قراءة في مبادرة السفير عبد الوهاب طواف

كتب
السبت ، ٠١ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٥٦ مساءً

 

 

خلال الأيام القليلة الماضية  تلقيت نسخة من مبادرة الوفاق الوطني التي قدمها  السفير عبد الوهاب هادي طواف  تركز بنودها على الخروج من الوضع الراهن ، وهي مبادرة تستحق التعليق عليها وانتهز الفرصة لتقديم كل  الشكر للسفير عبد الوهاب وللرؤية  التي يحملها ومساهمته كفرد في إبداء رأيه على شكل مبادرة والحقيقة ان المبادرة ومضامينها تتجاوز الفرد وكأنها صادرة عن مركز دراسات او منظمة او تيار سياسي  لكنها تزيد من التعمق فيها انها صادرة عن شخص وهذا ما يزيد فينا من احترام وتقدير  للسفير  عبد الوهاب على مشاركته في صناعة المستقبل

المبادرة  تعرضت لوضع اليمن ومشاكله وهمومه وأزماته خلال السنوات الأخيرة  وتطرقت للمعاناة التي لحقت باليمنيين وغياب الرؤية  لإصلاح الأوضاع  وسياسة الاستئثار بالسلطة والحكم والثروة حتى وصل الوضع الى طريق مسدود ، وجاءت ثورة فبراير لتفتح الطريق ليمن جديد ورؤية جديدة

الانقسام الحالي كان واضحا في المبادرة والخوف من المجهول  أيضا بارزا كما يتصوره السفير عبد الوهاب كقارئ حصيف  مبنية على معلومات وتوقعات واستنتاجات  مصدرها مكانته  وقربه من دائرة من دوائر صنع القرار  ، وبرز ايضا تفاؤله بمستقبل أفضل لليمن بعد ان تطرق لبعض العراقيل التي قد نتجاوزها سريعا ، وسجلت الوحدة اليمنية هاجس قوي ومسألة الحفاظ على اليمن موحدا احد مصادر القوة وبدون الوحدة فإن البلد سيلاقي مصاعب كثيرة

 

الحوار الوطني قضية رئيسية في المبادرة  "ويعتبر  الحوار الوطني أهم عملية لإخراج اليمن من مآسيها ونكباتها وأزماتها،"  ودعت المبادرة على عدم التسرع  في اتخاذ خطوات مستعجلة ضمانا لنتائج مضمونة وايجابية وهذه حقيقة يجب ان يدركها السياسيين والأطراف المعنية بالحوار والأفضل هو التعمق في دراسة المشكلات وتقديم حلول مقبولة ومعقولة  بدلا من ان نفاجئ بمعوقات منطقية غيبت بسبب الاستعجال وعدم الدراسة للجوانب المتعلقة بالمشكلة  وكلما كان الوقت متاحا لدراسة القضايا والمشكلات ودراسة تفريعاتها بدقة  وعناية نضمن الوصول الى نتائج دقيقة ومقبولة  ، مع ان السفير لمح ان بعض الأطراف يسعى الى كلفتة الحوار بهدف افشاله مسبقا  وهي السياسة التي يجيدها بعض أطراف الحوار بإدراكه انه  المتضرر من نتائج مسبقا 

ركزت المبادرة  على أهمية التعاطي الايجابي مع القضايا المطلوب تنفيذها  قبل الدخول للحوار بغرض تهيئة الاجواء للمتحاورين ر وقد أوردها في  ستة عشر نقطة اهمها تنفيذ  النقاط العشرين التي قدمتها اللجنة الفنية للحوار للرئيس هادي وهي قضايا أساسية وحلها مقدمة تبعث على التفاؤل الايجابي  إضافة الى  القضايا الهامة والمطلبية من اغلب فرقاء الحوار  مثل  حل القضايا  المطلبية للمحافظات الجنوبية وضرورة خروج صالح من المشهد واقرار قانون العدالة الانتقالية وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات وتصحيح سجلات الناخبين واستكمال هيكلة الجيش على أسس وطنية  وجاء ضمن متطلبات  الحوار هو إقالة من كانوا سبباً في تردي أوضاع اليمن وقيام الثورة وهذا موضوع ألاحظ اغفالة من كثير من السياسيين وايجابي ان ركزت عليه المبادرة ، واشترطت المبادرة في تنفيذ حل بعض القضايا قبل الحوار ومنها قضية المليشيات المسلحة  المعتمدة مع بعض التيارات واخلاء المدن والطرق من المسلحين  وتنفيذ قانون التدوير الوظيفي واعادة الأراضي المنهوبة وغيرها من القضايا ، هذه هي قضايا يتطلب معالجتها للدخول الى الحوار بنوع من التوازن وبتنفيذها تشجع الاطراف على التعاطي مع مفردات الحوار وقضاياه بنوع من المصداقية والإسهام بطرح حلول وطنية عامة

وبنفس الاهمية لحل القضايا المطلبية والضرورية  قبل الدخول في الحوار اوردت المبادرة  اهمية تحقيق تلك المطالب واهميتها في : ضمان عدم دخول أي قوى ولديها مليشيات مسلحة او أسلحة  ثقيلة  ورفض هذه القوى  التخلي  عن قوتها واسلحتها  وعدم تدخلها للقيام كبديل عن الدولة  دليل رفض مسبق للحوار وتتعامل معه كتكتيك فقط ، اضافة الى عدم الدخول الى الحوار  ولأزال هناك من القوى التي كانت سبباً في قيام الثورة في مناصب رسميةً أو حزبيةً، توفر النوايا الحسنة عندى القوى المتحاورة  مع ضمان خلق مزاج ايجابي للحوار و ضمان تكافؤ وتماثل وتساوي كافة القوى المشاركة في الحوار من حيث الإمكانيات المادية والسياسية والعسكرية

ونبهت المبادرة الى ضرورة  تبني شروط مسبقة للحوار وبدون شروط مسبقة، أو أسقف معينة للحوار ، مع التنبه الى التفريق بين الشروط المسبقة وبين المسلمات  والضروريات  فالضروريات هي التي يجب ان لا تكون مطروحة كقضايا للتحاور عليها مثل  حمل السلاح في وجه الدولة واحتلال المؤسسات العامة وغيرها من الوظائف المتعلقة بدور الدولة  والمسلمات  مثل خروج من كانوا سبباً في معاناة اليمنيين وإفقارهم وتشريدهم من المشهد السياسي أو إلغاء الحصانة ، كل هذه وغيرها اعتبرتها المبادرة بالون اختبار حقيقي لإثبات جدية القوى من عدمه ، والتجرد من كل وسائل القوة والضغط والتأثير ترغيبا وترهيبا متطلبات لنجاح الحوار فلا يمكن التحاور مع قوى تمسك  بيدها قوة عسكرية او مالية

الفئات المستهدفة بالتمثيل

الايجابي في مبادرة السفير عبد الوهاب طواف انها أفردت تفصيلا للقوى المعنية حضورها للحوار ونسب تمثيلها وهي اقرب الى المنطق المعقول وهذه القوى هي

م           الفئة       العد        ملاحظات

1          المؤتمر وحلفائه     60        

2          المشترك وشركائه   60        

3          الأحزاب الجديدة     60        

4          الحراك الجنوبي     40        

5          الحوثي    10        

6          العلماء     20        

7          معارضة الخارج     10        

8          شباب الساحات       60        

9          المرأه      40        

10         المشائخ والشخصيات الأجتماعية          20        

11         أنصار الثورة         20        

12         منظمات المجتمع المدني        25        

13         الإعلاميين            20        

14         الفئات الأشد فقراً     10        

15         المستقلين 30        

16         العسكريين            10        

17         الطائفة اليهودية      5         

18         الأكاديميين           20        

19         بنظر الرئيس         50         لمعالجة من لم يشملهم التقسيم السابق.

الإجمالي  570

مع العلم إن الشباب والمرأة سيكونون ممثلين في كل الفئات الأخرى.

وهنا تنفرد المبادرة برؤية عميقة على عكس ما جاء في التوزيع الذي أورده المبعوث الاممي جمال بن عمر والتي اعتبرها استفزازية اكثر من كونها قياس ردة الفعل من القوى السياسية  ويفترض باللجنة الفنية للحوار ان تستعين بهذه المبادرة والتعامل معها كمبادرة استراتيجية  بمضامين اكثر وضوحا وتفصيلا

كما أوردت المبادرة القضايا التي يجب التحاور عليها ومنها  المحاور التي ذُكرت من قبل اللجنة الفنية للحوار.

2.         إعادة النظر في بعض مواد الدستور ولا داعي لصياغة دستور جديد.

3.         إقرار قوانين وتشريعات تضمن حيادية الأجهزة الأمنية والعسكرية حيال الحياة السياسية في البلد.

4.         إعادة النظر في قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية بحيث يتضمن نصوصاً تصعب الإجراءات لتكوين الأحزاب حتى نصل إلى وضع مشابه للدول المتقدمة والتي لا يوجد بها إلا أعداد قليلة من الأحزاب لنضمن المشاركة الديمقراطية الحقيقة، وعدم أهدار الموارد في التنافس.

.           إقرار قوانين وتشريعات تضمن استقلالية القضاء.

6.         سن قوانين وتشريعات تضمن حرية وحيادية المؤسسات الإعلامية.

7.         سن قوانين وتشريعات تضمن عدم اقتصار بعض وظائف الدولة على ولايات أو مناطق معينة سواء كانت تلك الوظائف مدينة أو عسكرية.

8.         سن قوانين وتشريعات تضمن خروج جيل موحد الرؤى عبر تعليم موحد يتبع الدولة وتقنيين إقامة المدارس والمعاهد والجامعات الخاصة لضمان تعليم موحد للجميع.

9.         أعادة النظر في القوانين والتشريعات المنظمة لعمل المؤسسات المعنية بمحاربة الفساد، وتفعيل تلك القوانين وسن تشريعات تنظم عملها واستقلالها.

10.        أيجاد تشريعات تحافظ على ثروتنا السمكية وتضمن استثمارها أستثماراً صحيحاً.

11.        سن تشريعات تهتم بدعم الزراعة والمزارع والارتقاء بالزراعة والثروة الحيوانية ومحاربة وتحجيم زراعة القات

القضايا هذه هي التي تمثل النصيب الاكبر في المشكلة اليمنية ومع ان هناك قضايا اخرى  يمكن ان تتكامل الرؤى اذا تم النظر في كل المحاولات والاقتراحات والاراء بنوع من الايجابية لتلافي القصور وتضييق مكامن الخلل قدر الامكان

 

وورد ضمن المبادرة مهام الحكومة بعد الحوار اهمها تنفيذ مخرجات الحوار وهي ركيزة أساسية  اذا لم تنفذ النتائج وتطبيق بشفافية وقدرة عالية  كما تطرقت الى قضايا تتعلق بالتنمية والاقتصاد وكلها موضع التقدير

وتطرقت المبادرة الى شكل النظام السياسي واستبعدت الفيدرالية لعدم تناسبها ووضع اليمن الجغرافي والسكاني والمكون الثقافي والحضاري  وابقت على شكل النظام الحالي مع اعادة النظر في النظام الاداري المحلي من خلال المديريات والمحافظات واستبدالها بنظام الأقاليم وذكرت تحديدا ان يوزع اليمن الى ست اقاليم كاملة الصلاحيات  وهذا الشكل هو الأقرب للنظام الفيدرالي

الجديد في المبادرة وفيما يتعلق برئيس الجمهورية انها قدمت رؤية منطقية في اختيار رئيس الجمهورية وهو ان يختار رئيس الجمهورية بالتناوب بين المحافظات ولدورتين انتخابيتين مدتها اربع سنوات شمسية وان يضمن هذا كنص في الدستور ، الايجابي في هذه الفقرة انها ستعمل على ايجاد نوعا من التوازن المضمون والدفع بالمخاطر بعيدا

كما ان المبادرة نصت على ان نظام الحكم الحالي هو الأنسب وهو النظام المختلط  كنظام يتناسب مع وضع اليمن وهذا مقترح ايجايي لكنه مطروح كقضية رئيسية امام مؤتمر الحوار

المبادرة اوردت  مقترحا لعدد الوزارات واختصارها والغاء وزارتي الاعلام والشباب والملاحظ ان اليمن وهي من البلدان المحدودة الموارد تعاني من تضخم الوزارات والهيئات الوزارية  فكل وزارة يتبعها كثير من المؤسسات والشركات والمعاهد والمجالس وهذا يحدث ارباكا في تنفيذ البرامج ويؤثر على ميزانية الدولة

وفي الجانب الاقتصادي جاء كأهمية  اساسية وتطرقت  الى مقترحات لانعاش الاقتصاد ومدخلات يفترض العمل بها  والاهتمام بالموانئ والبطالة وتحسين مستوى المعيشة  وصولا الى الاكتفاء الذاتي والانتقال من الاقتصاد الزراعي الى الاقتصاد الصناعي ، واعتماد التمثيل النسبي في الانتخابات  لضمان المشاركة

 

المبادرة انتهت بسرد خلاصة لما ورد في المبادرة ولأهميتها أوردها كاملة كما جاءت

الخلاصة:

ستحقق هذه المبادرة في حال تطبيقها ما يلي:ـ

1.         ضمان بقاء اليمن موحداً.

2.         ضمان مشاركة الجميع في السلطة والثروة.

3.         منح الشعب مساحة واسعة لحكم نفسه بنفسه عبر الحكم كامل الصلاحيات.

4.         ضمان مشاركة غالبية الشعب في الحكم عبر النظام الانتخابي بالقائمة النسبية التي تضمن مشاركة كل الأحزاب والفئات.

5.         ضمان رفع الظلم عن المظلومين وتعويضهم.

6.         ضمان عدم تفرد حزب أو فئة أو طائفة أو قبيلة أو أشخاص بالحكم.

7.         ضمان تمثيل المواطنين في الجنوب تمثيلاً عادلاً.

8.         ضمان تمثيل دخول الشباب والنساء في كل مؤسسات الدولة.

9.         ضمان تساوي الفرص أمام الشعب اليمني في الوصول إلى أي منصب.

10.        ضمان عدم الزج بالأمن والجيش في المسائل التي ليس من مهام تلك الأجهزة.

11.        ضمان استقلالية القضاء والمؤسسات الإعلامية.

12.        ضمان توجيه إمكانيات اليمن توجيهاً صحيحاً في ما يعود بالنفع على كل مناطق اليمن.

13.        خفض البطالة إلى ادنى مستوى لها عبر المدن الصناعية وتحويل اليمن من دولة زراعية إلى صناعية، مع الاحتفاظ بنقاط قوتنا في الجانب الزراعي.

14.        ضمان بناء المرافق السياحية وتشجيع الاستثمار في الجانب السياحي وتحويل اليمن إلى قبلة السياح الخليجيين بصورة خاصة والعرب والعالم بصورة عامة.

15.        إعادة النظر في القوانين والتشريعات لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي داخل اليمن وضمان حماية الاستثمارات لتشجيع عودة الأموال المهاجرة إلى الداخل.

16.        ضمان الوصول إلى صيغ مقبولة لكل القضايا المطروحة على طاولة الحوار ترضي الشعب اليمني فقط.

17.        ضمان ولادة يمن جديد يلبي رغبات الجميع ويزيل شوائب الماضي ومساوئه.

18.        ضمان اتجاه الجميع، أحزاب وأفراد للتنافس الإيجابي والبناء للوطن الواحد.

19.        ضمان إنجاح مؤتمر الحوار إن تم التعامل مع بعض القضايا قبل الدخول إلى مؤتمر الحوار.

20.        معرفة القوى التي لا تريد الحوار، وتتخذ من السلاح وسيلة للحوار.

21.        ضمان عدم إهدار إمكانيات الدولة.

 

المبادرة دليل على الحس الوطني العالي  الذي يتمتع به السفير عبد الوهاب طواف ودليل على نضوج في الرؤية  والتفكير الايجابي ، كل الشكر والتقدير ونحن أمام هذا المجهود  العظيم  .. والمبادرة برمتها ايجابية وما ورد هو استعراض سريع لأهم الايجابيات وما لم يذكر يعني انه رهن الإضافة او الملاحظة ... وعيد ميلاد سعيد لصاحب المبادرة السفير عبد الوهاب طواف ...  ودمتم 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي