ميلاد اقليم البحر الاحمر

كتب
الأحد ، ٢٥ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٢:١١ صباحاً
 
بقلم / منير العشملي
بقلم / منير العشملي
ما يعيشه المجتمع اليمني اشبه ما يسمى في عالم الاقتصاد احتكار القلة والسوق الواحد المتحكم به عناصر القوى والنفوذ, فتفقد فرص استغلال القوى البشرية والموارد وتندثر المشاريع الوطنية كونها رهينة للمتنفذين فيظل مجموع الشعب يعيش تحت وطأة الجموح التدميري .فتقوم الثورات تلو الثورات تحمل في طياتها غايات واهداف نبيله لكن لا شيء يتحقق ,لامتلاك الانظمة والقوى امكانية الحفاظ على بقائها وانتاج نفسها بأشكال مختلفة . فثورة 26 سبتمبر استطاعت ان تغير شكل النظام من ملكي الى جمهوري لكنها لم تستطع ان تحدث اختراق استراتيجي لتغير في عمق النظام وتفكك القوى ليحدث التغيير المنشود وينتقل المجتمع اليمني الى تحقيق تلك الغايات والأهداف, لتظل تلك الاهداف شعارات فقط . تأتي الوحدة اليمنية ويتحقق اعادة التحام الشطرين لكن لم تتاح الفرصة لا بناء المجتمع ان يعيش الحلم لتبرز نتائج صراع النخب والقوى المتنفذة البعيدة كل البعد عن طموحات الشعب شمالاً وجنوباً ويظل الشعب من يدفع الثمن دائماً. وها هي اليوم ثورة الشعب السلمية التي تحمل في طياتها امتدادا لتحقيق طموح وتطلع المجتمع والقضاء على نظام الفساد وادواته الظلامية، تقدم التضحيات العظيمة كثمن لتحقيق تلك الغايات الانسانية النبيلة التي لطالما تعثرت وقد تكون اشبه بسابقاتها فلم يسعفها الوقت لتسجل براءة اختراع لجموع الشعب وارادته لتذهب الى احضان النخب والقلة المتنفذة ادوات المعاناة والألم , واذا بقي الامر على هذه الشاكلة يتمثل الماضي جلياً بحله مختلفة , وبالتالي فانا ابتعادنا عن تشخيص ما يعانيه مجتمعنا اليمني لهو المشكلة التي تؤدي الى بقاء الواقع كما هو عليه فيأتي المستقبل بالوجه الذي ترغب به تلك القوى المتسلطة . وفي حقيقة الامر ان المشكلة تتمثل بمأزقيات الصرعات المذهبية الدينية الحزبية المناطقية والعصبية والتي تديرها نفس الادوات الظلامية للتحكم بمقدرات البلاد وتحويلها والشعب ملكيه خاصة ،وبالتالي ان الخروج من هذه المأزقيات الممنهجة التي حشرت المجتمع في آفق متناقض وموجه وزرعت العوائق لتحول دون التكامل والتوحد بين كل فئات وافراد المجتمع، فتنشغل جموع الشعب وتتوه لتبتعد عن تحديد اسباب معاناتهم وعدم قدرتهم على فتح قنوات تواصل اجتماعيه واقتصادية وثقافية ليتحقق الحراك الايجابي الذي يستطيع السير بحياة البشرية نحو الارتقاء والتقدم . اننا بحاجة الى ان نكون نحن الشعب من يسترد حقة المسلوب ويقرر المصير ونكون ادوات المستقبل الذي ننشد، حينها نمتلك المقدرة على وضع الحلول والمعالجات تنبثق من واقعنا وليس باستيراد ثقافات وتجارب تفصلنا عن واقعنا وتحشرنا كتابعين نكون بذلك قد خرجنا من اطار تحديد افق المستقبل الذي ننشد ، اثبت التاريخ عدم جدواها . والاحرى بنا ان نعود الى اصول موروثاتنا الثقافية بنفس القدر من التفكير للانتقال الى المستقبل لنتمكن من اعادة الترابط السوي لحركة التطور من الماضي الى الحاضر فالمستقبل . اننا في ظل هذا الحرك الثوري استطاعت القوى ان تفرغ مضمونه الجوهري فصدرته بطابع سياسي ليصبح الصراع مرهون بالجانب السياسي المرتبط بطرفي المعادلة السياسية ومرهون كذلك بالقضايا الجزئية التي تعبر عن قوى اخرى داخل نسيج المجتمع فيظل الشعب مغيبا في عالم التضليل والخداع الممنهج . فمشروع الفدرالية القائم على تقسيم الوطن على اقليمين انما هو اعادة تكرار للماضي بشكل مختلف وبظروف مختلفة لن يحقق ما ينشده الشعب وانما يتيح الفرصة للمتنطعين باستثمار ذلك بهدف التجزئة وليس بهدف تحقيق التنمية والنهوض الحضاري ، برز ذلك في اجتماع برلين الذي كان نتاجه اقامة دولة فيدرالية من اقليمين وهذا لا يرتقي ليضع الحلول الجوهرية وانما يلبي ارادة القوى الظلامية التي كانت ومازالت سبباً جوهرياً في معاناة المجتمع. وعلية يجب ان تكون لإرادة الشعب دورها الان بوضع خيارها للتوجه نحو المستقبل استناداً الى البحث في الماضي كموروث حضاري ايجابي مثل ظروف حقبة الازدهار الحضاري للدولة اليمنية القديمة, ومن هنا ان الحضارة اليمنية في اوج ازدهارها تجسدت من خلال انتهاجها نظام سياسي يتيح الفرصة للإبداع والتفاعل الاجتماعي لبناء وتطور البلاد ، حيث كانت اليمن تقسم الى مخاليف او مزاود وهذا ما يشبه النظام الفدرالي ، يعني ذلك اننا لسنا بحاجة لنستورد حلول وثقافات من خارج واقعنا بل يجب ان نكون امتداد لموروثنا الحضاري . آن الاوان لنقرر نحن الشعب تجربه من نتاج ارادتنا بعيدة عن ارادة المتربصين والطامحين لتحقيق مصالحهم دون الوطن والمواطن ،آن الاوان لنقرر بان التجربة الفيدرالية تحت سقف الوطن الواحد . ان الفيدرالية القائمة علي التقسيم الإداري لأكثر من اقليمين هو الحل لمأزقيات الواقع وتناقضاته وهو الحل الذي يحقق التنمية والنهوض الحضاري ويتم التقسيم برؤية مختلفة تستند الى الموروث الحضاري وتعتمد معاير التجانس والتقارب واتاحة الفرص للتنافس وانتقال التجارب الإيجابية من اقليم الى اخر فيحدث بذلك فتح قنوات تواصل فعاله دون ان يبقى الوطن وابناءه رهينة لتحكم عناصر القلة واصحاب النفوذ. وايمانا بذلك نعلن ميلاد اقليم البحر الاحمر في الجزء الجنوبي الغربي من الوطن أن يشكل اقليما فيدراليا يضم إب وتعز والحديدة، بحدودة الجغرافية ، فغرباً البحر الأحمر، وشمالاً المرتفعات السفلية لجبال سمارة، التي تبدأ بنهاية منطقة “الدليل”، وشرقاً وجنوباً الضالع ولحج، وسيكون لذلك الاقليم ارادتة في استغلال موارده وطاقاته البشرية واستقلاله الجزئي المتفق عليه، فيما يبقى الجيش والدستور والبرلمان والعملة والثروات السيادية ورئيس الجمهورية واسم الدولة ونشيدها الوطني، وتمثيلها الخارجي، كلها تبقى موحدة لا تراجع عنها.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي