ربيع ناعم ووعود خريفية

كتب
السبت ، ١١ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٥٥ صباحاً

بقلم- د.عمر عبد العزيز :
على خط متصل بحالة الربيع العربي كانت المغرب سباقة في تسجل ربيع ناعم ، فقد باشرت الملكية المغربية بسلسلة من التدابير التي تعيد مأسسة الدولة ، وتجعل الحاكمية التاريخية غطاء معنوياً للأمة ، فيما تباشر تسييراً لا مركزياً في عموم أقاليم البلاد ، وهكذا فعلت الأردن في أفق ما ، وكانت الاستجابات الإجرائية العاجلة لسلطنة عمان بمثابة الماء البارد الذي أخمد الحرائق وأعاد السكينة للبلاد .
وبنقلة واسعة صوب الجزائر نتابع مرئيات رئيسها المشكوك في صلاحيته للحكم ، والراغب في السير على درب ربيع ناعم . ولكن هيهات، فمؤسسة الجنرالات العتيدة مازالت سيد الموقف ، ولا يمكنها أن تسمح للرئيس بوتفليقة بتجاوز دوره المرسوم ، وقد بدت تلك المسألة واضحة حالما تسربت أخبار عن ضرورة معاينة صحة الرئيس وتحديد مدى صلاحيته للحكم! .
هكذا يتجول الربيع العربي في مرابع النار والنيران الحامية ، فيما تزداد الأمور ضبابية وعتمة ، وخير شاهد على ذلك الحالة السورية التراجيدية ، والتي لم تعد ترهن الشعب السوري و مقدراته لصراع الكبار فحسب ، بل كشفت معارج جديدة لتحولات داخلية صعبة ، فالجماهير الغفيرة التي خرجت قبل حين بشموعها وسلميتها تجد نفسها الآن بين نيران الأشاوس من جند النظام ، والطهرانيين الأيديولوجيين القادمين من كل حدب وصوب ، وعلى ذات الخط المرعب يفقد النظام سيطرته على مليشياته من الشبحية الذين يتحولون يوماً بعد يوم إلى قتلة محترفين ، في ذات الوقت الذي يجد المنشقون من النظام أنفسهم أمام جماعات مجيرة على الدين السياسي المقرون بالعنف .
هكذا ضاعت البوصلة ، وبدت الحالة السورية كما لو أنها الرعب الأكبر الذي قد يطال بلداناً عربية أخرى، في ذات الوقت الذي يرتب فيه الكبار أوراق لعبتهم الجديدة التي يديرونها من وراء الستار.
لقد تحول ربيع العرب المأمول إلى خريف يقفز عليه أصحاب البرامج الغامضة والنوايا الغائمة في ظلام الاستيهامات والجنون .
حقاً ما قاله علماء التاريخ، الذين لاحظوا دوماً أن الانعطافات الدراما تيكية في تواريخ الشعوب تحمل معها قدراً كبيراً من رثاثة السلوك ، وغياب العقل ، حتى لكأن المتغير الموضوعي لا يسعه أن يتحقق برشاقة السقوط الحر ، بل بعسر الصراع المرير بين أطراف المعادلة .
[email protected]
عن الجمهورية

الحجر الصحفي في زمن الحوثي