الرئيسية > جولة الفن > دور الفن في دعم القضية الفلسطينية يعود للواجهة

دور الفن في دعم القضية الفلسطينية يعود للواجهة

" class="main-news-image img

يعتبر الفن العربي وسيلة فعّالة للتعبير عن الهوية والمأساة، وله دور مهم في نقل القضية الفلسطينية إلى العالم، وتسليط الضوء على الظروف الصعبة التي يواجهها الشعب الفلسطيني.

 

والأعمال الفنية ليست مجرد إنتاجات جمالية، بل هي أدوات تعبير تنطلق من قلوب وعقول الفنانين لنقل قصة الشعب الفلسطيني إلى العالم، حيث إنها تسهم في تعزيز الانتماء الوطني وتثبيت الهوية الثقافية للشباب، ولها دور حيوي في تحفيز روح المقاومة والصمود في وجه التحديات.

 

رسالة سامية

يشكل الفن العربي جزءاً أساسياً من النضال الفلسطيني، حيث يسهم بنقل القصة والتوعية العالمية، ويوثق التحديات والروح القتالية للشعب الفلسطيني في وجه الظروف الصعبة.

 

وتعتبر القضية الفلسطينية من أكثر القضايا الإنسانية إلهاماً للفنانين العرب، الذين استخدموا فنونهم المتنوعة كوسيلة فعّالة لنقل الروح والصمود للعالم، ويتجسد هذا التأثير في التراث الثقافي والفني العربي الذي يعكس واقع الحياة والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني.

 

 

 

ومن ضمن تلك الأعمال الفنية والإبداع الذي يولد من رحم المعاناة والمأساة، ما قامت به الفنانة اللبنانية، جوليا بطرس، التي أطلقت، في 8 ديسمبر الجاري، أغنية مستوحاة من التراث الفلسطيني بعنوان: "بيضل عمري انفدى ندر للحرية"، مرفقة بمقاطع فيديو من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

 

ولطالما تألقت الفنانة بطرس بتقديم مجموعة من الأغاني الوطنية التي تجسد روح المقاومة والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي، واكتسبت شهرتها العربية بشكل كبير من خلال أغنيتها "وين الملايين" التي أُطلِقت خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987.

 

 

 

أعمال خالدة

وتناولت الأعمال الدرامية العربية الكثير من القصص التي تبرز القضية الفلسطينية، وتحيي روح المقاومة بين العرب والمسلمين، حيث تمكنت من إيصال رسائل لا تستطيع القوى والوسائل الأخرى تأديتها؛ لكونها تسكن البيوت والعقول.

 

وقد كان لهذه الأعمال دور مهم في تشكيل وجدان الجمهور وفهمه للقضية الفلسطينية، حتى أصبح بعضها المصدر الوحيد الذي يساهم في تكوين آراء الأجيال المتعاقبة من المشاهدين العرب.

 

ويعد مسلسل "التغريبة الفلسطينية" الذي عرض عام 2004، من تأليف الكاتب وليد سيف، وإخراج الراحل حاتم علي، من أهم الأعمال الدرامية الفلسطينية حتى يومنا هذا.

 

ولا يزال المسلسل يشكل حتى اليوم مرجعاً للعديد ممن لا يعرفون بداية الاحتلال الإسرائيلي، كما أنه لم يلخّص تاريخ تلك المرحلة فحسب، بل استعرض كذلك الحياة الاجتماعية الفلسطينية بطبقاتها المختلفة.

 

وتقول الصحفية والناقدة السينمائية عُلا الشيخ، لشبكة "BBC"، في 3 ديسمبر الجاري: إن "مسلسل التغريبة الفلسطينية على سبيل المثال لا الحصر، يظهر التناقض بين الحنين للوطن والحاجة إلى التكيف في بيئة جديدة، مما يلقي الضوء على تحديات الاندماج الثقافي وحلم العودة، وهو يحاكي ما تعيشه مدينة غزة من محاولة خلق نكبة جديدة ودفع الشعب الفلسطيني لهجرة ثانية، لذلك كانت عودة المسلسل بحواراته في هذه الفترة لتتناسب مع الحالة الفلسطينية، فهو يحاول أن يوصل الفكرة لمن لا يريد أن يفهم".

 

ويعتبر مسلسل "الاجتياح" أول عمل عربي يحصل على جائزة "إيمي" العالمية في تاريخ الدراما العربية، وتدور أحداثه في مدينة جنين الفلسطينية خلال اجتياح القوات الإسرائيلية للضفة الغربية.

 

ويتناول مسلسل "عائد إلى حيفا" قصة عائلة فلسطينية اضطرت إلى ترك ابنها الرضيع وحده في المنزل عند وقوع حرب عام 1948.

 

أما مسلسل "أنا القدس" الذي ضم كوكبة من الفنانين العرب، فيرصد مرحلة زمنية حاسمة في تاريخ القدس، بدأت منذ عام 1917 وصولاً إلى عام 1967، إلى جانب التركيز على مصير مجموعة من الفلسطينيين الذي تأثروا بهذه التحولات السياسية والاقتصادية التي أفقدتهم أراضيهم وأهاليهم.

 

وتبيّن عُلا الشيخ أنه "عندما تبرز هذه الأعمال قضايا العدالة الاجتماعية والهوية الوطنية، يمكن أن تلهم المشاهدين وتحفزهم على التفكير بعمق في هذه القضايا".

 

وتشير الصحفية والناقدة السينمائية إلى أنه "يمكن للشخصيات والقصص أن تخلق تأثيراً عاطفياً يعزز التواصل بين الفلسطينيين والجمهور العالمي، وذلك خاصةً بعد انتشار المنصات العالمية مثل نيتفليكس، التي تحتفي بأعمال درامية تدعم رواية الاحتلال".

 

 

 

فنانون مع القضية

وقام العديد من الفنانين العرب بإظهار تضامنهم مع القضية الفلسطينية عموماً، ومع أهالي غزة خصوصاً، حيث استنكروا علناً العدوان الإسرائيلي الحالي.

 

مغني الراب المصري "ويجز" تفاعل بشكل كبير مع القضية الفلسطينية، وذلك بعد رفعه العلم الفلسطيني وتوجيهه عدة رسائل بالإنجليزية، فضلاً عن تقديمه للتبرعات من عائدات حفلاته في الخارج، والمشاركة في مظاهرات تطالب بوقف الحرب على قطاع غزة.

 

ذلك التفاعل جعل من "ويجز" الأكثر نشاطاً وتفاعلاً بين نجوم الغناء ومطربي الراب في دعم وتسليط الضوء على القضية الفلسطينية.

 

وحرص "ويجز" على نشر الوعي عن جرائم الحرب التي يرتكبها العدو الإسرائيلي، وذلك خلال حفلاته في كندا.

 

ومن أشهر الفنانين المصريين الذين برزت مواقفهم المؤيدة للقضية المصرية، الفنان المصري محمد سلام، الذي اعتذر عن تقديم عرض مسرحي في مهرجان "موسم الرياض" في العاصمة السعودية.

 

وفي السياق ذاته، شارك 25 مغنياً وموسيقياً من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أغنية جماعية بعنوان "راجعين"، وهي أنشودة وطنية تجسد الصمود والمقاومة والنضال الفلسطيني الذي لا يلين.

 

وتهدف الأغنية إلى إطلاق نداء عالمي يتسم بروح العدالة والتضامن، بهدف دعم النضال والتأكيد على الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.

 

 

ورغم التضليل الإعلامي الغربي، عبّر العديد من مشاهير هوليوود عن دعمهم لفلسطين وأهل غزة، مؤكدين إدانتهم للجرائم التي ترتكبها "إسرائيل".

 

وطالب أكثر من 2000 فنان حول العالم، من خلال إصدارهم بياناً اتهموا من خلاله الحكومات بمساعدة "إسرائيل" على ما ترتكبه من جرائم حرب في غزة، بإنهاء الدعم العسكري والسياسي للاحتلال.

 

ومن بين هؤلاء الفنانين تيلدا سوينتون، وتشارلز دانس، وستيف كوغان، وبيتر مولان، وماكسين بيك، وميريام مارغوليس.

 

الدراما.. دور مهم

ويقول الناقد والأكاديمي أحمد حميد، إن الفن العربي له دور كبير في مناصرة القضية الفلسطينية والترويج لها عالمياً، وذلك من خلال الأدوات الفنية المختلفة، سواء الدراما أو السينما أو الفن التشكيلي أو القصيدة أو الأغنية، وغيرها.

 

وأكد، في حديثه مع "الخليج أونلاين"، أن المكتبة الفنية العربية زاخرة بالأعمال التي ترفع لواء قضية فلسطين، ومظلومية الشعب الفلسطيني من قبل الكيان الصهيوني الغاصب.

 

ويشير حميد إلى أن "العمل الفني هذا لا يأتي من باب الدعاية أو التسويق أو الربح المادي والمعنوي للفنان، بل يأتي من باب المسؤولية الأخلاقية تجاه قضية العرب المركزية".

 

وحول أهمية قوة الفن لنصرة غزة أمام آلة الحرب الإسرائيلية، لفت حميد إلى أن "القتال اليوم لا ينحسر في السلاح، إنما يشمل محاور عدة، أبرزها الفن والإعلام اللذين يعدّان أكبر سلاح لمواجهة القبح الإسرائيلي على المستوى الأخلاقي والإنساني، وما يفعله الكيان الغاصب بحق أبناء الشعب الفلسطيني من مجازر يومية".

 

ويرى الناقد أن هذا التعاطف العالمي الكبير يحدث اليوم بسبب وسائل الإعلام المسؤولة تجاه قطاع غزة المحاصر، "ولولا هذا الإعلام والمساحة الفنية الواسعة لما وصلت مظلومية الغزاويين على أيدي الجيش الإسرائيلي الفاقد للمعايير الإنسانية".

 

وتحدث حميد عن دور الأعمال الدرامية العربية في إحياء روح المقاومة وتسلط الضوء على القضية الفلسطينية، وشدد على ضرورة أن "تكثف الأعمال الدرامية العربية بتناول الجديد من القضية الفلسطينية، ولا سيما الحرب الإسرائيلية القذرة على قطاع غزة، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان المبارك، فلا بد أن تكون فلسطين حاضرة في الدراما العربية والشرقية بشكلٍ عام".

 

ولفت إلى أن الأعمال الفنية "تشحذ الهمم، وتنمي العواطف الإنسانية تجاه فلسطين، وتعرّف الأجيال الجديدة على مظلومية هذه الأرض وشعبها المقاوم، فضلاً عن الدفع باتجاه البقاء الحي للقضية النابضة في الوجدان العربي والإسلامي عموماً".


الحجر الصحفي في زمن الحوثي