متظاهرة لأول مرة..!

كتب
الاثنين ، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٣٦ صباحاً

 

بقلم / رؤى الصوفي 

طوال عامين خرجت العديد من المسيرات التي رفضت نظام الرئيس صالح و كذلك التي ايدته ، لكن جميعها لم تستهوني او تدفعني للخروج فيها لا اعرف ما السبب بالتحديد لكن ربما لارتباط تلك المسيرات بوجود قتلى محتومين او اشتباكات .. او ارتبطت بمؤامرات سياسية ضللت اسمع عنها طويلا.

لا اخفيكم اني تحمست كثيرا عندما سمعت بحملة " انا نازل " عبر الفيس بوك و تحمست اكثر عندما عرض علي صديقي " الرفيق وسام " ان يعدل صورتي لكي تكون شبيهه بكل من قرر النزول في ذلك الموعد. لم يصدق الكثيرين ممن اعرفهم اني فعلا سأشارك في المسيرة , لكي اكون صادقة معكم انا ايضا لم اكن متخيلة اني سأشارك فيها و انها كانت مجرد " شطحة " من شطحاتي الخاصة فلست معتادة على الخروج في اي مسيرات كما ذكرت سابقا. في الليلة التي سبقت الموعد المحدد كانت الصحفة الرئيسية للفيس بوك الخاص بي مليئة بمنشورات تلخصت جميعها في كلمتين " انا ناااااااااااااااااااازل " حينها عقدت العزم على النزول و المشاركة. لم اشعر بالقلق تلك الليلة مما قد يحدث و لم اتخيل اسوء الاحتمالات لتلك المسيرة ربما لأنها لم تحمل طابعا سياسيا بل تحمل رسالة تعليمية و اكاديمية.

الساعة التاسعة صباحا كنت اجلس في المركز الاعلامي لساحة التغيير " لأول مرة منذ عامين " برفقة مجموعة من الشباب و الشابات المنسقين للحملة تبادلنا اطراف الحديث الذي كان محوره هذا الحملة و خط سيرها وما شابة ذلك. تحدثنا عن اختلافنا السياسي ربما و كيف جمعنا هذا اليوم بغض النظر عن انتماءاتنا السياسية و توجهاتنا خلال العامين. قبل ربع ساعه من الموعد المحدد لانطلاق المسيرة توجهنا الى بوابة الجامعة الشرقية حينما شاهدت الاشخاص الموجودين في نقطة الانطلاق شعرت ان هذه الحملة لن تنجح بسبب قلة الاشخاص رأيت بعض الشباب من المنسقين يقولون سنخرج بالمسيرة ولو بعشرة اشخاص احببت تلك الروح التي يحملونها لكني شعرت انها نتيجة لصدمة او ربما خيبة أمل ممن وعدوا بالحضور. كثير من الشخصيات السياسية التي وعدت بالحضور لم تحضر و تركت الشباب بمفردهم يقاتلون من اجل مطالبهم " كالعادة ". لكن الامر المدهش الذي حدث انه في غضون دقائق بسيطة قبل موعد الانطلاق اكتظت تلك الساحة بالمشاركين من الشباب لا اعلم من اين اتوا لكني كنت متفاجئة لدرجة كبيرة. بدأت الهتافات و بدأت المسيرة بالتحرك داخل الجامعة كانت الشعارات حماسية و فيها نوع من الفكاهة اللاذعة التي لا تدفعك الا الى ترديدها بحماس ، مع اني قضيت معظم وقتي اراقب وجوه المشاركين و استشعر فيهم الحماس و الاصرار و الهدف الذي يريدون الوصول اليه.

في لحظة ما قرر المشاركون التوجه نحو رئاسة الوزراء حينها بدأت اقلق لأني لم اخطط للذهاب الى هناك، رأيت صديقاتي قررن المواصلة حينها قررت الانضمام اليهن و السير نحو رئاسة الوزراء بكل قوة. كان السير في الطرقات مميز جدا حينما ترى المارة يشاركونك هتافاتك ، تراهم يؤيدون مطلبك ، ترى البعض ينضم اليك فقط ليعبر عن مناصرته لقضيتك. يلتقطون صور و يوثقون في هواتفهم وجوه لا يعرفونها و صرخات قد لا تعنيهم شخصيا الا انها اشعلت الحماس في نفوسهم فقرروا ان يصبحوا جزء منها او انها تكون ذكرى لا يردون نسيانها.

في بوابة مبنى رئاسة الوزراء اوقفتنا عناصر من جنود الفرقة الاولى مدرع و منعتنا من مواصلة السير، توقفت المسيرة لكن الهتافات ضلت مستمرة ، كنت اقف مع احدى صديقاتي " أمل "حينما اقترب احدهم و قال لنا " كونوا حذرين و متأهبين لأي شيء ممكن يحصل " لم آخذ كلامه بجدية حينها و قلت له " ان شاء الله ما بيحصل الا كل خير " و لم يمر على حديثنا القصير هذا دقائق قليلة حتى سمعنا بأصوات طلقات نارية !! في تلك اللحظة شعرت باني متسمرة في مكاني ولم اقوى على الحراك لا اعرف من دفعني حينها و طلب مني الركض و الاختباء ، و ضاعت صديقتي بين الشباب و لم اجدها بجواري. استمرت اصوات الاعيرة النارية بالانطلاق ، حاولت ان انظر خلفي لرؤية لما يحدث و فكرت في ان اخرج هاتفي لأصور الاحداث ، لكني اعترف اني لم اجرؤ على فعل ذلك كان في بالي وقتها شيئين اثنين صديقتي التي ضاعت بين الحشود و الاخرى هي مقاطع الفيديو التي سبق ان شاهدتها منذ عامين عبر اليوتيوب و التي عاشها الشباب في الساحات اثناء الاشتباكات المختلفة التي حدثت. فكرت حينها بتلك القوة التي يتملكها اولئك الشباب و مقدار العزيمة و الشجاعة التي يحملونها في قلوبهم. كانت لحظات لم اعرف وقتها من كان على حق و من كان مخطأ ، لم اعرف هل هي أزمة او هي فعلا ثورة ، كل ما اعرفه ان هناك شباب لديهم هدف و لديهم القدرة على التضحية بكل قوة و جراءة. شدني احدهم من يدي و اخرجني من المنطقة القريبة من وجود رجال الفرقة لم اعرف اسمه حتى " شكرا جزيلا له ". كانت لحظات لم اعرف وقتها من كان على حق و من كان مخطأ ، لم اعرف هل هي أزمة او هي فعلا ثورة ، كل ما اعرفه ان هناك شباب لديهم هدف و لديهم القدرة على التضحية بكل قوة و جراءة. بقينا هناك لخمسة عشر دقيقة ربما ثم تحركت المسيرة عائدة الى جامعة صنعاء مره اخرى و بنفس الحماس و القوة و الشعارات التي خرجنا بها في الصباح.

22 ديسمبر 2012م يوم لم اعهد له مثيل في حياتي ، اختلطت فيه كل انواع المشاعر ، شعرت فيه اني قمت بأمر جلل ، أمر اعتبره عديد ممن شاركوا بمسيرة اليوم اعتياديا و روتينيا لكنه كان جبارا و عظيما بالنسبة لي ، كان صادما لي لرؤية تلك الشجاعة و القوة التي عبر عنها صديقي " هاشم " بالقول " هؤلاء يحملون هدف و غاية " ... اعذروا استغرابي و انذهالي انا .... متظاهرة لأول مرة.

المشاركة

الحجر الصحفي في زمن الحوثي