مصر ..جسور (الثقة) وتجسير (الوثيقة) !!

كتب
الاربعاء ، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٣٥ مساءً

 

بقلم / أحمد علي البحيري

 

التركة الثقيلة التي خلفتها أنظمة الاستبداد كبيره ولا يمكن لأي حزب أو جماعة أن تتغلب عليها منفردة دون بقية المكونات الاجتماعية والسياسية والدينية ...ولعل أولى خطوات هذا الطريق الطويل تتمثل في بناء جسور الثقة بين مختلف المكونات الثورية والاحزاب والجماعات الوطنية ...من خلال العمل على المشتركات الوطنية بعيدا عن سياسة الاقصاء والتهميش والدوران في فلك المصالح الآنية والضيقة التي لا تورث الا الخراب والدمار ..

ما شهدته الساحة المصرية في الأيام الماضية وما تعيشه هذه الايام من انقسامات واتهامات واتهامات مضادة بين القوى الاسلامية من جهة والقوى العلمانية والليبرالية من جهة أخرى تبرهن على افتقاد هذه الاطراف للثقة فيما بينها .

فعلى الرغم من دعوات الحوار التي أطلقها النظام ظلت أطراف من المعارضة متمترسة خلف مواقفها السياسية الرافضة للحوار معتمدة على تأجيج المشاعر والهاب حماس بعض الشبان المصرين دافعة بهم الى مواجهة مع الطرف الأخر وإن كان اصرار السلطة على اجراء الاستفتاء على الدستور في الوقت المحدد قد أجبر المعارضة على العدول عن بعض قراراتها والدخول في عملية الاستفتاء داعية أتباعها الى التصويت ب(لا) على مشروع الدستور وهذا بحد ذاته موقف يحسب لها ؛ الا أنها -أقصد المعارضة – عندما راءت أن نتائج الاستفتاء ليست بصالحها راحت ترمى النظام بممارسة خروقات وتجاوزات تبطل الاستفتاء حسب زعمها .الأمر الذي جعل أحد قادة جبهة الانقاذ في مؤتمر صحفي معلقا على نتائج الاستفتاء يقول: إذا كان الصندوق قد جاء بنعم للدستور فإن الشعب المصري قد قال لا للدستور ! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على استمرار حالات الانقسام في الشارع المصري وان كان الحكم هو صندوق الاقتراع .

هذه الحالة من الاٌ ثقة لم تقتصر على النخبة السياسية بل وصل تأثيرها إلى المواطن العادي والبسيط مما جعل رئيس اللجنة العلياء للانتخابات يقول في مؤتمر صحفي : إن من الاشكالات التي شابت المرحلة الاولى من الاستفتاء أسئلة المواطنين المتكررة عن اعضاء اللجنة هل هم قضاة أم لا ووصل الامر الى أن يذهب أحد المواطنين المحكمة للتأكد من وجود اسم أحد الاعضاء بالرغم من اثبات العضو للمواطن وبالبطاقة المثبتة مسبقا . 

 

صحيح أن الرئيس مرسي استطاع أن يتجاوز منعطف سياسي خطير في تاريخ الثورة المصرية بإقرار الدستور بنسبة 63.4./.الا أن الشرخ الكبير الذي حدث في الشارع المصري يحمل الرئيس مرسي وحكومته مسؤولية وطنية وأخلاقية توجب عليه ممارسة سياسات و خطابات متزنة تستوعب كل مكونات الشعب المصري الامر الذي من شأنه أن يدفع حالات الاحتقان السياسي ومحاصرته في دوائر ضيقة وتعرية كل المشاريع والقيادات التي قد تستغل ما هو حاصل للقيام بتنفيذ أي أجندة خارجية ..

كما أن على الرئيس مرسي مسؤولية أخلاقية ووطنية للوفاء بكل التعهدات التي قطعها على نفسه و بالأخص القيام بطرح المواد المثيرة للجدل في الدستور على البرلمان بعد انتخابه فان القيام ب(تجسير) هذه المواد المختلف عليها سيكون له أثر كبير في بناء جسور الثقة بين النظام والشعب المصر.

وعلى المعارضة أن تعي أن الحرية لا تعني التحلل من الواجبات الوطنية و الرمي بسلبيات الماضي ومخلفاته على جهة أو نظام ما وإن كان هذا النظام هو نتاج شرعي للثورة إذا ما ظلت تعكر الأجواء وتعمل على خلق الكوابح التي تعيق عملية التحول من الثورة الى الدولة ...فالديمقراطية ليست دساتير مكتوبة و انما ثقافة عملية وممارسات حضارية للحقوق والحريات في ظل احترام الآخر وحقوقه و أداء للواجبات تجاه الوطن والآخر .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي