القاعدة في القصر الجمهوري !

كتب
الأحد ، ٠٤ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٢١ مساءً
بقلم / فؤاد مسعد
بقلم / فؤاد مسعد

حادثة المكلا التي أوقعت عشرات القتلى و الجرحى السبت الماضي تثير العديد من التساؤلات عن طبيعة الحادثة وما ستلحقه من آثار و تجليات بدورها ستلقي بالكثير من الظلال على المشهد الذي بدأ يلتئم بالتوافق السياسي و الشعبي حول الرئيس  الجديد،

قبل الحادثة بأيام تناقلت وسائل إعلام محلية نبأ محاولة القاعدة الهجوم على القصر الجمهوري في عدن، و قالت وسائل الإعلام التابعة لبقايا النظام أن الحرس الجمهوري تصدى للهجوم، و أثنت في ثنايا الخبر على هذا التصدي كما لو لم يكن خارج المهام الموكلة للحرس الذي يقوده نجل صالح،

السؤال المطروح هنا: ما  الذي أغرى القاعدة بالقصور الرئاسية في كبريات المدن الجنوبية عدن و حضرموت؟ بينما الرئيس المنتخب لم يحسم أمره النهائي في إخلاء القصر الجمهوري بصنعاء من بقايا العائلة التي لا تزال قابضة على السلطة والنفوذ و الأمن و الحرس الخاص و الجمهوري؟

بينما لا يزال الرئيس الجديد يمارس مهامه من منزله و البقايا مسيطرة على قصر صنعاء الجمهوري تحاول القاعدة استهداف القصور الرئاسية في عدن و حضرموت، و إن كان من المتعذر استيعاب كيف يمكن للقاعدة مهما بلغ التهور لديها من محاولة استهدف القصر الجمهوري المحصن في أقصى مدينة عدن و كيف استطاعت القاعدة أيضا مهاجمة منشأة مهمة و يفترض أنها محصنة و محمية كالقصر الجمهوري في المكلا؟ 

البي بي سي البريطانية قالت في موقعها على شبكة الانترنت عن مراسلها في اليمن ان تنظيم القاعدة تبنى في بيان نشره عبر الرسائل النصية التفجير الانتحاري،

 البيان الذي نسبت فيه القاعدة لنفسها تصريح نقله مصدر وصف نفسه بالمسئول في القاعدة، و قال ان  الهجوم ياتي للرد على ما أسماها جرائم الحرس الجمهوري!

المعروف الذي لا يخفى على أحد أنه باستثناء المواجهة الخاطفة مع عناصر مسلحة في رداع فإن الحرس الجمهوري لم يكن في يوم من الأيام هدفا للقاعدة منذ باشرت أعمالها في مناطق مختلفة من اليمن، ما يجعل حديث المصدر القاعدي المفترض عن (جرائم الحرس الجمهوري) ينطوي على الكثير من التساؤلات، إذ المعروف أن هذه الجرائم التي يرتكبها الحرس الجمهوري لا تستهدف القاعدة، بالقدر الذي استهدفت ساحات الثورة في صنعاء و تعز و القرى و المناطق التابعة لأرحب و يافع و نهم و الحيمتين و بني جرموز و غيرها على خلفية الموقف من الثورة التي أطاحت بنظام صالح والد أحمد قائد الحرس الجمهوري و القوات الخاصة بالعائلة،

أكثر ما أثار التساؤلات في هذا الهجوم الدامي مسألة التوقيت الذي جاء في أعقاب أداء الرئيس الجديد/ عبدربه منصور هادي اليمين الدستورية أمام البرلمان تدشينا لعهد جديد من  التوافق السياسي المسنود بشرعية شعبية عبر عنها اليمنيون يوم الانتخابات الرئاسية مهما حاول البعض التقليل منها، ذلك أن الهجوم و بهذا التوقيت يفيد أن ثمة مخاطر تتهدد العهد الجديد في أكثر من منطقة و في أكثر الملفات تعقيدا وهو ملف تنظيم القاعدة الذي كان الرئيس منصور هادي تعهد في كلمته عقب اليمين بمواصلة الحرب عليه باعتبارها واجبا وطنيا و دينيا،  

تتخذ القاعدة من المناطق غير الخاضعة لسلطة الدولة وتشكل أكبر التحديات و أكثرها خطرا على أمن المجتمع و استقراره و  سلمه الإجتماعي كما وليس خطرها مقتصرا على اليمن وحدها لكنه يتجاوز ذلك لتهديد الجيران والشركاء في المنطقة التي تتشابك فيها المصالح و تتداخل عوامل الأمن و علاقات السياسة و مقومات الاقتصاد ما يجعل اليمن شريكا مهما في المنطقة و الإقليم و بما يعزز من دورها مستقبلا في الحرب على الإرهاب، كما و يجعل المجتمع الدولي شريكا فاعلا في ترميم البيت اليمني جراء ما لحق به من دمار و تشظي نتيجة السطو على مقدرات البلد و مكاسبها و جعلها رهينة بيد شخص أوكلها للمقربين منه من أبناء و أصهار و مساعدين،

و يدرك  المجتمع الدولي ما يجب فعله إزاء اليمن و المخاطر التي تحدق به و التحديات التي تواجهه سياسيا و اقتصاديا و أمنيا، و بالتالي فإن مثل هذا الهجوم يضاعف المسئولية على صناع القرار في اليمن فيما يتعلق بالعمل على ترسيخ دعائم الأمن و  الاستقرار في البلد و تمكين الأجهزة الأمنية من القيام بدورها بعيدا عن المناكفة و المكايدة التي كانت ابرز سمات عهد صالح الذي غدا في حكم البائد .

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي