فخامة الرئيس:معركتك داخل القصر وليست في ماوراء البحار

كتب
الجمعة ، ٠١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:٥٣ صباحاً

بقلم - علي البخيتي -

حقق الرئيس هادي انتصارات مهمة على خصومة السياسيين سواء في الشمال أو في الجنوب, خصوصاً بعد تبني مجلس الأمن وجهة نظر الرئيس في تحديد اسماء معرقلي التسوية السياسية في اليمن, تمكن هادي من وضع خصومه في مواجهة المجتمع الدولي, وبالتالي الحد من تحركاتهم الخارجية ونفوذهم الداخلي بشكل كبير, فأغلب المحيطين بصالح وبعلي البيض بدأوا في الانفضاض من حولهم عندما أدركوا أن الشخصين أصبحا في مواجهة مجلس الأمن وأن المعركة الى جانبهم مجرد تضييع وقت وأنها خاسرة لا محالة, لذلك نلاحظ استماتت صالح هذه الأيام في محاولة اظهار نفسه أمام العالم بأنه لا يزال يحظى بالكثير من الشعبية وبالتالي الشرعية على اعتبار أنه يمثل شريحة مهمة, ولهذا يسعى لحشد أكبر عدد ممكن من المشاركين في الاحتفالية التي سيحييها اليوم الأربعاء 27/2/2013م في ميدان السبعين, ليعيد الأمور الى نقطة البداية والمراهنة على الشارع من جديد.

بالنسبة للبيض فقد اصيب بالارتباك بعد ظهور اسمه في بيان مجلس الأمن, فلم يكن يتصور أن يَحشر مجلس الأمن نفسه الى هذه الدرجة في الملف اليمني, كما أنه لم يتوقع أبداً أن يتمكن هادي من اقناع المجلس بان البيض هو من يعرقل استقرار اليمن خصوصاً أن خطاب البيض لا يزال الى اليوم ملتزم بالمعايير الدولية في ما يخص معارضة الأنظمة, ولم ينجر الى الدعوة الى العنف أو مباركة ممارسته من البعض في الداخل, كما أنه لم يثبت الى الآن أن تيار البيض يتلقى أسلحة من ايران أو غيرها أو أنه بداء في ممارسة الكفاح المسلح.

لو استمر الرئيس في نفس السياسة عبر محاصرة خصومه بتلك الدبلوماسية العالية دون استفزاز, لحد من نفوذهم وبشكل كبير, خصوصاً وأن مؤتمر الحوار على الأبواب, والرئيس في أمس الحاجة الى أن يُظهر نفسه غاندي اليمن الساعي الى السلام, ليحرج خصومه أكثر ويجعلهم أعداءً للحوار وبالتالي السلام.
فجأة تنقلب الأمور وتتحالف الشياطين المحيطة بهادي وتقنعه بتنظيم فعالية في عدن بمناسبة مرور عام على وصوله الى رأس السلطة, تلك الشياطين تملأها أحقاد الماضي وصراع القوة, فالإخوان تقلص نفوذهم في الشمال بفعل الزحف الفكري الحوثي المنضم الذي يلتهم الكثير من مناطقهم, وقد ظهر الأمر جلياً في الاحتفال بالمولد النبوي في منطقة سنحان, منطقة حليفهم القوي علي محسن الأحمر, ولم تنجح محاولتهم في احياء فعالية في منطقة سنحان حيث ظهر الفارق الشاسع بين حشدهم وحشد الحوثيين, فلجأوا الى التحالف مع بعض المحيطين بهادي وعلى رأسهم أخوه ناصر منصور الذي لا يزال عقله يفكر بأثر رجعي يعود الى أيام "الزمرة والطغمة".

وجد كل طرف ضالته في الثاني, فالإخوان بحاجة الى التمدد جنوباً لتعويض خسائر الشمال, وفي نفس الوقت هم بحاجة الى حماية مصالحهم المالية الهائلة في الجنوب التي اكتسبوها بعد مشاركتهم في حرب 94م والتي اقتسموا الغنائم فيها مع صالح, كما أنهم بحاجة الى دعم عناصرهم في الجنوب معنوياً للرد على الحشد المليوني الذي نفذه الحراك, ومن ناحية أخرى فقد وجد ناصر منصور هادي ضالته في الإخوان, فهو بحاجة الى حشد مليوني يثبت شرعية شقيقه في الجنوب تحديداً وبالتالي استحقاقه للرئاسة, حتى لا يضل المناوئين لهادي يرددون أنه العوبة بيد الشماليين وأنه لا يمثل الجنوبيين.
ولأن النيات ليست صافية, والأحقاد هي ما يُسير الطرفين, فقد أخطأوا في كل حساباتهم, فاختاروا المناسبة الخطأ "ذكرى الجلوس", متناسين أن هادي جاء بعد ثورة شعبية, وانه لمرحلة انتقالية, واختاروا المكان الخطأ "عدن" حاضرة الجنوب المنهوب, وعاصمته التي لا تزال جراحها تنزف منذ غزوها في 94م, والطامة الكبرى أن ناصر منصور نسي أو تناسى- لأنه كان في الجهة الخطأ أثناء المعركة - أن فتاوى الاخوان هي التي غزت عدن واستباحت دماء الأطفال والنساء والمستضعفين فيها, وأنه من الخطأ أن يتحالف معهم من جديد قبل أن يتبروا من تلك الفتاوى الصادرة من الديلمي والزنداني, وقبل أن يعتذر الجميع للجنوبيين عن مشاركتهم في تلك الحرب.

وقعت الجريمة في 21/2/2013م, يوم الخميس الأسود الدامي, وظهر الحشد هزيلاً جداً مقارنة بحشد الحراك, وقتل وجرح العشرات, وعُمد أول احتفال بجلوس هادي بالدماء, وبدماء الجنوبيين تحديداً, وكانت النتائج عكس ما سعى اليه المنظمين تماماً, فقد نكئ الإخوان جراح الماضي وذكروا الجنوبيين بدورهم في حرب 94م, وأظهروا أنهم الطرف الأصلي في تلك الحرب ولم يكونوا مجرد حلفاء لصالح, وترسخ لدى الجنوبيين أكثر أن الإخوان هم المشكلة وليس غيرهم, كما أن ناصر منصور ورط الرئيس هادي وأظهره في تحالف جديد مع القتلة والمفتين الذين غزوا عدن في 94م, وبالتالي رسخ أكثر نظرة الجنوبيين الى هادي على اعتبار أنه جزء من قوى الشمال ولا يعبر عن الجنوبيين, كما أن تلك الجريمة أحرجت حلفاء هادي في الحراك وخصوصاً من انظم منهم الى الحوار الوطني, مما دفعهم الى تعليق عضويتهم, وهكذا عادت الحياة الى تيار الرئيس السابق علي سالم البيض على اعتبار أنه من يخوض المعركة دفاعاً عن الجنوب, وأنه الوحيد الذي يضحي في سبيل الجنوب ويرفض المساومة.

نصيحة صادقة الى الرئيس هادي : عليك أن تحلق بعيداً عن صراعات الماضي بما فيها أحداث 86م, وان تحد من صلاحيات لوبي الفساد المحيط بك, وان تغير طاقم مستشاريك, وان تقلص من صلاحيات ناصر منصور حيث يُردد الكثير في عدن أن له علاقة بالكثير من صفقات الفساد بالمشاركة مع المحافظ وحيد رشيد, عليك أن لا تتكبر على مطالب ابناء عدن بعزل المحافظ وناصر منصور وقائد الأمن المركزي, لا تخضع لمعلوماتهم الخاطئة واستشاراتهم الفاشلة, فما حصل في 21 فبراير أكبر دليل على فشلهم, لقد وضعوا صورك على الأطقم والمدرعات التي قتلت المحتجين السلميين, ودليل سلمييتهم أنه لم يقتل من الطرف الآخر أحد.

لا تصدق من يقول لك أن تغيير مثلث الشر سيضعفك, أو يقوي خصومك, فعزلك لهم سيثبت أنك قوي وأنك تحترم رغبات الشارع وتتعاطف مع الضحايا وذويهم وأنك تنأى بنفسك عن ما حصل وتحاسب المتسببين, وستفوت الفرصة على خصومك الساعين الى الاصطياد في الماء العكر.
لا تحاول نقل معركتك الى ما وراء البحار عبر اتهام ايران, فتلك أفلام سلفك المستهلكة, وقد مل الجميع منها, فلا تكرر أخطائه حتى لا تتشابه نهايتكم.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي