الرئيسية > دنيا فويس > صعيدي في الجامعة الأميركية أصبح سعودي في الجامعة الأميركية

صعيدي في الجامعة الأميركية أصبح سعودي في الجامعة الأميركية

" class="main-news-image img

كشف تعرض الفنان الكوميدي المصري محمد هنيدي لحملة سخرية واسعة بمصر على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الإعلان عن حصوله على الجنسية السعودية أخيرا، عن محاولة لافتعال أزمة تلهي المواطنين عن مشاكلهم الحقيقية.

 

وجرى تحريف أسماء بعض أعماله الفنية كنوع من السخرية ما يجعلها تتماشى مع البيئة السعودية، فـ”عندليب الدقي” نسبة إلى حي الدقي الشهير في القاهرة تحول إلى “عندليب الرياض”، وفيلم “صعيدي في الجامعة الأميركية” أطلق عليه “سعودي في الجامعة الأميركية”، بعد أن طالب رئيس هيئة الترفيه بالسعودية الشيخ تركي آل الشيخ الفنان هنيدي بتقديم جزء آخر من الفيلم الأصلي، قبل تعمد تحريف اسمه.

 

 

ولم يكن هنيدي أول فنان مصري أو عربي يحصل على الجنسية السعودية أو الخليجية، فقد سبقه كثيرون من نجوم السينما والإعلام والموسيقى والغناء، وبعضهم قبلوا بالإقامة الذهبية لتجنب تعرضهم لانتقادات أو غضب الجمهور المصري منهم.

 

وتزامنت الخطوة مع انتعاشة فنية سعودية ارتبطت بتقديم مزايا مادية ومعنوية كبيرة، وتعامل ساخر من جانب شريحة من المصريين يجيدون مزج السياسة بالكوميديا، وبدت كأنها موجهة للنيل من نجومهم والتقليل من فنهم أو صناعة مجد على أكتافهم.

 

ومع أن الرياض تحدثت بشكل إيجابي عن الفن المصري وتاريخه ونجومه وأبدت سعادتها باستضافتهم وتكريمهم والاحتفاء بهم، غير أن هناك من تعاملوا في القاهرة مع ذلك باعتباره استهدافا أو محاولة لسحب البساط من تحت أقدام المصريين.

 

وفي الوقت الذي حظي هذا الاتهام بتأييد على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك من كانوا أكثر صراحة في تحليل ظاهرة منح الجنسية السعودية لمصريين ضمن سياق أشمل، جزء منه يتعلق بالحفاوة التي يجدها هؤلاء في الرياض ويفتقرون لها في القاهرة،

 

 

وجزء آخر يرتبط بطبيعة الانتعاشة الفنية السعودية والمراد لها أن تحقق قفزات سريعة، وتلفت الانتباه باستقطاب نجوم من دول عدة بالجنسية والإقامة الذهبية، والتوسع في الحفلات والمهرجانات الفنية والتكثيف الإعلامي عليها كظاهرة إيجابية

 

وثمة جزء ثالث يتعلق بالعولمة ومقتضياتها الإنسانية، وما يرتبط بها من انفتاح وتلاقح للأفكار والخبرات في مجالات متنوعة، وأن الحساسية المصرية لها جوانب أخرى، تخص العلاقة مع الآخر، فإذا حصل مصري على جنسية أميركية أو بريطانية يبدو الأمر مقبولا، وإذا حصل عربي على الجنسية المصرية يبدو ملفوظا.

 

وقال المخرج المصري أمير رمسيس إن الجدل حول حصول الفنانين على الجنسية السعودية يحوي غيرة فنية في ظل مخاوف من سحب البساط من القوى الناعمة المصرية، وهو تخوف مشروع وسط مشكلات تعاني منها الفنون عامة في مصر.

 

 

وأوضح رمسيس لـ”العرب” أن هذا الاتجاه لا يتماشى مع الانفتاح الدولي وتجاوز مصطلحات الصناعة المحلية للفنون، ما جعل حصول عدد من النجوم الفرنسيين على الجنسية الروسية مثلا لم يكن محل جدل واسع، مثلما الوضع حاليا في مصر.

 

وذكر رمسيس أن القوى الناعمة المصرية سعيدة بوجود حركة فنية متطورة في دولة مجاورة، لكن الخشية تأتي من التأثير السلبي على سمعة الفن المصري، وتبقى الأزمة في كيفية التعامل مع المشكلات التي تساهم في دفع النجوم إلى الذهاب إلى السعودية لأن ما تقدمه الجهات الحكومية في الرياض من خدمات لصناع الفن يساعد على المزيد من الهجرات إليها، مقابل وجود معوقات تعترض عملية التصوير، فضلا عن تشدد الرقابة على بعض القضايا المقدمة في مصر.

 

ولفت في حديثه لـ”العرب” إلى أن حصول نجوم ومشاهير على الجنسية السعودية لا يخصم بشكل مباشر من قوة الفن المصري، لكنه يُعد من ملامح التراجع الضمني، لأن الفنان الذي حصل على جنسية دولة أخرى ستظل حياته مرتبطة بتلك الدولة، وهناك قناعة بأن مصر أولى بأبنائها وعليها أن تستوعبهم بما لا يؤدي إلى هجرتهم.

 

وشهدت مصر خلال عقد الستينات من القرن الماضي انحسارا فنيا، دفع الكثير من النجوم إلى الذهاب إلى لبنان والإقامة والعمل هناك، ومنهم من حصلوا على جنسيته، هربا من مشكلات صناعة السينما المصرية التي تطل برأسها في الوقت الحالي.

 

ويخشى بعض النقاد من أن تحدث انتكاسة فنية في مصر إذا لم يجد المسؤولون عن هذه الصناعة وسيلة لإنقاذها، وتبديد المخاوف من الحصول على الجنسية السعودية، فالتشكيك في الولاءات الوطنية بالتصريح والتلميح لمن حصلوا عليها ينطوي على افتعال أزمة وليس مواجهة مرض يمكن أن يتطور ويتحول إلى هروب.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي