زعماء لا يحتملون تحديقهم!

كتب
الثلاثاء ، ٠٩ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٤٨ صباحاً

بقلم - سامي غالب :

بالنسبة لي فإن طمس الجداريات كان متوقعا منذ الساعات الأولى. الجدار الجنوبي للمدرسة الفنية (المعهد التقني) يواجه مباشرة القلعة الحصينة التي يقيم فيها الرئيس السابق علي عبدالله صالح في قلب الحي التجاري بالعاصمة (شارع صخر وشارع حدة والدائري الغربي والجنوبي). وحدث أن شاهدنا رجاله يحومون باستمرار في المكان بعربات عسكرية أثناء رسم الجداريات, كما انخرط بعض افراد حراسته انسلوا بيننا بملابسهم العسكرية, وربما المدنية,فقد شاهدنا, المشاركون في الفعالية وأنا, الكثير من الغرباء في ذلك اليوم. ابتسمت أمس وأنا أشاهد الصورة التي نشرها الصديق نديم علاء وتظهر فيها جداريات المختفين قسريا وقد طمست. ذلك أنه قبل أن نغادر المكان ذلك الخميس قال لي أحد أقارب المختفين قسريا: "لن تصمد (يقصد الجداريات) حتى منتصف الليل. سيطمسونها بالتأكيد)". وهو أستطرد سريعا:"يكفي أن يظهرون (يقصد المختفون قسريا) عدة ساعات هنا)".
كان مبتهجا! لا عجب فالرئيس السابق (الزعيم حاليا) هو المسؤول المباشر عن أغلب حالات الاختفاء القسري في اليمن الشمالي, وجميع حالات الاختفاء القسري في الجمهورية اليمنية (دولة الوحدة 1990). ولئن رصدت حالات اختفاء محدودة في اليمن الشمالي قبل وثوب هذا المقامر إلى السلطة, فإن من الثابت أن الممارسة المنهجية لهذا الانتهاك الخطير بدأت من أسبوعه الرئاسي الأول (مطلع يوليو 1978). وإن ترتسم جداريات المختفين قسريا قبالة قلعته الحصينة, وجوههم في مواجهته وأعينهم في عينه فاختبار عسير لا يطيقه إلا من تطهر جرائم الماضي.
ليس الزعيم فحسب من يفر من أعين المختفين قسريا, فقد سبق أن قام مجهولون بطمس أعين المختفين قسريا في السور الغربي للجامعة القديمة. وفي الأسبوع الثالث لحملة "الجدران تتذكر وجوههم" قام جنود الزعيم "الثائر" علي محسن الأحمر بطمس وجوههم من جدار جسر مذبح (قدس أقداس علي محسن). وهناك مثابرة من أطراف معارضة على طمس أية إشارة للمختفين فسريا في الإعلام. وليس من المثير أو الخارق أن أيا من زعماء المعارضة التقليدية التي صارت في ائتلاف حكومي الآن, يسار وقوميين وتقدميين, لم يشارك في الحملة بالنزول في إحدى فعالياتها أو حتى بالإشارة إليها او إلى موضوعها, بل إن العديد من اشارات الضيق صدرت عن هؤلاء "الزعماء" الذي يخدش سلامهم أي ذكر لرفاقهم المختفين قسريا!
للمختفين قسريا أعداء كثر. وهؤلاء جميعا الذين سقطوا في اختبار "حملة الجدران تتذكر وجوههم" موعودون باختبارات أخرى عما قريب.

من حائط الكاتب على الفيس بوك

الحجر الصحفي في زمن الحوثي