسب لمؤسسات وجهات أردنية، كان النسيان كذلك حليفا لهم حين تركوا فهرسة الصفحات بنفس الترقيم كماهي عليه في البرنامج الأصل... ومن المفارقات أن المادة النظرية لم تكن متوافقة مع تقنيات معالجة محطات المياه الأردنية كما هي متوافقة مع آليات معالجة المياه اليمنية ويعود لفارق حجم المحطتين.
ثمان دورات هي جملة ما نص عليه الاتفاق، وإذا بمهندس مدني هو المدرب الوحيد لكل الدورات في تخصصات متباينة تتنوع ما بين هندسية " ميكانيكية وكهربائية "، وإجرائية " مالية, إدارية وتنظيمية "، وأخرى تحليلية " بيولوجية وكيميائية "!!.. وما أطيب من عصير وسط عصيد...
انتهت شمة الهواء ليتسلم المتدربين شهادات مشاركة خالية من شعار التعريف بهوية الجهة المدربة.
انتهى عام "2004" على المؤسسة لينفض ستار النهب على "2013" ويتولى رفع ستاره مدير المؤسسة بعقد اتفاقية جديدة مع الأكاديمية المزعومة نفسها بقيمة"1,221000$" ـ لا غير ـ وهو ذاته من وقع العقد في العام "2004" .
صفقات تعقد بمئات آلاف اليورو، الطرف الأول فيها مؤسسة رسمية حكومية يمنية، والغريب أن وزيرها فاجأه الأمر بينما أبدى الوكيل معرفةٍ ما بالموضوع وفاجأه تسرب الوثائق التي تدين المؤسسة إلى الرأي العام..
وفي الحين الذي يصر الوزير على تغيير المدير لأسباب لا صلة لها بموضوع شمَّات الهواء يصر أمين العاصمة المخول بأعمال رئيس مجلس إدارة المؤسسة ببقائه ـ للاستعانة به ربما لنفخ الروح في صفقات نهب لم تشم رائحة الحياة بعد ـ.
فهل يجوز تخويل صلاحيات رئاسة مجلس إدارة المؤسسات للمحافظ في دولة مركزية، ليستغل تداخل الصلاحيتين لإعاقة المجريات القانونية تاركا السياسة المذهبية تعصف بمصالح البلاد العامة لتغرق مؤسساته في نزاعات شخصية.
فإن لم يقف منتسبو الثورة ضد الفساد، وأدعياء استقامة النظام المخلوع في وجه الفساد الملوث للبلاد، فالاحتراق بنار الحطب خير من الاحتراق بمهاترات قد انقضى زمنها مع بادرة قيام الثورة...وليعتبروها شمة دخان.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي