عقليات التكفير ..!

كتب
السبت ، ١١ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٢٦ صباحاً


بقلم - نعائم شائف الخليدي :

عندما نعيش في واقع ونحن نتقبله برضا، فهذا الأمر لا إشكال فيه ولكن الصعوبة التي نواجهها تتجسد بذلك الصراع النفسي الذي نعيشه حين نحاول إجبار أنفسنا على أن نقتنع بواقع يختلف تماماً مع الثقافة التي نحملها لنتحول إلى متذمرين لا نجيد سوى لغة الاستنكار والانتقاد لكل شيء بدافع ذلك الصراع النفسي الذي لا يستطيع الجمع بين محاوله إقناع مجتمع بتلك الأفكار التي نحملها وبين عدم الرضا عن الواقع المفروض باسم العادات والتقاليد التي يمكن أن نتجاوزها بقناعة ذاتية.. ولكن المصيبة الأكبر عندما يتحول هذا الصراع إلى ثقافة دينية ليصبح من الصعب تجاوزها في ظل عقليات التكفير التي تبث سمومها في مجتمع محافظ لا يعي الدين بمفهومه الحقيقي وإنما بمفهوم قبلي. أنا أستغرب لأولئك الذين يجندون أنفسهم للإساءة للإسلام ويتلذذون في إيجاد الحواجز المعقدة التي تصنع بُعداً نفسياً على حساب تنفير الآخرين، ما أجمل الإسلام الذي يحاولون تشويهه، دين الوسطية والاعتدال ودين اليسر والرحمة، دين يتبرأ من أفكارهم المتطرفة ومعتقداتهم الخاطئة التي تقود تلك الرسالة النبيلة إلى العنف وتدمير معالم الجمال فيه.. ما جعلني أكتب هذه السطور هو ذلك الأسلوب المستفز الذي يستخدمه البعض في الحوار مع الآخرين، فمجرد أن تختلف مع قناعته يهاجمك باسم الدين ليكون السلاح القوي الذي يجعلك في نظر المستمع للنقاش بأنك لا تحترم الدين لذلك لا تستحق الاحترام، مع أن الدين بمفهومه العقائدي شيء يستقر بداخلنا فنطبق تعاليمه في كل زمان ومكان نرتاده، أما عندما يتحول الدين إلى مجرد شعار نرفعه بوجه السلوك الإنساني الذي ينبع من قناعة الإنسان فحينها يوصف المجتمع بالحضيرة التي يحكمها الفكر الفارغ الذي يستخدم الدين لإقصاء الآخر وهذا الأمر في كثير من الأحيان يقودنا إلى اتجاه إجباري يصون كرامتنا الإنسانية بحيث لا تحكمه الشعارات المتطرفة التي تتحكم بسر مكشوف يوضح سبب تخلفنا وهذا الاتجاه يسير بخطوات الثقة بالنفس التي مصدرها الشعور الإنساني السامي المنبثق من اكتفائنا برضا الله تعالى عنا لنخرج من دائرة الصراع النفسي الذي يخلقه أولئك المتطرفون الذين لا يؤمنون بمرونة الدين وقابليته للتعايش مع أفكار الحداثة والتقدم، فهو مهد كل الحضارات.
بقايا حبر:
عندما تنصدم الثقافة بالدين نبتعد عنها بقناعة عقائدية ولكن عندما تنصدم بفكر متطرف يجب أن نثبت قناعتنا بتحويلها إلى سلوك إنساني يرفعنا إلى مرتبة مرتدين عن تخلفهم.

عن صحيفة الجمهورية 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي