سَعار الانتقام القادم من صنعاء

كتب
الاربعاء ، ٠٤ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٢١ صباحاً

 

وليد البكس

  إن من حكموا بالأمس على الثورة بالفشل وراهنوا على ذلك و هم قلة، هم اليوم يراهنون على الزج بالوطن في أتون المحرقة، لقد ظلوا طيلة عام وحتى اليوم يطمحون من خلال نزواتهم الشيطانية إلى الانحدار بالثورة إلى حالة الصدامات باستخدام القوة، وهو مالم يتحقق لهم، لأن اليمنيين ذاقوا ويلات المواجهات والثارات، ولن يفكروا يوماً بالعودة إلى قرع طبول الحرب، وتدشين المعارك.

وعوضاً عما يحصل في أطراف محافظة حجة أو في أبين وأرحب، فإن أبناء الوطن الواحد يجب أن يكونوا اكثر تعقلاناً وتريثاً، ونحن على يقين متمسكون بصبر الواثقين بأن المستقبل القريب سيكون أكثر سلاماً وهدوءاً، بعيداً عن هذه الفئات والجماعات منزوعة الضمير.

كنا-وما نزال-نعرف من هم هؤلاء ومن يحركهم ويقودهم كأطراف متأزمة تريد شد عقارب الساعة إلى الخلف، وهي تباشر التصعيد بلهجات الحروب المتعددة بأكثر من صورة، وتلك هي مشاريعهم التي اعتمدوها؛ إدارة الوطن بالأزمات، ونعلم أيضاً حتى اللحظة نذير جهدهم المشئوم بالاستمرار على نفخ كير الفتنة، ليس لشيء؛ إلا من أجل أن تسود الفوضى وتنبري لغة البنادق وتتفرد القتولات كخيار وحيد، ويأخذ الاقتتال حالته المتوحشة.

للأسف لم تفكر أو تشعر هذه القوى الداخلية وبأطرافها واذرعها الممسوخة، أنها ستكون أول المتحولين إلى أقشاش حرائق في أي مكان من هذا البلد، كما لم تذهب أبعد من حماقتها، وهي تروج لفكرة أن الثورة وحل اليمنيين بالتغيير فعل سخيف غير صائب، وأن الثورة ستذهب بالوطن إلى يد الجماعات المتشددة والمتطرفين، ولأنها ماتزال تبذل قصارى جهدها مستخدمة ما تبقى من القوة والمال القذر، هاهي تواكب التغيير الفعلي بثورة موجهة مضادة، وتطلق إلى الواجهة بكل ما تبقى من ثعابينها القديمة، الجديدة المختبئة في بطون الأودية وكهوف الغابات.

كأن التغيير خطر محدق، كأنه حتماً الطريق إلى الهلاك. في أبين تسطو على المواقع العسكرية، كما تحاول في البيضاء وشبوه إقامة ولاياتها وإماراتها المميتة، وفي لحج تقدم نفس الأداء، فيما تردد ابواقها الإعلامية ومطابخ التسريبات بكل سفه أن عين المتشددين أيضاً على تعز، وهذه في لغة الاعلام قالب ملون قذر يطلق عليه؛ خلق الصورة النمطية ومحاولة تكريسها، إنها تحاول الآن القيام بشيء ما هو تحميل من نادوا بالتغيير وقادوا الثورة بأنهم السبب الرئيسي في خلق الفوضى وجر الوطن إلى العنف مهما كان الثمن.

إن وجود النظام الفتي وحكومة التوافق الذي رأسها باسندوة هم من يتحمل المسئولية الكاملة عن الانفلات الأمني وانتشار المتشددين، كما أنهم لن يفلتوا من المساءلة عن كل ما يلحق بالجنود في أبين ولحج، وممتلكات المواطنين مما يحصل في أرحب وتعز وعدن وصعدة.

غير أننا يجب أن نكون منصفين ونحن نتحدث عن المدة الممنوحة من وصولهم إلى موقع المسئولية، أو الفترة الزمنية التي لم تتجاوز حتى الآن ثلاثة أشهر، وما لم تتكاتف جميع الجهود وتتحد آمال القوى الخيرة بالتغيير الحقيقي الخلاق، ليتجاوز الوطن مرحلته الخطيرة، فإن هذه القوى ستحقق مخططاتها العبثية الإجرامية وطموحها الهمجي الذي تسعى من خلاله إلى هدم ما وصلت إليه حالة التوافق، وتعميق شرخ يحاول الناس ترميمه أو تناسيه.

من الطبيعي أن تخلف هذه الثورات حلقات من إلاثارة العبثية والتبعات السلبية، والآثار الجانبية بصمتها.الانفلات الأمني واستهداف معسكرات ومواقع عسكرية، وكيل الاتهامات والتخوين لطرف بعينه ابرزها في هذه اللحظات، خاصة في بلد كاليمن، جرى تركه في حالة اضطراب نشط على مر عقود، كانت تستفيد قوى معينة من تلك الحالات غير المستقرة، لكن الآن وبعد أن انتزعت الثورة نظام الرجل المتعنت، أفقدته الصواب ونسفت كل أحلامه، من مغادرة الكرسي حتى استئصال فكرة التوريث، يجب أن يتحمل الوطن كل هذه التبعات المدمرة، في لحظة أن الرجل المخادع الماكر، لا يزال يعمل بكل إصرار و بما تبقى في حوزته من أدوات، يباشر على تدمير البلد، والانتقام من كل شيء و في كل اتجاه.

و لطالما قررت هذه الثورة أن تبقي على هذا «السابق» في صنعاء -لاشك- سيظل يتحكم بإنتاج الفوضى وتصديرها إلى مختلف مدن البلاد ومفاصل القرى الآمنة، دون مراعاة أدنى المسئوليات الوطنية، والتفكير ولو للحظة واحدة برد الجميل للوطن وليس للأشخاص، من باب أنه كان يجلس على كرسي القصر، ولم يتعلم كل هذه السنين معنى الوطنية والولاء الوطني، لكن على ما يبدو بأن الأوطان لا ترجو من جلاديها الصنيعة، أو تلتمس الهدوء، ووحدة اليمن بأبنائه الصابرين اليوم من يقسط فاتورة صبرهم الباهظة، امتد لعقود، ظل فيها الرجل رابضاً فوق صدورهم. وهو اليوم يبادلهم جزاء مشقة تحمله سنين، إنه لم يعد يقدم الموت بالتجزئة، يجري الآن سحق العشرات من الجنود المقهورين في مواقعهم بالجملة، وعبر أجهزته المفضوحة.

إن الاتساق والتنسيق بين أنصار الشرعية، أنصار الشريعة، وأنصار الله يتضح كل يوم، ويتكشف مع مرور الوقت أنه جار و قائم في أوجه، يتلقون الأموال التي تضخ اليهم، ولم يقوموا سوى بإثبات انتصارهم للشر وشرورهم المتسارعة، المنذرة بالخراب، إلى جانب كتائب الملثمين وما تبقى من فرق البلطجية؛ وهي عناصر تربت خلف جدران القصر وفي ظله منذ زمن، يحين الوقت لها أن ترد الدين.وتبادل قائدها وزعيمها الأول «الوفاء بالوفاء».

لذلك ومع سقوط أكثر من ثلاثين جندياً في لحج يوم أمس الأول وسبعة في حضرموت، وقبلهم ما يقارب المائتين في أبين.. وغيرهم في البيضاء وشبوة وعدن وحضرموت، كما يهدفون إلى خلق الفوضى في تعز، كل هذا هو خلاصة عصارة الحقد والخبث المقيم في صدر هذا الرجل؛ المحرك والراعي الرئيسي لولائم الدم والخراب، الحالم بالعودة إلى تفاصيل حياة الوطن، أو محاولة البقاء في الواجهة، ولو جرى هذا من نافذة القتل والدمار، ونشر الخوف في نفوس الناس.

[email protected]
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي