صيف 94 .. ومنطق حبتي والَّا الديك ..

كتب
الأحد ، ٢٨ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٢١ مساءً


بقلم - منال الأديمي :
عشنا بالأمس وللأسف ذكرى حرب (صيف 94) تلك الحرب القذرة التي وضعت الوحدة كأهم منجز تاريخي عظيم ليس على المستوى الوطني وحسب بل وعلى المستوى القومي والعربي على المحك كانت تلك الحرب إحدى المآسي و الكوارث الوطنية بلا شك وقد تعالت بعدها أصوات عديدة لمحو آثارها المقيتة ومنذ وقت مبكر لكن الاستجابة لم تكن لتأتي من نظام هو في الأصل متبن تلك الحرب الكارثة.
غير أن تبني ثورة فبراير الانتصاف للقضية الجنوبية التى أوجدتها تلك الحرب وتصدرها اليوم أولويات الحوار الوطني يجعلنا نطلب من أخوتنا في المحافظات الجنوبية الصمم أمام كل الأصوات المنادية بالانفصال كحل لقضيتهم ورفقاً بنا وبهذا البلد وبالثورة فلا تكونوا سبباً في أن تذهب دماء الشهداء هباء فالانفصال ليس الإرث المحمود الذي سنتركه للأجيال ولا بالفخر الذي سيخلدهُ التاريخ لنا كثورة وثوار وشهداء وتضحية .
يروي التاريخ أن كلاً من فرنسا وانجلترا خاضتا حرباً مدمرة استمرت لــ 116 عاماً بدءاً مِنْ 1337 إلى 1453 وعرفت بحرب (المائة عام ) وفيها ادّعى الملوكُ الإنجليزُ الحق في العرشُ الفرنسيُ وكافحوا من أجله قوطعتْ هذه الحرب بعِدّة فترات طويلة مِنْ السلامِ قَبْلَ أَنْ تنتهي بطردِ الإنجليزِ مِنْ فرنسا وتعد تلك الحرب من أطول الحروب الأوروبية وتعدى تأثيرها الكثير من الممالك والدوقيات و تعتبر الفترة التي امتدت بها نهاية للعصور الوسطى وبداية للعصور الحديثة.
كانت إنجلترا وفرنسا حينها تحت حكم أنظمة ملكية تقلبت بين القوة والضعف ففي فرنسا مثلاً كانت الملكية تعاني من قلة الموارد والصراع بين النبلاء والإقطاعيين ورجال الدين وعامة الشعب لم تختلف انجلترا عن ذلك كثيرا فقد اعتمدت على الزراعة وتربية الأغنام وتجارة الصوف وكانت إنجلترا تابعة لملك فرنسا عانى ملوكها الكثير من المشاكل الداخلية في العلاقات مع اسكتلندا وأيرلندا وتنظيم الدخل والعلاقات مع النبلاء والإقطاعيين ورجال الدين المهم في سرد كل ذلك ان البلدين على الرغم من الفترة الزمنية الطويلة للحرب وتبعاتها الطويلة استطاعتا بجد واجتهاد محو كل آثار تلك الحرب وتعويض خسائرها وها هما اليوم تحت مظلة الإتحاد الأوروبي والسبب في تجاوز البلدين العداء والحرب وجود نوايا صادقة من القيادات لتخطي الماضي والمضي قدماً وإرادة شعبية قوية للمضي قدماً ورفع راية البناء والمواصلة وليس إصرار البقاء على أنقاض الدمار وهذا للأسف مالا نجده اليوم متوفراً في القادة حتى بعد الثورة بدليل تملصهم حتى اليوم من تنفيذ النقاط العشرين وشعبياً وجود من يوافق إصرار بعض القيادات الجنوبية المتورطة في قتل ودمار الجنوب العودة طمعاً بالسلطة ولو على حساب تفكك وتمزق الجنوب علينا جميعاً أن نعي أننا في الجنوب والشمال دفعنا تبعات حكم النظام المخلوع ثمناً باهظاً ودون استثناء واعتراف بسيط كهذا سيمكننا حل كل مظالم ومشاكل البلاد دون التحيز والانزلاق بخطأ التشرذم وهو هنا أشد وأكبر من الظلم .
حقيقة منذ صيف 94 ونحن نعيش صيفاً حاراً جداً وإن لم تتدارك القوى اليوم خطورة تملصها تحمل مسؤولية تلك الحرب ومعالجة تبعاتها وبجدية وبنوايا صادقة فإننا لن نتمكن من اللحاق بركب الربيع وسنبقى عالقين في ذاك الصيف الملعون لا نحصد إلا مزيداً من الخيبة والهزيمة والأحقاد الأمر يتطلب منا كثيراً من العمل ومزيداً من التنازلات من الجميع وبعيداً عن منطق (حبتي ولا الديك ) لنتجاوز الماضي لنعبر بوابة المستقبل .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي