ثورات الربيع العربي.. ووحدة الأمة !!

كتب
الاثنين ، ٢٦ مارس ٢٠١٢ الساعة ١٢:٠١ صباحاً
بقلم/ د.خالد حسن الحريري
بقلم/ د.خالد الحريري
وحدة الأمة العربية حلم تتوارثه الأجيال المتعاقبة من أبناء هذه الأمة في كل أنحاء الدول العربية والإسلامية, إدراكاً منها بأهمية وضرورة الوحدة والتعاون والتكامل بين البلدان العربية ذات الهوية والثقافة والديانة الواحدة والعادات والتقاليد المتقاربة والعديد من القواسم المشتركة والموارد المتنوعة, والتي يمكن أن تشكل مصدر قوة وعز ورفعة للأمة العربية والإسلامية في زمن لا يعترف بالكيانات الضعيفة والهشة وعالم يتجه بقوة نحو التكتلات والكيانات الموحدة والقوية. وقد قدمت خلال العقود الماضية العديد من المشاريع وبذلت العديد من الجهود لتحقيق الوحدة العربية، وكان آخرها تقديم اليمن مشروع التكامل العربي المشترك في قمة سيرت بليبيا والذي حظي باهتمام كبير من القادة العرب خلال تلك القمة لكنه لايزال حبراً على روق، وحلماً قابلاً للتحقيق إذا ما توافرت الإرادة والعزيمة والرغبة العربية المشتركة لتجسيده على أرض الواقع. ومع اندلاع ثورات الربيع العربي مطلع العام الماضي استبشر الكثير من أبناء الشعوب العربية بميلاد فجر جديد للأمة العربية والإسلامية, نشهد فيه تحقيق الحلم الوحدوي العربي وتزول معه الحواجز والحدود الوهمية التي صنعها وزرعها أعداء الأمة بين الدول والشعوب العربية. لكن للأسف الشديد لم نلمس حتى اليوم بوادر أمل في تحقيق هذا الحلم الوحدوي العربي والإسلامي، بل العكس من ذلك نجد اليوم ونسمع ونشاهد حركات وتوجهات وأصوات نشاز تدعو إلى الفرقة والشتات وتمزيق كيان الأمة في أكثر من دولة عربية خصوصاً الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي!! ففي ليبيا الشقيقة تجمّع قبل أيام نحو ثلاثة آلاف من أبناء إقليم برقة ليعلنوا استقلال إقليم برقة شرق ليبيا ككيان مستقل تحت خرافة ما يسمى بالفيدرالية. وفي بلادنا الحبيبة ظهرت أيضاً الدعوات والمطالبات بفك الارتباط وإعادة تقرير المصير لأبناء الجنوب, ومعالجه القضية الجنوبية تحت ذات الخرافة الفيدرالية, بدعوى الاستفادة من بعض التجارب الغربية في هذا المجال وعلى رأسها تجربة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية، دون وعي وإدراك من هؤلاء بأن هذه التجارب وإن كانت بعضها ناجحة إلا أنها لا تناسب ظروف وخصائص وأوضاع مجتمعاتنا العربية والإسلامية في الوقت الراهن لأسباب وعوامل لا يتسع المقام لذكرها. والأسئلة التي تطرح نفسها هنا: لماذا تنحصر رؤيتنا للتجارب والدول الغربية والاستفادة منها في مجال التقسيم والفيدرالية؟!! أليس من الأحرى بنا الاستفادة من تجارب هذه الدول في مجالات التقدم العلمي والتكنولوجي والصناعي والنهضة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية؟!! ألم تكن الثورات التي قام بها آباؤنا وأجدادنا تستهدف تحقيق وتجسيد الوحدة والوئام والتعاون والتكامل بين دول وشعوب الأمة العربية والإسلامية؟!! فلماذا بدأت مفردات الوحدة والتكامل العربي تتضاءل أو تختفي من قاموس وأهداف ولغة ثوراتنا وثوارنا في العصر الحديث؟؟! أليس من الحكمة اليوم الاستفادة من درس الانفصال بين جنوب السودان وحكومة السودان؟ وما قد تتجه إليه الأوضاع الحالية بين البلدين المنفصلين حديثاً نحو الحرب الأهلية إذا لم يتم تداركها من قيادات البلدين؟. أليس هذا ما يريده ويستهدفه ويخطط إليه الغرب من زمان لتمزيق كيان الأمة وإدخالها في صراعات وحروب أهلية تدمر قدراتها وإمكانياتها وتجعلها ضعيفة هشة وتابعة وذليلة لمصالح وإملاءات الغرب؟!! ويؤكد هذا التوجه الغربي الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ما ذكره الضابط الأمريكي السابق (رالف بيترز) في مقالة له بعنوان: «حدود الدم» في مجلة القوات المسلحة الأمريكية (عدد يوليو ـ تموز 2006 م ) وهي جزء من كتابه: «لا تترك القتال أبداً»، أشار فيها إلى أن الصراعات الشرق أوسطية والتوتر الدائم في المنطقة نتيجة «منطقية» لخلل كبير في الحدود الاعتباطية الحالية التي وضعها حسب تعبيره «الأوروبيون الانتهازيون». ولذلك ومن أجل شرق أوسط أمريكي جديد, قدم بيترز خارطة أمريكية جديدة تلغي الحدود القائمة وتقسم الدول الحالية فتتحول الدولة الواحدة إلى دويلات وتنشأ دول جديدة وتكبر دول صغيرة وتصغر دول كبيرة. واختتم مقالته بالقول: «إن لم يحدث تصويب للحدود في الشرق الأوسط الكبير بشكل تتفق فيه هذه الحدود مع الروابط الطبيعية للدم والدين فسوف يكون هناك مزيد من سفك الدماء في المنطقة»، وكأنه يهدد بحدود دموية إن لم تنجح حدود الدم الأمريكية. أستاذ التسويق المساعد ـ جامعة تعز [email protected] الجمهورية
الحجر الصحفي في زمن الحوثي