الساحات لم تصنع ثوارا

كتب
الأحد ، ٢٨ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠١:٠٨ صباحاً

 

لا ينكر أحدا أن شرارات الثورة التي أحرقت الحكم العائلي في اليمن قد انطلقت من ساحات الحرية والتغيير في جميع محافظات اليمن ، ومنها بدأت واشتعلت وانتشرت نار الحرية والكرامة لتسقط صنم الاستبداد وكيان الديكتاتورية ليهوي معها الحكم العائلي الفاسد . 

صنع الثوار الأبطال ساحات الحرية والتغيير ، لتكون عرين للأسود التي كانت تنطلق هادرة مزمجرة لتُسمع الطاغية قرارهم الأخير والنهائي باسقاط شرعيته وانتهاء سلطته كحاكم لليمن . وارتبطت الساحات باسم الثورة ولا صقته كثيرا ، لأنها كانت تمثل دورا محوريا وهاما في التعبئة والاستراحة والتخطيط ، ولكن لم تكن هي من صنعت الثوار ، وانما الثوار هم من أوجدوها وصنعوها ، وهنا ستصبح المعادلة المنطقية أن من أوجد الآخر يستطيع أن يستغني عنه ، وبهذا لم تكن الساحات سوى تكتيك زمني مؤقت فرضه الواقع حينها ورفعه الواقع اليوم . 

ليس كل من دخل الساحة أو خرج منها ثائرا ، بل هناك الكثير من أعدائها عاشوا تحت ظلال خيامها ، وتنفسوا عبق حريتها ، وهم كانوا يخططون لازالتها ، ويفتعلون المشاكل وينشرون الاختلافات بين مكوناتها ، ويبثون روح الكراهية والتفرقة بين ثوارها ..

الثورة ليست خيمة وساحة ، الثورة تيار يجرف الفساد ، ويخالف العادات السيئة ، ويحارب الأعمال السلبية في كل مجالات الحياة ، الثورة شعور بالوطن داخل جوف كل حر أبي ، واحساس بالمسؤولية داخل قلب كل موظف صغيرا أم كبيرا ، وأمانة بين جنبات كل مواطن تحرس البلد بكل اخلاص وتضحية . 

ليس ثائرا من يخرج من الساحة ليتعامل بالرشوة والمحسوبية في أقرب مرفق حكومي ثم يعود فرحا فخورا بانقضاء حاجته وتلبية طلبه ، هذا عدو الثورة وان كان يعيش في ساحاتها كل يوم . ليس ثائرا من يرى قاطع طريق ولا ينصحه ، ويرى سارقا ولا يزجره ، ويرى مجرما ولا يمنعه .. 

ليس ثائرا من يتعامل بالعنف ، ويجعله وسيلته في اخذ حقوق الناس وظلمهم وابتزازهم لنيل أهدافه ومآربه . وليس ثائرا من يرى غير الحوار طريقا لحل مشكلاته مع اخوانه وزملائه .

الخيمة والساحة لا تمنح شهادة ، ولا تصنع ثائرا لمن عاش فيها دون أن يدرك قيم الثورة ومبادئها . 

الثورة اليوم لا تعني الاحتباس داخل أروقة الخيام بعد أن تحققت الأهداف الكبرى للثورة ، بل يجب الانتشار داخل المجتمع لإصلاحه وتوجيهه نحو أهداف الثورة ، والثورة ضد كل مخلفات النظام السابق ومحاربتها ، وتعريف الناس بأهداف الثورة التي يجب تحقيقها ونشر روح التفاؤل والبشرى بالعهد الجديد ، وتهيئتهم لذلك ، وتحذيرهم من الثورة المضادة وكشفها وتبينها لهم . 

 

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي