أغار من نسمة الجنوب

كتب
الأحد ، ١٤ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:٥٨ صباحاً


بقلم: سارة عبدالله حسن-

واهم من يستهين بشعب الجنوب ، هذا الشعب الذي قاوم أقوى امبراطورية في العالم و اعاد جنودها خائبين الى بلادهم بعد حكم طال لم يهنأوا فيه و يستكينوا بسبب المقاومة الشديدة لأهلنا في الجنوب
بريطانيا العظمى التي جعلت من عدن الساحرة ( في مواصفات ذلك الزمان ) تحفة جميلة لم تستطع بكل الدلال الذي قدمته للجنوبيين ان ترشوهم ليتنازلوا عن حريتهم و كرامتهم مقابل النعيم الذي كانوا فيه أيامها و حياة المدنية و الحضارة التي تفوقت فيها عدن على بيروت و القاهرة و قاربت مستوى كثير من المدن الأوربية كل ذلك لم يكن ليثني الجنوبيين عن نيل حريتهم ، ولا أعلم أي نظام هذا الذي يعتقد انه سيقدر اليوم على ما لم تقدر عليه بريطانيا في أوج قوتها ؟؟
ليس لأحد من حق سواء هنا في اليمن أو خارجها
ليس لأحد من حق سواء بالسلم أو بالقوة ( كما يهدد الواهمون بالابقاء على الوحدة بقوة لا شك انها ستتلاشى و تغدو سراباً أمام صمود الجنوبيين و نضالهم ) ليس لأحد حق سوى الجنوبيين أنفسهم ان يقرروا مصيرهم ، هم وحدهم أصحاب الحق في الابقاء على الوحدة ، أو الذهاب للفيدرالية أو الانتصار للانفصال سلمياً .
من سيقاوم رغبة الجنوبيين في هذا الحق لن يكون الا صورة أبشع للمحتل البريطاني حيث لا دولة نظام و لا مدنية و لا أمن و لا حياة مستقرة متطورة كما كان الحال أيام بريطانيا!
نقول لكل من يحب الجنوب و يريد الابقاء على الوحدة أعيدوا حساباتكم جيداً و أسكتوا الأصوات التي تريد ان تفرض علينا خيارها بالقوة
ادعمونا لاستعادة حقوقنا المنهوبة و احترموا انسانيتنا بما تملكون من انسانية نحن لسنا رعية شيخ و لا قطعة أرض تتنافسون على تحويل ملكيتها من شخص لآخر ، نحن شعب و دولة متطورة أعادها نظام المخلوع الف عام الى الوراء و لا تنجروا الى العبارة السياسية المتدوالة .. عبارة ( القضية الجنوبية ) نحن أكبر من مجرد قضية ... الجنوب ليس قضية صعدة و لا قضية زواج الصغيرات ، الجنوب اكبر و اعمق من كل هذا بكثير ،انه ليس كاي (قضية) انها مأساة شعب وجد وطنه مسلوباً بين ليلة وضحاها .
و أقول للجنوبيين الأحرار أيضاً لا تخلطوا أوراقكم باوراق صعدة و لا أوراق الحوثي بحجة انهم عانوا مثلكم من الاضطهاد و الظلم ،لا تساووا قضية دولتكم التي احتلها نظام المخلوع و هتك كل جميل فيها ، بقضية طائفية في الدرجة الأولى ، لا تساووا نضالكم السلمي بتمردهم المسلح ، و لا تدعوا ايران تحتلكم (و لو بصورة غير مباشرة ) بدلا من أي نظام آخر ، لا تكونوا كسيف بن ذي يزن الذي جلب الفرس ليستعين بهم على الأحباش فاخرج اليمن من احتلال لأسوأ !!
لا تدعوا الجنوب العظيم و لا عدن الحرة مطية لصراعات قادة باعوا و اشتروا في مآسيكم من فنادق الخمسة نجوم و قصور اوروبا و بيروت !!
لا تصدقوا خداعهم لكم بان الحل باتباعهم و انهم وحدهم من سيعيد لكم وطنكم المسلوب الذي كانوا هم اول من سلبه منكم.
اقتربوا من روح عدن ... عدن الثقافة و المدنية و احتواء الآخر و احتضان الجميع في سلام و وئام ... عدن التي نغار عليها من ابنائها المتهورين و أدعياء النضال فيها ، قبل ان نغار عليها من هؤلاء الذين لا يخفون أطماعهم و غطرستهم كلما رأوا اصرار أهلها على مقاومة أحلامهم المريضة ، كما نغار على الجنوب كله و اليمن كلها من هبة نسيم جارح قد يؤذي محيائها الجميل !
كونوا مستعدين للحوار دون قيد أو شرط ...ضعوا القيود و الشروط أثناء الحوار لا قبله ، لا تقفلوا أبواب الحلول منذ البداية اتركوا مساحة للتفاوض و الحوار و مساحة للحل و مسافات ، و لا تقفوا وحدكم ضد التيار ، فالعزلة و التشدد سيضيع حقوقكم في ظل مبادرة باركها العالم و لم يبارك أي حل متشدد من قبلكم كالانفصال ، اعطوا الحلول الأخرى فرصتها فان فشلت في التطبيق على الواقع لن يلومكم احد بعدها في كل ما تطلبون .
.........................
ختاماً لا أعلم لماذا كلما تأملت في أوضاع عدن هذه الأيام كلما تذكرت بيتاً للشاعر أحمد رامي :
أغارمن نسمة الجنوب على محياك يا حبيبي
وأحسد الشمس في ضحاها واحسد الشمس في الغروب

الحجر الصحفي في زمن الحوثي