تفريخ الأحزاب!!

كتب
الأحد ، ١٠ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٠٦ صباحاً

 

 

ما الذي يمكن أن يضيفه حزب جديد إلى الساحة السياسية المكتظة بالأحزاب، ومن مختلف التوجهات، وما وصل منها لمقاعد البرلمان، أو المجالس المحلية، خلال العقد الماضي، بعدد اصابع اليد؟! 

خمسة عشر حزباً تقريباً، مُنحت تراخيص مزاولة المهنة من لجنة شؤون الأحزاب، في أقل من عام ونصف، وقائمة الانتظار تزخر بالمزيد. 

يبدو الأمر، أشبه بتقليد سائد، لدى أبناء قرية أو منطقة معينة، ما إن يباشر أحدهم العمل في مهنة أو حرفة معينة، وينجح فيها، حتى يتكالب أقرانه، على مزاولتها وإلى جواره غالباً، وقليل منهم من يصل لمستوى نجاحه، وآخرون يغلقون في أول شهر، بعد عجزهم عن سداد الإيجار وحقوق العمال.. 

كذلك تبدو المرحلة أشبه – في جزئيتها هذه- بالمرحلة الانتقالية التي تلت إعلان الوحدة، حين دشنت التعددية بقرابة أربعين حزباً طارئاً على الوجود، لم يصمد منها سوى قلة، هي تلك التي كانت موجودة في العهد الشمولي، بغطاءٍ أو بآخر.. 

تستلهم الأحزاب وليدة اللحظة، مسميات ذات مغزى، وأحياناً يتحول المسمى الطارئ فجأة، إلى فكرة حزب، لمجرد أنه يشير إلى حزب عريق في بلد غربي، أو لأنه يحمل دلالة معينة، ليسابق صاحب/أصحاب الفكرة في ماراثون تسجيل الماركة من فوره، ومع كل لحظة تأخير يظنون عشرات المنافسين يسابقونهم الزمن، وينازعونهم الاسم، لكأنه مفتاح لحكم العالم، كما الأحزاب الحاكمة حيث استلهمت الأسماء.. 

تلك هي العقلية البالية التي لم تتعدَ حدود الشكل، دون أن تمتلك رؤية تترجمها إلى برنامج سياسي طموح قادر على التأثير، وتكوين قاعدة شعبية عريضة تكفل للحزب اجتياز منافسات سياسية تضع قدمه على بساط السلطة، أو المعارضة القوية، ليس لذات السلطة، أو الرغبة في المعارضة، بل لخدمة الشعب وفقاً لبرنامج نالت به ثقته. 

أعتقد أن الأحزاب الجديدة لن تضيف شيئاً، ولن تحقق إنجازاً، باستثناء جناح من السلفيين تقدم خطوة جريئة، بالانتقال من رفض الديمقراطية والانتخابات إلى مزاولة العمل السياسي، و«أنصار الله»، الذين تأطروا تحت هذا المسمى تحاشياً لمثلبة تعريف أنصارهم باسم أسرة الحوثي، رغم أنهم لم يتبلوروا في كيان سياسي منتظم، يقوم على أساس سوي، بعيداً عن طبيعة نشأتهم المسلحة. 

في أعرق الديمقراطيات، توجد خيارات سياسية متعددة، لكن حزبين أو ثلاثة، هي التي تملك حظ المنافسة الحقيقية على تمثيل الشعب، في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وما عداها فخيارات بائسة، لا حظ لها حتى في إعادة التذكير بوجودها في مواسم الانتخابات. 

في اليمن هناك خمسة خيارات رئيسية فاعلة ومتنوعة تقريباً، وربما يعاد ترتيبها أو غربلتها في أقرب محطة اختبار برلمانية أو محلية.. هي خيارات سياسية متنوعة، يشوب أداءها الكثير من القصور وربما التخلف، لكنها تبقى أساساً لأحزاب رائدة، وألواناً تلبي أغلب الميول السياسية، لكنها بحاجة إلى جيل يبعث فيها الروح، ويخرجها، ويحدثها، لتتنافس على خدمة الشعب. 

حريٌ بالمتحمسين لخوض غمار السياسة، وبالساخطين من الأحزاب القائمة، أن يعملوا على تطوير تلك الخيارات، في المرحلة القادمة، بدلاً من العويل وندب الحظ، واتهام التعددية السياسية، وشيطنة الأحزاب. 

أما تفريخ الأحزاب بمسميات جديدة، رغم مشروعية تأسيسها، فلن يكون لها من أثر يذكر، على الأغلب الأعمّ، ولن يتجاوز سقفها مجرد الإعلان عن ولادتها وتسجيل شخص أمينها العام، ومقرها الوحيد، وميزانيتها المعتمدة، تبعاً لحظوتها بترخيص مزاولة المهنة، وبعضها سيذهب للتسكع حيثما هبت رياح المصلحة، إن شرقاً فشرقاً، أو غرباً فغرباً، ولن يكون حظ التعددية منها أكثر من رقم يضاف لا يزيد قيمة عن صفر الشمال.. 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي