br />
نزلـت بأيلــولِ المكـائـدُ تُذْعـِـفُ
لتهــدَّ معلـمَ مجــدِنا أو تَنسـِـفُ
وتقيـأت أرضُ السلالـــةِ وَحْلَهَـــا
بجلــودِ قطعانِ الجمــوعِ تُغلَّـفُ
يجتاحُ أيلـــولَ انبعـاثُ ضَجِيجُهــا
حينــاً تبـــددهُ وحينـــاً تَخْطـِـفُ
* * *
وتُحاكُ في تلك الهضابِ دسائــسٌ
حبـلى بأحقــادٍ تعــجُّ وتـُرجِـفُ
فهنا سجاحُ تصـمُّ أسماعَ الربى
بنبوءةِ الكهـفِ العقيــمِ تُعـــَرِّفُ
وهناكَ نيــرونُ القبيــحُ معـربـداً
يُرغـي ويُزبـدُ بالـوعيــدِ ويُسْرفُ
فمضـت جمـوعُ المعتدينَ بزحفِهـا
تطغـى وتلـتهـمُ القـلاعَ وتَزحـفُ
فهوت بنـا سُبلُ الهلاكِ وأمـعنـت
في عُتمـةِ الدربِ الكئيـبِ تُعنِـّفُ
تغشى علـى مُهـجِ القلوبِ غِشاوةً
سـوداءَ يطحنُنا السؤالُ ويَعصـفُ
أَتُرى سيولـدُ من مخاضٍ مجــدُنـا
أم كان ذبــحُ ربيعَنـا ما يَنــزِفُ؟!
أَتُـــرى تحطَّـم حلمنـا وحوارنا
ورق بارصفة المتاحف يرصف؟!
ودمـاءُنـا قـد أهـرِقـت ونضـالُنـا
لذوي العمـامةِ والولـيُّ يُكيَّفُ؟!
أَلِعُصْبـَةِ الكهنــوتِ مرجـعُ أمـرِنا
ولـواؤنـا ونشيدنـا والمصحفُ؟!
ومضت تؤرّقنا الخطوبُ وتحتسـي
أجسـادنا لجـجُ الكروبِ وتَرشِفُ
ليلـوحَ مـن عتمِ الغمـامـةِ بارقٌ
أمـلاً يشـعُّ ضيـاؤه ويُـرفــرِفُ
فبـدأْتَ هجـرتكَ المبـاركــةِ التي
وُلـد الزمـانُ بهـا أجـلُّ وأنظـفُ
وقصـدتَ معتصمـاً بمكـةَ شـاهراً
سيفاً يؤمكما الهدى والمصحفُ
فأتى بعاصفة السمـاءِ صقــورها
فتكُ النصالِ خصـورها تتهفهـفُ
طافت أبابيــلٌ كأنَّ أزيـزهـا
رعـدٌ ببـارقهــا السمـا يتلحـَّـفُ
تأتي تعودُ تطوفُ فـوق سمــائنا
كغمـامةِ المزنِ استوت تتلطـَّـفُ
وتحوم حول رؤوسنـا كحمـامــةٍ
وتهـلُّ تقتلـعُ الغــزاة وتَخسِـفُ
نــارٌ علـى فـوج البغـاة تذيقهـم
ولنــا بعــون الله بــردٌ يعطــفُ
هتفـت مـواجعنـا تكبـِّـر غبـطــة
وترنــّم الغصـنُ الرطيـب يؤلِّــف
وتـزينـت أثــوابنــا وقـلــوبنـــا
برمـوزِ حِـلـف عروبتـي تتشـرفُ
حتى بدا وجـهُ الطبيعـةِ مشـرقـاً
والـروض تعتنـقُ الزهورِ وترشِـفُ
يا قـاهـر الكهنـوت نلـتَ مكـانـة
بلغـتْ عنـان المجـد أو تستشـرفُ
وبنيتَ منزلكَ الرفيعـة في العــلا
علــمٌ تخلـِّـدهُ السنـيـن وتكنـِــفُ
فلك التحيــة والســلامُ مضـــوعٌ
مسكٌ تفـوحُ بهِ الحـروف تُزَخْـرَفُ
ولك التحيـة مــا أهــلَّ صقـورنـا
حمـمٌ لأوكــارِ الضـلالــةِ تُقــذفُ
أنا لسـت أبـرعُ فـي المديح وإنَّما
ما تـاه عـن ذكـرِ المحامدُ منصِفُ
لكننــي الحيـران بيـن مواجعــي
وتبــات اسـألتـي تعــجُّ وتأسـفُ
جفني يهدهد في العشيةِ أدمعـي
وعلى دمي تغلي المراجـل تذرفُ
هـــادي وأنـت أميـرنا وإمـامــنا
وولـيّ أمـر المسلميـن المنصـفُ
سـأضلُّ أستجـديك نصـرُ مدينتـي
حتـّى تلامـس منـك قلبـا يعطفُ
فمدينتـي الغـرَّاء يعصرها الأسى
والمـوت فـي أرجـائهـا يتخطّــفُ
فلهـا مع فـوج الجنــائز موعـــدٌ
ومساكـنٌ بلظـى الشظايــا تُخْصَفُ
بمدينتـي مـات الجـريحُ مضـرجــاً
بدمـائه والمــوت فيهـا المُسْعِــفُ
في المهـدِ يغتـالُ البـراءة مجـرمٌ
وبذبـحِ أزهـار الطفـولـة يُجْحِـــفُ
ما ذنبهـا؟! ماذا يريـد لهـا العـدا؟!
وهي الربيـع لمجــدها تتلهـــفُ
وهي اللواء هي النشـيد وروحه
بحَّت بهِ تشدوا الحنــاجر تَعــزِفُ
أزليـــةٌ بحـــــداثـةٍ وحـــديثـــةٌ
بتـراثهــا عَبـَق العصــور يُلَطَّـــفُ
هــي درةٌ هـي لوحــةٌ هي نغمةٌ
ولـدت بأوتــارِ الزمــان تُفَلْسـَـفُ
ستمــرُّ محنتهــا سيبـرأ جرحهـــا
ما دام فينــا جفــن عيـنٍ يَطــرفُ
ما دام مارشال العروبةِ شــامــخٌ
فلسوف يمسح دمعهــا ويكفكــف
----------------------------------
هشام الاثوري
حكاية مارشال
(شعر / هشام أمين الأثوري)