ما قبل الحوار!!

كتب
الأحد ، ١٧ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٢:١١ صباحاً

 

يبدأ بعد غدٍ الاثنين مؤتمر الحوار الوطني بأكبر قدر من الاحتقان، وأقل مستوى مقبول من المشاركة.. يبدأ الحوار بأجندة مثقلة بقضايا وأزمات دولة، وفرقاء أقرب إلى الخصومة، يفتقدون كثيراً حسن النوايا كأهم مقومات الحوار والوفاق.. 

يبدأ الحوار بعد عثرات كثيرة رافقت إجراءات التحضير، أخرت موعد انعقاده بضعة أشهر إضافية، ولمّا تفلح في إزالتها وغيرها من تراكمات وعقد تعترض مسار الحوار بشكل كامل، وحزب أدرج في قائمته فلان، كحائط صد، في مواجهة مدفع ومترس في قائمة أخرى، لكأن البعض يعتقدون أنهم سيدخلون حلبة صراع، لا حواراً يؤسس لدولة مؤسسات تقوم على المواطنة المتساوية وسلطة القانون، كإطار جامع لكل التفاصيل الأخرى. 

أُهدرت فرصة زمنية، كانت كفيلة بتهيئة مناخات إيجابية، وتطبيع بعض الأوضاع، وتحقيق تقارب بين الفرقاء، ولملمة بعض شتات اليمنيين، لدخول الحوار في ظل ظروف أكثر تعافياً، وتأهيلاً لتوفير شروط نجاحه، ومع ذلك، يمكن العمل في حدود المتاح، إذا توفرت الجدية والمسؤولية، لتحقيق نتائج أكثر إيجابية.. 

الحوار الوطني هو استحقاق المرحلة الذي ينبغي أن يستشعر مسؤوليته 565 عضواً من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، يمثلون البلاد، دون الحزب أو الجماعة أو القضية، ويتحللون من حساباتهم الضيقة تجاه بعضهم، والمواقف المتباينة، والرؤى المقترحة لحلول بعض القضايا.. 

عادة ما يكون الحوار الوطني حداً فاصلاً بين عهدين في تاريخ أمة وشعب؛ إذ يتكفل بحل مشاكل الماضي، ويتصالح المتحاورون فيما بينهم، ويتطلعون لمستقبل يجمعهم، ويؤسسون لبناته جميعاً، دون أن يغلب خيار على آخر بسطوة الأغلبية، مع مراعاة روح التوافق، وتقديم تنازلات الأكثرية للأقلية، وتقدير الأقلية لخصوصيات الأكثرية، أملاً في الوصول إلى وطن جامع متصالح مع ماضيه، منفتح على مستقبله. 

وأهم محور يستحق أن يوليه المتحاورون اليمنيون جل اهتماماهم هو بناء الدولة المحترمة؛ باعتباره مفتاحاً لحل جميع القضايا والأزمات الأخرى.. فكما كانت الدولة الغائبة هي السبب الرئيس في استفحال كل الأزمات والعُقد، ووقوف البلاد على شفير الهاوية، فإنه لن يكون بمقدور أحد تنفيذ نتائج الحوار مهما كانت مثالية أو مرضية، بدون وجود الدولة. 

الشباب المستقلون: 

تمثيل الشباب والمرأة، كتمييز إيجابي كان ينبغي أن تُلزم به جميع المكونات التي تمارس العمل السياسي بشكل منتظم، لضمان إشراك الجيل الجديد والنساء في تقرير مستقبل البلاد، في إطار مكونات سياسية تمارس التعددية السياسية الجامعة لكل الفئات دون تمييز، ريثما يترسخ هذا المبدأ كإجراء طبيعي، بعيداً عن نزعة الأبوية والوصاية لدى قيادات الأحزاب السياسية باسم الخبرة التراكمية.. 

تخصيص حصة للشباب والمرأة كمستقلين تدعم النزعة السائدة في شيطنة الأحزاب ولا تشجع التعددية السياسية أو تسهم في تطويرها، وهو الأمر الذي تعامل معه حتى قادة الأحزاب السياسية بخفة.. 

بشكل أو بآخر فإن معظم المستقلين يتقاربون مع توجه حزب سياسي، مع بعض التمايز، وادعاء الاستقلالية.. قد لا يكون ذلك معيباً جداً، لكن المعيب أن لا يحسم أحدهم خياراً سياسياً هو مقتنع به، ويبقى ديدنه الاستقلالية “المتخلفة”، بما يعكس غياب الثقة، وضحالة الثقافة السياسية لدى فصيل كبير من حزب “المستقلين” المتذبذبين في مواقفهم حرصاً على إرضاء الجميع وعدم خوض العمل السياسي بشكل منظم ومسؤول، وتفضيل البقاء في المنطقة الرمادية. 

وتبعاً لذلك فلا ينبغي على المستقلين “حقاً” الجنوح نحو آراء مغايرة، أو تكلف مخالفة الأحزاب في المواقف التي يقتنعون بها، إذ الاستقلالية - كنزعة فردية، لا جماعية منظمة- تعني ان يبدي المستقل رأيه ويتخذ موقفه، دون حسابات مع أي الأطراف يتفق أو يختلف، كما تقتضي ان لا يتفق المستقلون بالضرورة على رأي واحد.. 

وطالما رأى القائمون على أمر الحوار تمثيل الشباب المستقلين، والمرأة كمكونات قائمة بحد ذاتها، فإن على هؤلاء المنتدبين لتمثيلهم/هن، بتلك الطريقة المتخلفة والرجعية، أن يتعاملوا بمسؤولية تجاه القضايا الوطنية، لا أن يُحجّموا مواقفهم، وتركيزهم على القضايا والمشاكل التي تخص الفئة العمرية أو النوعية التي يمثلونها؛ لأن ذلك يمثل تخلفاً وتمييزاً واعتداءً على حقوق الإنسان، ولا أكثر عنصرية وغباءً منها سوى مطالبة الشباب بتشكيل حزب عنصري خاص بهم، وهذه الشِّراك التي ينبغي على الشباب ان يتنبهوا لها ويمارسوا عملهم في إطار جميع الأحزاب، وبقضية جامعة وحيدة هي الوطن وبناء الدولة.. 

[email protected]

الحجر الصحفي في زمن الحوثي