قبيلة "هائل سعيد"..!

كتب
الاربعاء ، ١٤ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٨:١٦ مساءً
بقلم/ أحمد شوقي أحمد
بقلم/ أحمد شوقي أحمد
عملت في “بيت هائل” لمدة سبع سنوات، و”بيت هائل” - كما هو معروف – هي التسمية الشعبية لمجموعة شركات هائل سعيد أنعم وشركاه، وخلال سنوات عملي السبع، لا أعتقد أن أحداً مثلي كان يتمنى وجود نقابة لعُمال المجموعة، بل ووجود نقابات لعمال القطاع الخاص عموماً، تعمل على حلّ مشاكلهم وملاحظة احتياجاتهم وتحسين أوضاعهم وضمان حقوقهم. ولأجل ذلك كان حواري قبل شهور مع الزميل محمود قياح - مدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت - حول مسألة الديمقراطية الاجتماعية، وضرورة تبني برامج حقوقية من أجل تشكيل وعي بأهمية تشكيل النقابات العُمالية والجمعيات المهنية وخلافه، بل وأبديت حماسي الشديد للعمل في هذا الاتجاه. أمسٍ الأول عصراً؛ حدثني صديقي يوسف الشامي، وهو أحد القيادات الشابة في الاعتصام الذي قام به موظفون في شركة السمن والصابون التابعة لـ “بيت هائل”، حدثني عن الاعتصام بحماس شديد، وعما حصل بالضبط، ومما حصل يهمني مقطع واحد قاله الشامي: خرجت مجموعة كبيرة من العمال من الشركة إلى الشارع على إثر شدّ مع بعض الإداريين، وهناك “في الشارع” كان خالد أحمد هائل موجوداً، وتحدث إليهم، ثم قدمت سيارة حبة مجهولة وأطلقت النار في الوسط فأصيب أحدهم، وأصيب آخر في رأسه. بعدها اتصل بي صحافي من الأصدقاء، وأخبرني من مصادره أن ما حدث - الاعتداء - كان بتدبير من أحد النافذين، بينما قال آخر: إن السيارة كانت لمجموعة من المسلحين التابعين لأحد قادة العصابات، وأنهم كانوا يريدون المرور فأطلقوا النار. المُهم، أن كلّ الروايات المُعتدّ بها، أي التي يحمل أصحابها مصادر قد تكون حقيقية أو واصلة، تشير إلى أن الاعتداء جاء بشكل عرضي، ولم تكن لحراسة المصنع أية علاقة به، وهذا ما أكده صديقي يوسف الشامي - وهو أحد المعتصمين كما ذكرت - وبالإمكان العودة إليه وسؤاله.. المسألة ببساطة وباختصار شديد، هناك لعبة قذرة تتحرك في أكثر من اتجاه، للعمل على وراثة الثورة التي لم تُنجز بعد، أو بطريقة أخرى، وراثة يمن ما بعد الثورة – إذا افترضنا أننا الآن بعد الثورة – هذه اللعبة، تقوم على فكرة وراثة المشيخة والزعامة السياسية ورأس المال، يعني إحلال لقوى جهوية معينة، وطرد قوى أخرى أصيلة.. شكلي عقدتها عليكم.. بأسلوب آخر؛ هناك رأس مال طفيلي نشأ من ضلع علي عبدالله صالح الأعوج، وفي زمنه؛ رأس المال الطفيلي الجهوي هذا يعمل الآن على تصفية حساباته مع رأس المال الوطني، الذي وبالفمّ المليان أقول: إن بيت هائل على رأس ركائزه، ولا أعتقد أن مثلي يمكنه توريط نفسه بمديح أو إطراء، لكنني هُنا أدافع عما تبقى من مدنية هذا البلد وروحه التي يراد القضاء عليها. إن مراكز النفوذ التقليدية والجهوية، ورأس المال الطفيلي، الذي يريد فرض أشكال التبعية على تعز، يقوم الآن بتفتيت أوصالها، من خلال محاولة تمزيق الأحزاب السياسية، والقوى المدنية، واستنفار القبيلة في مدينة يفترض أنها قد تجاوزت هذه الأشكال الرتيبة، ويحاول أيضاً تفتيت الترسانة القوية التي لطالما كانت السد المنيع لحماية تعز، وهو رأس المال الوطني، هذا التفتيت عبر استغلال حركة الشارع، وتداعيات الثورة الطبيعية والنبيلة التي تفرض وبقوة ضرورة التأسيس لديمقراطية اجتماعية، وكيانات نقابية تحفظ حقوق العُمال. لكن أن تستخدم هذه الحركة وهذه الاحتجاجات لتدمير المؤسسات الرأسمالية الوطنية، عبر إثارة الإشاعات، واتهام الآخرين بما ليس فيهم، فهذا أمرٌ نرفضه تمام الرفض، وعليكم أنتم أن تحكموا؛ من يُصدق أن بيت هائل مضرب المثل في المدنية والسلمية، وصاحبة السجل الأكثر نظافة والأكثر هدوءًا وسط البيوت التجارية اليمنية.. أيمكنها أن تُطلق النار على موظفيها؟! اسألوا أنفسكم وأجيبوا بأمانة..! إنني لا أدافع عن بيت هائل، فليس لي حاجة بالإساءة إلى نفسي بمديح أحد أو مجاملته، ولكنني أدافع عن كرامة المدنية، وعن تعز، هذه القِبلة الشريفة لكل مواطن حالم بمستقبل ديمقراطي ومدني وحديث ومتقدم، فالصراع في طبيعته الآن يمثل بُعداً جهوياً ورأسمالياً في نفس الوقت، ولاتزال اليمن - التي لا يستقيم أمرها إلا بالحفاظ على التوازنات - تحت رَحمة مخلفات عهد صالح، والتي من أهمها الجهوية والقبلية والمناطقية، هذه الأسهم الثلاثة التي أصبحت تضرب الآن في خاصرة تعز، وفي خاصرة الدولة المدنية الحديثة. نحنُ نعرف، أن جزءًا مما يجري يتم التدبير له من قبل رأس المال الطفيلي اللعين؛ بدليل أن ما يجري الآن يحدث في مجموعة شركات هائل سعيد فقط، ولم يحدُث في مكانٍ آخر، وهذا يدل على أن هناك استهدافاً لتعز، يريد إعادة تكريس التبعية التي كانت ولكن بشكل أبشع، وهذا الاستهداف سيحقق أمله بتطفيش رأس المال الوطني الذي يُمثل القوة الناعمة التي تكتسب من خلالها تعز قوتها ورونقها في مواجهة كل من يحاول أذيتها أو النيل منها. وإذا كان رأس المال الطفيلي يستطيع من خلال القبيلة حماية نفسه من أية اضطرابات قادمة، فليعلموا أننا قبيلة بيت هائل سعيد، سنكون ضدها متى ما أضرّت بالدولة أو المجتمع، وسنكون معها متى ما أوفت بالتزاماتها وحاول أحدٌ أذيتها، فإن لم يكن لبيت هائل قبيلة، فالقوى المدنية الحديثة التي تنشد دولة القانون وسيادته هي قبيلتها، وهي التي ستقف إلى جوارها وستحميها. الجمهورية  
الحجر الصحفي في زمن الحوثي