ثورة الجمعة

كتب
الأحد ، ١٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٢٢ صباحاً

بقلم: إلهام الحدابي -
أصبح الحكام يخافون يوم الجمعة، تتردد على مسامعنا ونفرح بها كثيراً، إذ أنه بات لنا صوت يُسمع، إنه صوت الشعب عندما يعرف لغة القوة، غير أن هذه الجمعة تكاد تكون نعمة ونقمة في آن واحد، فما معنى أن نختزل غضبنا في شعارات نرددها في أحد أيام الأسبوع ثم نعود ونمارس الفساد وكأن شيئاً لم يكن!

الجمعة على قدر كبير من الأهمية، إلا أنها حولت الثورة إلى شكل، وأي ثورة تنمو كشكل تفقد قيمتها بمرور الوقت، حيث بتنا نرى ثورتنا وهي تتحول إلى شعارات, وتعبيرات نكاد لا نحفظها لكثرتها، ثم نصرخ قليلاً ونرفع أكفنا إلى السماء أمام أضواء الكاميرات، ثم نغادر الجمعة وثورتنا، ونترك وجه الثورة ممتلئاً بالقراطيس!!

جميل أن يبقى الشعب متأهباً في كل لحظة، فالتغيير لا يحدث فجأة، ولكن الأجمل أن يوجه هذا التأهب بطريقة صحيحة، فلو أن إمام كل خطبة يناقش قضية حقيقية تلامس وجدان الشعب بدل القدح في صالح الذي لا يضره شيء من صراخ الستين، ولو أنهم يوجهون تلك الأمة الثائرة ويبصرونها بأنه لا قيمة لثورة لا تنبع من الداخل، والداخل للأسف لا يزال راكناً كما كان في السابق، والدليل على ذلك أن الممارسات الشخصية لا تزال هي تلك تلك، طريقة الحديث الانتقامي من كل من يخالف بالرأي! وطريقة استسهال رمي القمامات في الأرض، والتصميم على النفخ في ذات القربة رغم اتضاح ثقوبها!

الجمعة بقدسيتها تكاد تفقد قيمتها عندما نعلم أن هناك شطرين لنفس الشريحة أحدهما يصلي في الستين والآخر في السبعين، ويقال إن هناك مصالحة وطنية!والجمعة التي كانت منبر التغيير عبر العصور تكاد تفقد وجودها لأنها فقدت وظيفتها، بل إن أهم الطقوس التي يجب أن يراعيها من يحضر الجمعة لا تطبق بحجج كثيرة، فالباعة يتجولون هنا وهناك! واللغط والحديث ...إلخ، ومن المجدي حقاً أن يقوم أولئك البارعون بصياغة الشعارات الرنانة ليصوغوا خطة حقيقية تحمل مواضيع خطب تفيد الناس الذين صاروا مجرد أتباع حزب أو فكرة أو نظرة يقدسونها أكثر من الإسلام!

أتمنى أن نسمع في الخطب القادمة حول دور المرء ليبني وطنه بدلاً من أن ينتظر الحزب الذي لا يستطيع أن يقلب يده, فضلاً عن أن يبني دولة، وأتمنى أن نسمع عن أساليب التغيير الحقيقي بشكل عملي، فلا تنتهي الجمعة إلا وشارع الستين وغيره من شوارع اليمن يحمل وجه الثوار, وثورتهم بنظافته بدلاً من أن يحمل وجه ثورة القراطيس والمخلفات، وأتمنى أن نسمع أئمتنا يتحدثون عن السلم الذي دعا إليه الإسلام بدل تكريس العنف ولو بطريقة غير مباشرة، القاتل حكمه القتل والمجرم حكم الله فيه عادل، لكن من والاهم هو مسلم أولاً وأخيراً ويجب أن نحترمه ليقبل فكرة التغيير مع مرور الوقت.

في الحقيقة ترددت كثيراً قبل أن أكتب هذا المقال، لأني قد أخسر الكثير من صداقاتي، ولكنها الثورة من تلهمني أن ألفت النظر إلى أخطائها حتى تزهر كما أردنا من البداية.

عن صحيفة الاولى 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي