الرئيسية > منوعات > الذكاء الاصطناعي يهيمن على الإعلام في عام انتخابات مصيرية

الذكاء الاصطناعي يهيمن على الإعلام في عام انتخابات مصيرية

" class="main-news-image img

تؤكد تقارير إعلامية أن الذكاء الاصطناعي سيجتاح الفضاء الإعلامي في 2024، وسط تذبذب سياسي واقتصادي حاد يشهده العالم، ما سيؤثر على موثوقية المعلومات، واستقرار وسائل الإعلام التقليدية، وسيجبر الصحافيين والمؤسسات الإخبارية على إعادة التفكير بأدوارهم وأهدافهم.

 

وتشير توقعات معهد رويترز لدراسة الصحافة، إلى أنّ الغالبية العظمى من محتوى الإنترنت سينتجه الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2026. وبحسب استطلاع آراء 300 من قادة الأخبار من 50 دولة ومنطقة، خلص التقرير إلى أنه من المرجح أيضًا أن تؤثر هيمنة الذكاء الاصطناعي على المعلومات في عام يشهد انتخابات مصيرية في أكثر من 40 دولة ديمقراطية، مع استمرار الصراعات في أوروبا والشرق الأوسط.

 

وشهدت غرف الأخبار العام الماضي، ضغوطًا غير مسبوقة بسبب سلسلة من الأزمات العالمية، مثل الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط وتغير المناخ وتداعيات جائحة كوفيد19 والركود الاقتصادي، ومن المتوقع أن يستمر هذا الضغط في عام 2024.

 

وعلى الصعيد التجاري، ساهمت مجموعة من العوامل في عمليات تسريح للموظفين في الصحافة والإعلام، أبرزها سوق الإعلانات البطيء، والاختفاء الوشيك لملفات تعريف مواقع الطرف الثالث، وتراجع الاعتماد على حركة المرور من منصات التكنولوجيا الكبرى

 

ويشعر نصف قادة الإعلام فقط بالثقة في آفاق الصحافة في العام المقبل، وترتبط مخاوفهم بارتفاع التكاليف، وانخفاض عائدات الإعلانات، وتباطؤ نمو الاشتراكات، بالإضافة إلى تصاعد المضايقات القانونية والجسدية ضد الصحافيين.

 

لكن هناك جانب جيد وسط كل هذه التوقعات، يكمن في أن تؤدي الأحداث السياسية والرياضية الكبرى خلال العام، كالانتخابات في الولايات المتحدة والأولمبياد، إلى زيادة اهتمام الجمهور واستهلاك الأخبار، حتى لو كان ذلك بشكل مؤقت.

 

وغالبًا ما توفر الانتخابات دفعة مؤقتة لحركة المرور والقراءات على المنصات والمواقع الإخبارية، لكن هناك أيضًا مخاوف من أن تؤدي السياسات المثيرة للانقسام والاستقطاب إلى زيادة تقويض الثقة في وسائل الإعلام الإخبارية.

 

ويقول أحد كبار المحررين “إنّ استقطاب الرأي الناجم عن وسائل التواصل الاجتماعي، يشكل أحد أصعب التحديات التي تواجه المهمة الأساسية للصحافيين، في وقت ينشأ فيه جيل متشكك في وسائل الإعلام التقليدية”.

 

وبشكل عام، يعبر المزاج السائد في استطلاع هذا العام عن الإيمان القوي بقيمة الصحافة، مع قدر كبير من عدم اليقين بشأن العام المقبل، تغذيه التوقعات بحدوث موجة ضخمة أخرى من الاضطراب التقني. وتراجعت أولوية الأخبار في منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية مثل فيسبوك وتويتر خلال العام الماضي.

 

وتحاول الشركة الأم ميتا مواجهة تهديد تيك توك لها، من خلال استقطاب وتحفيز المبدعين بدلاً من الصحافيين على استخدام منصتها.

 

ومن ناحية أخرى، أدت الاضطرابات التي شهدتها شركة إكس والتي تضمنت إزالة العناوين الرئيسية من منشورات الناشرين لتصبح كمصادر المحتوى الأخرى، إلى تقليص قيمتها بشكل حاد كمصدر للمعلومات وحركة المرور.

 

ويشعر قادة الإعلام بالقلق من تراجع حاد في حركة المرور القادمة من مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انخفضت حركة المرور من فيسبوك إلى مواقع الأخبار بنسبة 48 بالمئة في عام 2023، ومن إكس بنسبة 27 بالمئة، ومن انستغرام بنسبة 10 بالمئة.

 

وردًا على هذه التطورات، سيركز قادة الإعلام بشكل أكبر على قنواتهم الخاصة والمباشرة في العام المقبل، مثل مواقع الويب والتطبيقات والنشرات الإخبارية والبودكاست. بينما سيلجأ البعض إلى خفض التكاليف، وآخرون سيجربون منصات الطرف الثالث البديلة، وسيتطلع بعض الناشرين والمذيعين إلى إنفاق المزيد على التسويق.

 

 

وحدّد الناشرون منصات التواصل الاجتماعي التي سيبذلون فيها جهدًا أكبر مستقبلاً، ويأتي واتساب وانستغرام في المقدمة، وذلك بعد قرار ميتا بفتح قنوات بث للناشرين، يمكنها أن تنتج إحالات أكثر من فيسبوك وإكس، وفق ما أكده بعض المشاركين في الاستطلاع.

 

ولا يزال الاهتمام قويًا بمواقع الفيديو مثل تيك توك ويوتيوب على التوالي، بينما يتحول غوغل ديسكفر إلى مصدر إحالة مهم ولكن متقلب. وعلى النقيض من ذلك، تراجعت مشاعر الناشرين تجاه فيسبوك أكثر هذا العام، إضافةً إلى إكس.

 

وتخطط الغالبية العظمى من الناشرين لإنشاء المزيد من الفيديوهات والرسائل الإخبارية والبودكاست، مع الحفاظ إلى حد كبير على نفس عدد الأخبار التي تركز على المجالات القليلة التي تشهد نموًا في القراءات وتجذب اهتمام الجمهور والمعلنين.

 

حتى شركات التكنولوجيا الكبرى نفسها، ليست محصنة ضد تراجع الإعلانات وتتطلع أيضًا إلى الحصول على إيرادات المحتوى المدفوع. وستطلق ميتا نسخة مدفوعة من فيسبوك وانستغرام في دول الاتحاد الأوروبي، خالية من الإعلانات وتحافظ على خصوصية البيانات، بتكلفة أولية 9.99 يورو شهريًا.

 

من المتوقع، أن يشهد العام الحالي انتشاراً لمساعدي المحادثة المعتمدين على الذكاء الاصطناعي والمدمجين بأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وحتى السيارات، ما “سيغير الطريقة التي نكتشف بها المحتوى”، وفقاً لـ”رويترز”.

 

 

ومن المتوقع أن تبذل وسائل الإعلام ضغوطًا متزايدة لمواجهة الخسارة في حركة المرور والإيرادات الناتجة عن ذلك، ورجحت “رويترز” أن تكون الدعوى القضائية التي رفعتها صحيفة “ذا نيويورك تايمز” ضد “أوبن إيه آي” واحدة من بين العديد من القضايا المشابهة التي سترفع هذا العام.

 

وكانت الصحيفة الأميركية قد اتهمت “أوبن إيه آي” باستخدام ملايين مقالات الصحيفة من دون إذن لتدريب نظام “شات.جي.بي.تي” الذي صار ينتج أحيانًا “مقتطفات حرفية” من هذه المقالات، ما يعني أنّه بات منافساً للصحيفة كمصدر للحصول على المعلومات.

 

وتوقفت نصف المؤسسات الإعلامية الكبرى عن السماح لمنصات الذكاء الاصطناعي من الوصول إلى المحتوى الخاص بها بحلول نهاية العام 2023، الأمر الذي يجعلها في وضع أفضل لعقد صفقات في المستقبل مع هذه الشركات.

 

وفي حين رأى بعض المشاركين في الاستطلاع أن هناك فرصة للتعاون مع شركات الذكاء الاصطناعي بطريقة تكفل تحقيق الجميع أرباحاً، إلّا أن الغالبية عبروا عن عدم تفاؤلهم بنتائج أيّ اتفاق بين المؤسسات الإعلامية وشركات التكنولوجيا. ففي حين رأى أكثر من ثلث المشاركين أن مجموعة محدودة من المؤسسات الإعلامية الكبرى ستحقّق أرباحاً من هذه الاتفاقيات، توقّع حوالي النصف أنّ المؤسسات الإعلامية لن تحصل سوى على القليل من المال.

 

من المتوقع أن تستمر الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المؤسسات الإعلامية في ظلّ تقلبات سوق الإعلانات وتحوّل جمهور أوسع إلى التكنولوجية الرقمية.

 

ولفت التقرير إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية شهدت في العام 2023، فقدان حوالي 20 ألف وظيفة في الإعلام، أي ما يقارب ستة أضعاف ما فقدته بالعام السابق، كما أن هناك ما بين إثنتين وثلاث صحف محلية تغلق كل أسبوع.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي