تعز.. هناك من يحاول كسرها

كتب
الأحد ، ٢٧ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٠٦ صباحاً

بقلم: على البخيتي -

عندما أسمع عن الاختلالات الأمنية التي تحصل في تعز, يُخيل لي أنها في عمران أو في ذمار مثلاً, لا أنتقص من المدينتين, لكن تعز لم تكن هكذا حتى في أسوأ مراحل حكم صالح, تعز حاضنة اليمن الثقافية, ومصنع النخبة العلمية والأكاديمية.
تعز الرمز الحي للوحدة اليمنية, فأبناؤها جسدوا الوحدة قبل توقيع اتفاقيتها, لم تكن لهم جنسية شمالية أو جنوبية, تنقلوا بين الجانبين كأنهم في بلد واحد, الجهل والخوف هو ما يدفع الإنسان للتمرس في منطقته, لكن ثقافة أبنائها عَبَرت بهم كل الحدود, لم تقيدهم المناطقية, ولا المذهبية, فانتشروا في كل المحافظات.
تعز الكتاب والمثقفون والشعراء والمبدعون, تعز عبد الكريم الرازحي وعلي الصراري وأروى عثمان وبشرى المقطري وعبد الفتاح عبد الولي وعبد الودود سيف وهاشم علي وحكيم العاقل وسلطان الصريمي, أصبحت تعز الشيخ حمود المخلافي والشيخ سلطان البركاني, تلك ابرز وجوهها اليوم, تعز أحدهما وكيل لمحسن والآخر لصالح.
تعز المدارس, أصبحت تعز المتارس, تعز العلم والمعرفة, أصبحت تعز الهنجمة والقبيلة, كل يبحث له عن قبيلة وعن أصل في الشمال ينتسب اليه, فذاك يقول أصلنا من خولان والآخر يدعي أنه من أرحب, وثالث يقول جدنا من عيال سريح في عمران, وكأن تعز لا تستحق أن تكون أصلهم.
كنا نتمنى أن تنتقل عدوى المدنية والعلم وتقبل الآخر كإنسان من تعز إلى بقية المحافظات, فإذا بتعز متعطشة للقبيلة والعُسوب والشيلان والأصول والفصول.
ما الذي جعل تعز هكذا؟ هل يعقل أن تتراجع تعز لوحدها بمعزل عن بقية المحافظات, وبوتيرة أسرع؟
هناك من يستهدف تعز في ثقافتها, في ثوريتها, في نضج ووعي أبنائها, فتعز بالنسبة لهم خطر على مشروعهم, لذلك تُقمع بوحشية كل تحركات شبابها, وكل ثوارها.
مثلث برمودا- المناطقي- بأضلاعه الثلاثة "العسكر, المشايخ, ورجال الدين" الذي حكم اليمن لأكثر من ثلاثة عقود ولازال بيده أغلب السلطة اليوم هو من يحاول لجم تعز وإرجاعها إلى بيت الطاعة وقهر ثوراتها كما قهرهم واستأصلتهم بعد ثورة سبتمبر1962, ذلك المثلث يخوض اليوم معركة ضد محافظ تعز شوقي أحمد هائل, لأنه رفض الخضوع والخنوع, لكنه غني لا يغريه الفساد وليس بحاجة إلى سلطة, فسلطة المال أكثر راحة من السلطة السياسية في اليمن, تولى المنصب بعد ضغوط مورست عليه, وقبلها لأنه يحب تعز ويريد لها الخير.
شوقي أحمد هائل أول مسؤول من تعز يقول لمثلث برمودا "لا", أول مسؤول يدير تعز من تعز وليس عبر وصاية صنعاء, شوقي يمثل أبناء تعز المستقلين برأيهم المعتزين بأصلهم المتمسكين بثقافتهم, شوقي في مواجهة بعض المشايخ الذين هم للأسف وكلاء لبعض المتنفذين في صنعاء, فهذا حمود المخلافي يقول إن شوقي معين من صالح, ويطالب السلطات في صنعاء بالتدخل, الشيخ حمود وكيل محسن والإصلاح الحصري, يريد أن يُعيد تعز إلى بيت الطاعة, يا ليت والمخلافي يطالب بجاه أو منصب لنفسه, وينافس شوقي بمعزل عن علي محسن والإصلاح, وبمعزل عن مركزية صنعاء, يا ليته يقول أنا أكفأ من شوقي أو أحق منه بالمنصب, لكنه وبكل أسف يستدعي الجهل والتخلف والقبيلة الآتية من صنعاء لتستعيد وصايتها على تعز.
لم يتهموا شوقي بالفساد, لم يجدوا عليه مخالفات قانونية, لذلك لا توجد أمامهم إلا التهم المستهلكة, أنه ليس ثورياً, وأنه من بقايا النظام, وأنه لم يُصل في الساحة, وكأن الصلاة في الساحة من أركان الإسلام!
لم يُمكنهم شوقي من استبدال مدراء العموم, من تغيير مدراء المراكز التعليمية, تمهيداً للسيطرة على تعز كما يحصل في صنعاء وبقية المحافظات, شوقي شوكة في حلوقهم, لأنه يحظى بثقة الغالبية من أهالي المحافظة, يخافون أن ينجح مشروعة في تعز فتطالب بقية المحافظات بشوقي "كمشروع".

الحجر الصحفي في زمن الحوثي