علاقة الجنرال مع الظل

كتب
الخميس ، ١٠ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٤:١٦ صباحاً

بقلم: جمال حسن

طيلة ثلاثة عقود والجنرال علي محسن يمارس تأثيره السياسي في الظل، وإذا غادر الظل فكما الأسماك حين تغادر الماء، لكن لنستعيد الرجل وهو يظهر للمرة الأولى في حياته (ربما على الصعيد الإعلامي) وهو يرتدي بذلة وربطة عنق. لم يكن فقط ذا مظهر كاريكاتوري، بل ربما مزعج، حين أراد ان يثبت لنا أنه الوريث الشرعي الوحيد لرفيقه السابق علي صالح.

مؤخراً ظهر الجنرال في الوسائل الإعلامية وهو يؤدي التحية العسكرية، أمام استعراض عسكري في عمران، وكأنه يريد تأكيد وجوده، بعد إصدار الرئيس هادي مجموعة قرارات عسكرية، شعر الكثير منا أنها مقدمة إقصاء للجنرال، لكن هل الجنرال طيلة الثلاثة العقود الماضية بحاجة لهذا النوع من الظهور، ليؤكد أنه مازال هنا؟ للرجل تاريخ مضطرب من الخلط بين ما هو عسكري وقبلي، غير أن المعادلة المختلفة هو رغبة الجنرال في التأكيد على أنه مازال حاضراً، ولم يتأثر بأي قرارات. ألم يكن إعلاناً غير مباشر لتمرد، طالما اهتاج له إعلام الاصلاح إزاء تمردات الركن الآخر في التحالف القديم.

يظهر الجنرال مرة، خارج الظل معلناً تأييده للثورة، ومرة مختنقاً بربطة عنق لم يعتد عليها، ليمرر رسالة أنه حتماً على رأس السلطة، ومرة مصراً على بقائه، وعكس ما كان صرّح به في السابق، بأنه سيرحب بهيكلة الجيش، يؤكد الجنرال أنه لن يقبل بصياغة جديدة للجيش، لا يكون شريكاً فيها. أتذكر في بدايات انضمامه ضد رفيقه السابق علي صالح، وبصورة يبادله فيها دور الخيانة على الصعيد الشخصي، كما فعل بروتوس بيوليوس، قيصر، مع الفارق الحضاري بين الشخوص، وبين الطريقتين. ففي الماضي الروماني هناك تراجيديا ألهمت شكسبير، في مقولة يوليوس قيصر: حتى أنت يا بروتوس، إذن فليمت قيصر”. لكنها اليوم تبدو كهزلية ليست مرحة..الجنرال يكابر، ليؤكد أن لا معادلة جديدة في البلد بدون وجوده. كان مختنقاً في الصور الثلاث، دون إدراكه لذلك، صور ظهوره، كما ظهر ذات يوم يلقي خطبته أمام مقاتلين في الجيش في إحدى معارك صعدة، وهي واحدة من اخفاقاته العسكرية. والمخاوف اليوم هي عودة الجنرال إلى الظل، حيث يجيد أدواره المتخفية.. الرجل في اللحظة الحاسمة مستعد لإظهار الوجه الأكثر قسوة من ماضيه، الأكثر بشاعة والأكثر تقوقعاً في دائرة القبيلة والإيدلويوجيا، حيث تدور رحى مصالحه.

وفي الواقع فإن مكتبه في الفرقة، يعج بحجاج يتلهفون للحصول على مصالح. لكن ذكاءه ينحصر على حسه الاجتماعي، فهو يلقى الوافدين بترحاب، ويودعهم إلى الباب، بابتذال متصنع للعاطفة الشعبية، فهو لا يتوانى عن تقبيل رؤوسهم، بالطريقة السامجة التي نمارسها نحن اليمنيين.

الجمهورية

الحجر الصحفي في زمن الحوثي