تعز .. ضنك “الحرس القديم”

كتب
السبت ، ٠٣ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٢١ صباحاً

بقلم/ محمد سعيد الشرعبي 

“اللهم لا تجعلني (ريموت) كنترول لأي حزب سياسي، ولا تجعلني من عبيد مرتزقة بلاط شوقي هائل أيضاً” ، بتعبير الزميل محمد البذيجي في منشوره على صفحته بالموقع الإجتماعي facebook أستهل مقالي هذا عن مدينتنا التي تنهشها مخالب الماضي والحاضر. 

قبل نصف عام اتفقت آراء أكثرنا على شخص المحافظ الجديد، فأتثبت لنا الايام لن أقول عكس ذلك , حيث لم يتم حسم أكثر ملف ومشكلة تنتظر إداارته، ابرزها انفلات أمني، وتردٍ خدمي وتنموي يعم الريف والمدينة، تجعلني منتقداً مزعجاً للمحافظ ومطبليه، ورغم ذلك سأدلي برأي بتجرد ودوافع حريصة على إنقاذ المحافظة بعيداً عن الخوض في معارك الدفاع والهجوم المشتعلة في المشهد التعزي. 

لا يستطيع أحد إنكار واقع تعز المأساوي .. واقع لا يحتمل أي تبعات إضافية لأي صراع عبثي ومعارك هامشية لها علاقة بالماضي، وليس بيد أحد سلطة لإنقاذها سوى سلطة محلية قوية تعمل على إنقاذ المحافظة من الانفلات الامني وتحسين الخدمات وإحداث انعاش تنموي، يسهم في إبعاد تعز عن مشاريع العنف السياسي والمذهبي الوافد على المحافظة عبر ابنائها الذين يتوالى سقوطهم الى جحيم مشاريع المركز “المدنس”. 

نشدد دائماً على تذكير من يهمهم أمر تعز وفي مقدمتهم شوقي هائل بخطر ترك تعز وشأنها في لحظة يدفع بها الى معارك تأكل نارها كل تطلع للخلاص من غول الماضي المستفيد من اشتداد اشتعال المحافظة في اتون حرائق لا تنتهي، والأخطر في الأمر مؤشرات سيئة تشير الى قرب تحول المحافظ كطرف في معركة خاسرة يستفيدون من يدفعون به كواجهة لهم في معارك عبثية تستفيد منها مخالب الماضي المحيطين بالمحافظ من كل اتجاه، وكلنا يعرف بأنهم منظومة بربرية زرعها رأس الحكم السابق لتدمير تعز ومشروعها المدني عبر أداة محلية فاعلة في تنفيذ أحقاده بحق تعز وأهلها. 

بعيداً عن كل ذلك كان حرياً بالمحافظ استيعاب استمرار وتفاقم السخط الشعبي المتفاقم نتيجة بقاء كثير من المفسدين في مناصبهم، وأعتقد لو أسعفته خبرته في تفهم سخط الناس لما تأخر يوماً واحداً عن التنسيق مع الرئيس ورئيس الحكومة لإقالة من اينعت رؤوسهم في مؤسسات الدولة، حينها فقط، بمقدوره تدشين مرحلة العمل لإنجاز الأولويات الأمنية والتنموية والتعليمة والصحية وغيرها بدلاً من البحث عن أعداء وشماعات لتبرير نصف عام من الفشل. 

اقول ذلك وأشعر بخيبة أمل كبيرة من دوران عجلة الايام على تعز بهذا الانحدار، ومع مرور الوقت سيدرك المحافظ وشرفاء المحافظة وطأة ترديد وعود بعيدة عن واقع رث، سيفشل المحافظ في إنجازها، نظراً لاعتماده على إدارة فاسدة, معظمهم متورطون بقضايا فساد واستغلال وظائفهم منذ سنوات، وحديث المحافظ عن معايير لنيل الوظيفة في ظل بقاء هذا اللوبي مجرد استخفاف بعقول الناس. 

إبقاء تعز تحت قبضة سياط وشفرات الماضي مغامرة فادحة يتحمل مسؤولياتها المحافظ الجديد، وبالمناسبة، نصف عام من تهويش شوقي هائل على هموم تعز ومشاكلها، يزيد من خيبة ظن مؤيدي شوقي قبل خصومه بإمكانية خروج المحافظة من رحم الفوضى والتردي بفترة قياسية على جهل تام من قبل المتوهمين لخوارق الرجل. 

المؤلم لأي انسان حريص على منازلة تعقيدات واقعنا الملوث لأي بادرة لإنقاذ المحافظة بجهود ابنائها ومحافظها يواصل وباء حمى الضنك في حصد ارواح سكان مدينة تعز ومديريات الريف وليس آخرها وفاة والدة زميلنا العزيز فيصل الذبحاني متأثرةً بحمى الضنك ومن قبلها عمار الكناني وأشرف السروري وغيرهم عشرات من سكان مدينتا - يرحمهم الله - يغادرون المستشفيات الى مثواهم الأخير دون معرفة وسائل الإعلام عن أسباب وفاتهم شيئا .. ألا تستحق المأساة إقالة مدير مكتب الصحة والسكان عبدالناصر الكباب؟ 

مهما كانت نوايا المحافظ في إخراج تعز من واقعها المخيف عليه الاقتناع بأنه ما من تحسن خدمي وتقدم تنموي او تحسن خدمي او استقرار أمني سيأتي في حال بقي زمام الفعل الإداري تحت سيطرة المفسدين، باعتبار مأساة المحافظة منذ عقود مرتبطة بدرجة رئيسة بمنظومة إدارة فاسدة واجتماعية مسيطرة على مؤسسات ومكاتب الدولة إلى حد اليوم، لهذا وغيره لن يجدي مع هؤلاء سوى الإقالة .. فهل يستطيع شوقي هائل فعل ذلك؟؟ 

أعتقد بأن المحافظ سيظل رهن سيطرة منظومة الفساد وسينتهي به الأمر إلى الفشل, لذا من الواجب عليه سرعة إقالة مدراء مكاتب الصحة العامة السكان والتربية والتعليم, ومن يرى ضرورة لتغييره. 

وعودةً إلى وقعنا المعيش بالمحافظة, بحاجة تعز لمدير أمن قوي يستطيع إيقاف حالة الانفلات الأمني ،ويردع كل متورط او متسبب في الانفلات الأمني, وأعتقد بأن اي توجه من هذا القبيل سيحظى بمساندة وتأييد ابناء المحافظة، ولن يتجرأ احد على التصدي لإدارة الدولة المعبرة عن إرادة وتطلعات الناس. 

نصف عام مر على شوقي هائل وهو في منصبه ولم يأتِ بجديد سوى حزمة وعود حالمة في نظر من يقرأون واقع تعز كما هو بتعقيداتها المعيقة لأي توجه جاد للمحافظ إن وجد، وما من حل لإنقاذ تعز سوى شجاعة شوقي هائل على قلب الطاولة على المنظومة السرطانية المسيطرة على تعز، وفي ذات الوقت التفرغ لإعادة الاعتبار لمحافظة مصابة بمنظومة سرطانية محلية - أسلفنا ذكر مكامنها - تستدعي الاستئصال قبل تسرطنه وتحوله إلى عاهة كمن سبقوه عاهات أصيبت بها تعز من قبله.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي