الرئيسية > جولة الفن > أيمن زيدان فنّان لم تسرقه كاميرا السينما والتلفزيون من الخشبة

أيمن زيدان فنّان لم تسرقه كاميرا السينما والتلفزيون من الخشبة

" class="main-news-image img

عند البحث في أرشيف الفنّان أيمن زيدان ما بين المسرح والتلفزيون والإذاعة والسينما والإعلام والأدب، نكتشف محطات غنية كسرت قيود الروتين، فاحتوت على التأليف والإعداد والتمثيل والإخراج وإعداد وتقديم البرامج والإنتاج، لكن تلك المحطات على اختلافها لم تبعد زيدان عن الخشبة المسرحية بل زادته وفاء لها.

 

انطلق أيمن زيدان من المسرح حيث بدأ في تلقين النصوص لأول مرة ضمن أحد المسارح، وانجذب لعالمها، ما دفعه لاختيار طريق الفن وتعلمه عند السماع بافتتاح المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام 1978، فكان ضمن أول دفعة متقدمة وتخرج عام 1981 متتلمذا على يد عمالقة الفن من بينهم أسعد فضة، وليد القوتلي، والراحل فواز الساجر.

 

بعد التخرج الأكاديمي، شق زيدان طريق ممارسة المهنة وبدأ يرسم خطوات منجزه الفني شيئا فشيئا بالمشاركات التمثيلية والإخراجية في عدة مسرحيات ضمن المسرحين القومي والجوال، وازداد شغفه فقرر السفر إلى ألمانيا واتبع دورة في الإخراج المسرحي في العاصمة برلين، وعاد إلى الوطن وأصبح مديرا للمسرح الجوال.

 

تنوعت تجاربه المسرحية بين التمثيل والإشراف والإدارة والإعداد النصي المشترك مع الكاتب محمود الجعفوري لنصوص عالمية في الإخراج والتحكيم ومنها التمثيل في: حكايا الحكيم، الزواج، عنترة بن شداد، وحكاية بلا نهاية عام 1985 إخراج أسعد فضة، كما مثَّل أيضا في مسرحيات من إخراجه الشخصي.

 

وقام زيدان بالإشراف عام 1983 على مسرحية “المهرج” تأليف الراحل محمد الماغوط، و سنة 1988 أخرج مسرحية “رحلة حنظلة” تأليف الراحل سعدالله ونوس، في إطار سياسي انتقادي هادف، وفي عام 1990 أخرج مسرحية “فضيحة في الميناء” تأليف الإيطالي كارلو جولدوني، كما أخرج عام 1992 مسرحية “سوبر ماركت” عن نصّ “لا تدفع الحساب” للكاتب الإيطالي داريو فو، وأعاد إخراجها ثانيةً برؤية جديدة بعد إعداده للنص عام 2008، ومرة ثالثة أيضا عام 2021 بإعداد نصّي مشترك مع الكاتب محمود الجعفوري.

 

أما في عام 2005 فأخرج زيدان مسرحية سيدي الجنرال، إعداد الكاتب محمود الجعفوري عن نص “العائلة توت” للكاتب الهنغاري أسطفان أوركيني، وفي عام 2011 أخرج مسرحية “راجعين” عن نص “الشهداء يعودون في هذا الأسبوع” للراحل الجزائري الطاهر وطار.

 

وفي عام 2014 أخرج وأعدّ نصّ مسرحية “دائرة الطباشير القوقازية” تأليف الألماني برتولد بريخت، وأخرج عام 2017 وأعد نصّ مسرحية “اختطاف”، عن نصّ للكاتب الإيطالي داريو فو، وفي عام 2018 أخرج وأعد نصّ مسرحية “فابريكا”، عن نصّ للكاتب الصربي برانسيلاف نوشيتش.

 

وفي عام 2019 أخرج وأعد نصّ مسرحية “ثلاث حكايا” للكاتب الأرجنتيني أوزوالدو دراكون، وفي العام نفسه قدم أحد عروض مسرحية “وجهان ع الضو”،إخراج نجيب الحبال، نفذتها منظمة آمال للأشخاص ذوي الإعاقة بمشاركة 19 طفلا وطفلة يعانون من اضطراب التوحد على خشبة مسرح الحمراء بدمشق.

 

كما أخرج وأعدّ في عام 2023 نصّ مسرحية “السيرك” أيضاً للكاتب الأرجنتيني أوزوالدو دراكون عن مسرحية “قصص تروى”، بطرحه لوحتي “ضربة شمس، والرجل الذي صار كلباً”.

 

 

تجربة الفنّان أيمن زيدان طويلة وغنية، تميزت برؤية تطويرية واعية ومختلفة، مزجت بين آفاق البحث وذكاء الانتقاء، والقلم الجريء في تطويع الأفكار والرسائل لملائمة المجتمع السوري من جهة، وتنظيم عناصر البناء الدرامي المسرحي وقيادة الطواقم الفنية وإرشادهم بعناية فائقة والقدرة على إعادة ضبط بوصلة الجماهير وجذبها لخشبة المسرح من جهة أخرى.

 

واستطاع أيمن زيدان أن يحارب ظروف الإنتاج القاسية والمختلفة نتيجة الحرب في سورية، وأن يزيد وفاء المنتجين والناس للمسرح، فلم تسرقه الانشغالات التلفزيونية والسينمائية عن الخشبة، بل حرص على التمسك بها دون الالتفات لإغراءات الشهرة والأجر المادي.

 

سار أيمن زيدان على درب الرواد المؤسسين، فأصبح رائدا وعرابا وبقي مؤمنا بالفريق الجماعي، ولم تنطفئ شعلة الهاجس الإبداعي بداخله بل كانت تتقد باستمرار فيشعر بالأمان والخلاص في حضن المسرح ودوره الأبوي الحقيقي لبقية الفنون الأخرى، وهو الابن الذي يخاف على أبيه ويرعاه ويدافع عنه مؤمنا بأنّه لن يموت لكنه يقلق عليه من الاحتضار، وهذا ما يبوح به دوما عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك.

 

 

استطاعت مسرحيات زيدان المتنوعة أن ترضي أذواق الغالبية العظمى من شرائح الأجيال المختلفة، والنقاد، والعاملين في المهنة، كونها تطرح هموم الناس وقضاياهم المعيشية، لذلك كانت صالة مسرح الحمراء تمتلئ بالحضور رغم القذائف والإرهاب، وشاركت بعض مسرحياته في دورات المهرجانات المسرحية العربية من بينها (الدورة الثانية عشرة في عمان بالأردن، الدورة الثالثة عشرة في الدار البيضاء بالمغرب، مهرجان بغداد الدولي للمسرح بدورته الثانية في العراق، مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي بدورته السادسة في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة).

 

وحصد زيدان عن تجربته المسرحية تكريمات عدة أبرزها تكريم تونس، بالدورة الثالثة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية، فاستذكر بها تاريخ مهرجان دمشق المسرحي، وأهدى تكريمه لكل روّاد المسرح.

 

واليوم يرأس الفنّان القدير أيمن زيدان بخبرته المسرحية لجنة تحكيم مهرجان المسرح العربي في دورته الرابعة عشرة الذي تستضيفه العاصمة العراقية بغداد لأول مرة، وتضمّ اللجنة نخبة من الأعضاء العرب هم: المسرحي الفلسطيني حسام أبوعيشة، المسرحي الأكاديمي المصري سامح مهران، الكاتب المسرحي الليبي علي الفلاح، والمسرحي الأكاديمي اللبناني هشام زين الدين.

 

ورحلة أيمن زيدان بالمسرح مستمرة بعروض لم ولن تغيب، وما إن تسدل الستارة ستفتح من جديد.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي