الفيدرالية.. لماذا تخافها بعض القوى؟

كتب
الخميس ، ١١ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٣٤ صباحاً

بقلم - عارف الدوش:

• هناك من يتحدث عن أولوية للدولة المركزية القوية كون الدولة غائبة بعد ذلك يتم التحاور حول الفيدرالية لأنها تحتاج إلى دولة قوية وجيش قوي وإلا ستكون مقدمة للتمزق والدويلات الضعيفة والسلطنات والمشيخات وأصحاب هذا الرأي على الدوام هم من يخافون نتائج التغيير أو بصريح العبارة يتحايلون دوماً وأبداً على مخرجات التغيير فهم دعاة تغيير وإصلاح إلى الحد الذي لا يتناقض مع مصالحهم كأشخاص أو كتنظيمات وأحزاب أو كتكوينات قبلية و مشيخية.
• هذه القوى تريد التغيير مفصلاً على أحجامهم ومشاريعهم فإن وجدته يتجاوزها انقلبت عليه.. ورفضته بتخريجات في ظاهره الخوف من المجهول وفي باطنه الرفض للتغيير ومحكومة على الدوام بوهم أن أنظمة الحكم الغربية والإسلامية وتجارب من سبقونا في الشرق والغرب غير صالحة للاستفادة منها بل ستلحق الضرر الكبير بالبلاد والعباد برغم أن من هذه التجارب الكثير تم تطبيقها في دول إسلامية مثلنا.
• لقد عقدت الكثير من الندوات وأعدت الدراسات وتحاور السياسيون كثيراً بعد تحقيق الوحدة إلى قبل حرب صيف94م المشئومة وتوصلوا إلى خلاصة فكرية وسياسية" وثيقة العهد والاتفاق" نصت على نظام الأقاليم كمخرج حينها لتلافي الحرب والدمار في اليمن فرفضت الوثيقة وكانت الحرب التي نجني نتائجها الى اليوم فشلاً سياسياً وتنموياً واجتماعياً وتباشير انقسام وحروب قادمة لن تبقي ولن تذر ونحن اليوم بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني نعود مجدداً الى ما طرحته " وثيقة العهد والاتفاق" الفيدرالية ونظام الأقاليم باعتبار ذلك هو الأنسب والأفضل للمحافظة على الوحدة اليمنية.
• نفس القوى التي رفضت"وثيقة العهد والاتفاق" بالأمس ترفض الفيدرالية اليوم باعتبارها خطراً على وحدة الأمة وينطلق أصحاب هذا الرأي من الحكم على "الفيدرالية" باعتبارها خصماً لمصالحهم وهم لا يقيمون موقفهم الرافض للفيدرالية بموجب دراسات تبين الإيجابيات والسلبيات بقدر ما هو رفض لنظام حكم جديد يرون انه سيفقدهم مصالحهم وامتيازاتهم التي حصلوا عليها خارج سياق القانون والحق وبالتالي يواصلون جني أرباحها "مالاً وقوة وسلطة وهيمنة"
• هؤلاء يستجيبون بشكل غير واع لثقافتهم السياسية التقليدية التي ترفض أي جديد وتعتبره خطراً ماحقاً فقط لأنه جديد ترى أنه سيحرمها من امتيازات وممارسة الحكم والسيطرة والتمتع بالنفوذ والثروات وهم على الدوام يرفضون التعددية الحزبية والديمقراطية منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر هدفهم من وراء ذلك تسهيل الهيمنة والاستحواذ على مقدرات البلاد والعباد باعتبارهم قوى ليست بحاجة للتنظيمات الحزبية ولا للعملية الديمقراطية فلديها تنظيماتها القبلية وأعرافها وأسلافها التي تدافع بها عن مصالحها وتكتسب من خلالها النفوذ والثروة التي تمارس من خلالهما الحكم والسيطرة.
• وظلت هذه القوى ولازالت ترفض التداول السلمي للسلطة من خلال العملية الديمقراطية وتحافظ على هيمنتها باعتمادها على " القوة العسكرية والمليشيات القبلية المسلحة والمال لشراء الأصوات والحشد في الدورات الانتخابية" بما يحقق لها السيطرة على مقاليد السلطة والحكم ولهذا نراها ترفض اليوم الفيدرالية بحجة أنها مقسمة للأوطان ليس حباً في الوحدة وإنما خوفاً على المركزية المقيتة التي تحفظ مصالحها وأدوات سيطرتها على الحكم والسلطة.
• إن ما أدى إلى اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية وتقديم التضحيات من قبل الشباب والنساء والشيوخ ومواجهة آلة القتل والدمار"المصفحات والدبابات والمدافع وقذائف الصواريخ والرشاشات والقنابل" بصدور عارية وبشجاعة فاجأت العالم هو غياب العدل وتغول الظلم والاستحواذ والنهب والإفقار الممنهج وتركيز تداول الثروة والسلطة بين قلة قليلة من رجالات الحكم والمرتبطين بهم مما أدى إلى انقسام المجتمع بين أغلبية مسحوقة فقيرة محكومة وقلة مسيطرة بيدها السلاح والمال والسلطة
• هذه الأقلية في المجتمع والبلاد تحكم بنمطين من أنظمة الحكم الأول في مربعات تواجدها ومراكز ثقلها والسيادة فيه للأعراف والأسلاف والحكم للمشايخ والأعيان بالوراثة والثاني بالنظام والقانون الذي يتم فرضه بقوة الحديد والنار على المستضعفين والفقراء وهم أغلبية سكان اليمن المنتشرون في المحافظات المغلوبة على أمرها " الجنوبية وأخواتها تعز والحديدة وإب".
• إن القوى التي ترفض"الفيدرالية" هي ترفض الحرية والديمقراطية والعمل المدني وبالتالي ترفض تشكيل حكومات محلية وبرلمانات محلية تستمد سلطتها من جماهير ناخبيها في الأقاليم وغير قابلة للسيطرة والعزل من قبل " الحاكم المركزي في العاصمة " كما ترفض تمكين الفيدرالية الأقاليم المشاركة المتساوية في سلطات الحكم المركزية في العاصمة.
• وفي هذه النقطة بالذات سوف تسعى القوى الرافضة للفيدرالية بعد أن وجدت أن هناك أغلبية مع النظام الفيدرالي إلى إفراغ " الفيدرالية" من مضمونها كما تعاملت مع الثورات اليمنية "26 سبتمبر و14 أكتوبر والشبابية الشعبية السلمية2011م" من خلال الموافقة على نظام فيدرالي ناقص الصلاحيات والمسميات يقبل بشكل من أشكال حكم الأقاليم "حكام أقاليم مثلاً " بدون وجود برلمانات محلية منتخبة الأمر الذي سيركز السلطات في الأقاليم بيد حكام محليين يعملون خارج الرقابة والتقييم والمحاسبة كما هو حاصل الأن فلا تشريعات تسمح بالرقابة والتقييم والمحاسبة وإن سمحت بالرقابة فلا تسمح بالمحاسبة وهو ما يسمى بالحصانة لشاغلي الوظائف العليا.
• وأخيراً:علينا الاعتراف صراحة أن"الفدرالية"والنظام الاتحادي هو النظام الأكثر نجاحا للمحافظة على وحدة البلاد وحفظ حقوق الأقاليم المتحدة ومواطنيها وهو نظام الدولة الضامنة للشراكة العادلة ولنا في أنظمة مجربة للنظام الفيدرالي الإتحادي أسوة حسنة"الهند وباكستان وماليزيا واندونيسيا وتركيا وقبل هذه كلها زعيمة العالم الحر أمريكا".
[email protected]

الحجر الصحفي في زمن الحوثي