تعز بحاجة إلى تغيير حقيقي

كتب
الجمعة ، ٢٥ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠١:١٣ صباحاً

 

في الأسبوع الماضي صدر قرار جمهوري باعتماد تعز عاصمة ثقافية لليمن، هذا القرار ليس بجديد على تعز فهي معروفة للقاصي والداني ومنذ القدم أنها مدينة الثقافة والتطور والانفتاح, ويكفي هذا المدينة فخراُ أن معلم الإنسانية محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أرسل إليها الصحابي الجليل معاذ بن جبل الذي استقر فيها ونشر الإسلام في كل ربوع اليمن هذا يدل دلالة واضحة على أنها كانت مركز إشعاع حضاري وتنويري منذ القدم.. 

لقد كانت يوماً عاصمة الدولة الرسولية التي تعد من أقوي وأهم الدويلات الإسلامية، فقد امتد حكمها إلى معظم مناطق شبه الجزيرة العربية بما في ذلك مكة و المدينة. بل أن هناك بعض المؤرخين من يذهب إلى أنه عندما سقطت الخلافة العباسية في بغداد بفعل غرو التتار الذين دمروا عاصمة الخلافة الإسلامية كانت الدولة الرسولية هي الدولة القوية فقد أعلن ملكها نفسه خليفة للمسلمين وصارت تعز هي عاصمة الخلافة... 

صحيح أن القرار تطور إيجابي وخطوة متقدمة تشكر عليها القيادة السياسية وحكومة الوفاق. لكن ما تحتاجه تعز ليس مجرد قرارات وحبراً على الورق لا يقدم ولا يؤخر إنما هي بحاجة إلى عمل على أرض الواقع يشعر به المواطن و يعيد الاعتبار لهذه المدينة ويعوضها عن سنوات التهميش التي عاشتها تعز أيام النظام البائد... 

الثقافة ليست قرارات إنما واقع وسلوك وممارسة،فهل يعقل أن عاصمة الثقافة لاتزال تعانى من مشاكل كبيرة مثل ما تعانيه في أنظمة المرور وتكدس القمامة في شوارعها. وهل يعقل أن تكون عاصمة الثقافة وهي لا تزال تعج بالمسلحين والمعسكرات تحيط بها من كل جانب.وهل يعقل أن تكون عاصمة الثقافة ولا يزال المشائخ والمتنفذون الأمنيين يتربعون على مناصبها القيادية.. 

إن تعز اليوم بحاجة إلى تغيير حقيقي يتناسب مع مكانتها ودورها الريادي في الثورة الشعبية, فمن العيب أن تكون مهد الثورة ومنطلقها الأول آخر من يجنى ثمار هذه الثورة. فبعد مرور أكثر من عام على تشكيل حكومة الوفاق لم يحدث في تعز أي تغيير سوى تعيين شوقي أحمد هائل محافظاً لها هذا التغيير استبشر به أبناء تعز استبشاراً كبيراً يومها، لكن لم يكتب له النجاح حتى الآن لأنه كان بحاجة إلى أن تتبعه تغييرات أخرى تقضي على منظومة الفساد وأصحاب النفوذ والمصالح الذين كانوا أدوات للنظام البائد استخدمهم في قمع وتدمير مقدرات المحافظة ـ والذين ـ وبرغم الثورة الشعبية ـ التي وصلت أخبارها إلى أقاصى الدينا والتضحيات والشهداء والدماء التي أريقت في شوارع تعز لا يزالون في مناصبهم يمارسون نفس أعمالهم السابقة دون حياء أو خجل، وكأن نساء تعز عقمت أن تلد رجالاً غيرهم... 

إن تعز عاصمة الثقافة بحاجة اليوم إلى أن تكون نموذجاً للشراكة والتوافق الوطن، ونقطة انطلاق للدولة المدنية والمجتمع المدني القائم على الحرية والتعايش والقبول بالأخر، وتسود فيها معايير النزاهة والشفافية وتقديم أصحاب القدرات والكفاءات على أصحاب الولاء.. على قيادة السلطة المحلية في المحافظة أن تدرك أن الاستئثار بالقرار وتمكين فئة محدودة على حساب الفئات الأخرى يعنى السير في طريق الفشل، والعودة إلى المربع السابق الذي عانت منه تعز عقوداً من الزمن.. 

لا يوجد حل يمكن من خلاله حل مشاكل تعز والارتقاء بها حتى تكون عاصمة حقيقية للثقافة والمحافظة على النموذج المدني إلا الشراكة الحقيقة والتوافق الوطني.. والذي يقول يريد غير ذلك فهو لا يريد الخير لتعز ولا يريد لها الأمن و الاستقرار.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي