منظمات المجتمع المدني بين مطرقة الإنسانية وسندان السياسة

كتب
الثلاثاء ، ٠١ يناير ٢٠١٣ الساعة ١١:٠٤ مساءً

 

كتب – هناء السماوي 

عندما تبدأ منظمة مجتمع مدني بالعمل وتبدأ أنشطتها المستقلة وتظهر عليها سمات النجاح في العمل

ما تلبث أن تبدأ الأحزاب السياسية بمحاولة مكثفة لتأطير هذه المنظمة في إطارها السياسي وتسعى جاهدة لجعل أهداف وأجندة المنظمة تخدم بشكل غير مباشر أهداف وتوجهات الحزب

وتكون المنظمة في هذه الحالة بين أمرين:

فإما أن ترفض هذه المغريات والعروض متمسكة مبادئها وأهدافها التي أنشئت من اجلها واضعة نفسها في إطار من التهديدات والتشهير السلبي والحملات المعادية التي تشن عليها وتعيق استمرارها

وإما أن تستجيب لهذه العروض وتنظم للركب وتبلور أهدافها لخدمة أجندة ومصلحة الحزب السياسية وبهذا تنافي الغرض الذي أنشئت من اجله

ولا يصل الأمر عند هذه النقطة

فهناك العديد من منظمات المجتمع المدني التي أنشئت خصيصا لأغراض سياسية بحتة ويكون تقديم الخدمات والرعاية الاجتماعية بمثابة ستار ملون على حقيقة المنظمة وقد يكون أيضا لإغراء الفئة المستهدفة بأهمية التوجهات التي تتبناها هذه المنظمة لتكتنفهم بعنايتها الكريمة وخاصة أن اغلبهم من الشباب وبهذا تصبح جل الخدمات المقدمة محصورة على أبناء الحزب أو المنتمين إليه أو لنشر فكر معين يخدم أهداف التنظيم

بالإضافة إلى قيامها وبطرق غير مشروعة إلى إلحاق الأذى المعنوي بل والمادي بالمنظمات المحايدة أو المنتمية لأحزاب معادية

وبهذا يصل العراك السياسي المقيت إلى المجتمع المدني وهذا يسبب تدهور في عمل المنظمة ويعيقها من تحقيق أهدافها على الوجه  المطلوب ناهيك عن عدم الثقة التي تسود الجهات الداعمة والممولة بل وحتى  المجتمع المدني

إن حالة عدم الثقة التي وصلت إليها المنظمات اليوم لم يكن وليدة اللحظة أو المصادفة وإنما تكون بعوامل عديدة تزايدت خلال الفترة الماضية بتزايد حب الذات وتقديم المصلحة الشخصية على مصلحة المجتمع

وأصبحت المنظمة تخدم مصالح أفراد وتنظيمات بدلا من مصلحة الفئة المستهدفة

ناسية أو متناسية أن مفهوم المنظمة لم يأتي إلا من احتياج شديد يشهده المجتمع وافتقار لمن يمثله التمثيل المحايد فيتكلم بصوته وينادي بمطالبه ويوفر له الأمن الذي كان يؤمله

ثقافة الحقوق

إن فلان يعرف جيدا حقوقه ويطالب بها

مستنفرا طاقاته للحصول عليها

قرأ جيدا المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تطالب بحقوق الإنسان ,, وحفظ بنودها جيدا

حضر المؤتمرات والندوات المكثفة لمعرفة أبعاد حقوقه

لقد تعب كثيرا ووصل أخيرا لذروة الثقافة الحقوقية

وبدا حملاته للمطالبة بها وعزز إمكانياته بعمليات المناصرة وحشد التأييد

لقد أصبح الآن ناشطا حقوقيا يشار إليه بالبنان وأصبح لديه مدير مكتب ينظم جدول مواعيده وينسق له المقابلات الإعلامية والصحفية

واتفق مع كاتب متمكن ليجهز له مادته التي سيلقيها في محاضرته القادمة

وجهز له أيضا شعاراته التي سينادي بها في مسيرته المقبلة

وفي خضم الحرب الثقافية الحقوقية داس بحذائه الدموي مصالح أفراد وجماعات واستغل أفكار واستنزف قدرات

محققا بذلك النصر المسروق لذاته على حساب الآخرين ولم يكن معترفا بواجباته تجاه الغير مبتذلا من قيمه ومبادئه ما يزيد من قوته ونفوره

يا "لفلان" هذا من متقن لثقافة الحقوق !!!!

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي