اغتيال ينطلق من الجامعة

كتب
الاربعاء ، ١٠ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠١:٥٧ صباحاً

بقلم: نبيل عبدالرب-

ما حدث في جامعة صنعاء الأسبوع الماضي، أمر مؤسف ويؤكد أننا في هذا البلد مازلنا محلك سر.

لست هنا بصدد مناقشة قضية أي الأطراف كان مخطئاً وأيها محقاً وربما تناول الموضوع من زاوية المصيب والمخطيء قد يكون مناسباً إذا حصل نزاع أو خلاف أو فوضى في سوق للقات، أو بين مندوبي البلدية والبائعين على الأرصفة، لكن في أهم صرع تعليمي في اليمن فإن الأمر جد مخجل ويعكس مدى وقاحة السياسة التي وصل إليها حالنا.

إن الطرفين المتنازعين في جامعة صنعاء، ونقولها بوضوح المؤتمر والإصلاح، كلاهما دفن القانون وألقى به في هوة سحيقة من وسخ السياسة.

الحزبان الكبيران يخوضان معركة انتخابية مبكرة، وليس القصد دوشة الانتخابات في الجامعة، إنما الانتخابات العامة المقبلة، البرلمانية، والرئاسية.

ومن بين كل الجهات الحكومية ذات الاحتكاك بالجمهور تمثل المؤسسات التعليمية أدوات غاية في الأهمية في المعتركات الانتخابية، فقطاع التعليم العام والجامعي إضافة إلى أنه يضم شريحة واسعة من الناخبين، فهو يتألف –عادة- من الفئة المتنورة في المجتمع، والمتمتعة بقدر من التنظيم، ما يؤهلها لأن تصبح إلى جوار كونها كتلة تصويتية مهمة، الفئة القادرة على التأثير في اتجاهات الناخبين.

قد يقال إن اليمن لها خصوصية في ثقل تأثير المشيخ والزعامات القبلية على نتائج أي انتخابات عامة، بشكل يفوق تأثير الفئات الأخرى.

وهذا كان صحيحاً، ومازال إلى حد ما، إلا أنه لا ينبغي نسيان أن فئة المدرسين والطلاب تتداخل مع كافة الفئات، بما فيها المشائخ الذين بات معظمهم يهتم بالتحاق أبنائه في سلك التعليم، علاوة على ذلك ينتمي أغلب أفراد هذه الفئة إلى شريحة الشباب التي أثبتت الأحداث قدرتها على تصدر المشهد وإجبار بقية الفئات على السير في ركبها.

لذلك يرى المؤتمر والإصلاح إن الدخول في المنافسة الانتخابية القادمة يبدأ من أروقة الإدارات التعليمية في الجامعات والمدارس.

المدرسون والطلاب (الجامعيون وغير الجامعيين) يشكلون واحداً من القطاعات والدوائر الحيوية داخل الأحزاب، وكما يمثلون قوة تغييرية في المجتمع فإنهم الأدوات الأكثر نشاطاً في الأحزاب، والمؤسف أنهم بدلاً من أن يصيروا قوة ضاغطة داخل الأحزاب للدفع بها نحو استيعاب المرحلة والتحول إلى عامل يعجل في تغيير الواقع إلى الأفضل، يقومون بدور الدمية الطيعة للانغماس في مخلفات الماضي.

الأحزاب طالما آثرت الابتعاد عن تبني هموم الناس وآمالهم، ولا يبدو أن الحركة الشبابية التي خرج أفرادها إلى الشوارع بيافطات لم تكتب في مقرات الأحزاب، وبدون أخذ إشارات البدء من قادة حزبيين عفى عليهم الزمن، لا يبدو أن الأحزاب عاد قادتها إلى أنفسهم ليسألوا: لماذا خرجت الأحزاب خلف الشباب في الشوارع وليس قبلهم وبمقدمتهم؟ ولماذا خرج الشباب أصلاً في أوسع حركة احتجاجية يمنية؟

أليس لأن الأحزاب تقوقعت في مماحكاتها، بعيداً عن مشاكل البلد التي يتلخص الجزء الأكبر منها في غياب دولة مدنية يحكم القانون صغيرها وكبيرها، غنيها وفقيرها، قويها وضعيفها.. المدنية والقانون اللذان كشفت أحداث الجامعة أنهما مازالا عزيزين وبعيدي المنال حتى في عقول الشريحة المتنورة في المجتمع.

صحيفة الناس الأسبوعية

الحجر الصحفي في زمن الحوثي