الرئيسية > جولة الفن > لوحة نصف حياة.. فنانة أردنية تجسد معاناة غزة بالحناء

لوحة نصف حياة.. فنانة أردنية تجسد معاناة غزة بالحناء

" class="main-news-image img

 

لا يمكن لإنسان ألا يتأثر بالمشاهد المأساوية التي ترد من قطاع غزة، جراء الهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي أودت بحياة الآلاف، إلا أن التعبير عن التعاطف والتضامن يختلف بأسلوبه، من شخص لآخر.

 

في الأردن، اختارت الرسامة بلقيس العبادي (26 عاما)، أن تظهر معاناة أهل غزة من خلال إجادتها لفن نادر، وهو الرسم بـ"الحنّاء"، فرسمت لوحة أسمتها "نصف حياة"، بينت فيها حجم المصاب الذي يعيشه أهل القطاع، وحرمانهم من حياة طبيعة بسبب الحصار والدمار.

 

ولليوم الـ 44 يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت 12 ألف و300 شهيد، بينهم 5 آلاف طفل و3 آلاف و300 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، وسط دعوات لفتح تحقيق دولي في الهجمات الإسرائيلية، ووقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

 

مراسل الأناضول التقى العبادي في مكان عملها بمدينة السلط غرب العاصمة عمان، وتابع معها تجهيز اللوحة، والتي كانت فكرتها عميقة التفاصيل، وتظهر مدى تأثر الشابة الأردنية بما يعانيه أهل غزة.

 

وقالت العبادي: "الحناء بالأساس موروث قديم لأمهاتنا وجداتنا، وكان عبارة عن نوع من أساليب تجميل السيدة الأردنية في قديم الزمان، للوجه والكفين والشعر".

 

وأضافت "يتميز الحناء بلونه شديد الحمرة، وقد أصبح المستحدث منه صناعيا، ويعبأ بأسلوب خاص لتسهيل استخدامه".

 

وعن مرحلة البدايات، قالت: "تعلمت الرسم من تلقاء نفسي خلال مرحلة الطفولة، وكنت أطور مهارتي بشكل مستمر، حتى أتقنت الرسم بأساليب مختلفة"، لافتة إلى أنها لا تتبع لأي مدرسة فنية، لأنها لم تتلق تعليما متخصصا بالفن والرسم.

 

وأشارت إلى أنها "بعد أن حصلت على شهادتها الجامعية، بتخصص إدارة الأعمال في 2020، أنشأت مشروعها الخاص".

 

وتابعت: "وجدت بالمشروع ذاتي وموهبتي الفنية، وجمعت فيه الفن مع إدارة الأعمال، وسعيت إلى تمكين الفتيات داخل المجتمع المحلي، بحيث يستطعن خلق فرص لهن، والانخراط في سوق العمل".

 

وأوضحت "لجأت إلى استخدام الحناء في الرسم في 2015، وكان في البداية خاصا برسم السيدات، ثم تطورت الفكرة إلى رسم اللوحات في 2020".

 

وعن مراحل تطور الموهبة، قالت العبادي: "فكّرت بأن أدمج التراث مع السياحة باستخدام الحناء، فكانت اللوحات عبارة عن مبان، وعادات وتقاليد وأزياء وغير ذلك".

 

وأضافت: "جربت الكثير من أنواع الحناء، حتى أصل لمستوى إتقان أطمح له، فمنه ما يكون على شكل مسحوق طبيع يتم عجنه ثم استخدامه، ونوعيات أخرى مخلوطة أساسا، ويتم استخدامها مباشرة".

 

وعن المواد التي تستخدمها في لوحاتها، قالت: "المواد المستخدمة مع الحناء هي بعض الزيوت التي تحافظ على قطعة القماش، وتعطيها روائح طبيعة، فبعض اللوحات يستغرق رسمها ساعات، وبعضها الآخر تحتاج إلى أشهر".

 

وفي معرض حديثها عن التفاعل مع أحدث غزة، قالت العبادي: "ما يجري في قطاع غزة مأساوي ومؤلم، فجاءتني فكرة تصميم عدد من اللوحات، التي أعبر فيها عن تعاطفي وتضامني مع أهل غزة، وأنا لا أملك من أمري سوى قدرتي الفنية، لكي أوصل وأعبر عن حجم الألم في غزة".

 

وأوضحت أنها رسمت "لوحة أسميتها نصف حياة، وكانت الشخوص فيها والمظاهر بشكل عام مبتورة، بحيث أهدف من خلالها لإيصال فكرة، أن قطاع غزة لا يعيش أهله حياة كاملة متكاملة، بسبب العدوان المستمر عليهم، والذي يستهدف الأطفال والنساء دون أدنى رحمة".

 

وفي تفصيلها لعناصر اللوحة ومحتواها، قالت إنها "احتوت على سيدة مبتورة من جهة الكتف الأيسر، وبيدها طفل لا يظهر سوى نصف وجهه، وفي يد الطفل كتاب ممزق، في إشارة إلى أثر القصف على مستقبلهم، سواء العائلي بفقدان ذويهم، أو التعليمي بتدمير مدارسهم".

 

وزادت "خلف المرأة هناك أسلاك شائكة، للدلالة على أثر الحصار الذي يعيشه أهل القطاع".

 

وتابعت "هناك العديد من اللوحات، ولكنني شعرت أنني بهذه اللوحة، أستطيع أن أختزل جميع جوانب المعاناة التي يمر بها أهل غزة".

 

واعتبرت أن "كل إنسان له طريقته الخاصة للتضامن، وأنا أعتقد أن هذه هي الوسيلة المتاحة لدي، لأعبر فيها عن وقوفي مع قطاع غزة".

 

وأكدت في ختام حديثها على أن "هذه اللوحة ليست للبيع، وأرحب بأي مبادرة من أي شخص كان، لعرضها وإظهار حجم المعاناة فيها، لتكون شهادة بالحناء على معاناة أشقائنا الفلسطينيين".

 

وتشهد العديد من المدن الأردنية، بينها العاصمة عمان، مسيرات داعمة لقطاع غزة والشعب الفلسطيني، طالب فيها المشاركون بوقف العمليات العسكرية داخل القطاع، ورفع الحصار وفتح المعابر، وإدخال المساعدات.

 

ويعاني سكان غزة من وضع إنساني وصحي كارثي، إذ نزح نحو 1.4 مليون نسمة من أصل 2.3 مليون من منازلهم، ومنعت إسرائيل عنهم إمدادات الغذاء والماء والأدوية والكهرباء، في ظل قصف مكثف.

 

وخلال الأيام الأخيرة، كثف الجيش الإسرائيلي استهدافه لمستشفيات القطاع، من خلال القصف والحصار بعد التوغل البري لقواته داخل غزة، ما تسبب بكوارث إنسانية كبيرة بالمستشفيات، قوبلت بموجة غضب عارمة على المستوى العربي والدولي.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي