مذبح الوأد وبالقانون ..

كتب
الاثنين ، ٠٨ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٠٢ صباحاً

بقلم: منال الأديمي -

بعيداً عن دفء بيوتهن، تنام نساء الجعاشن على أرصفة البرد والهوان، هوان على الناس، وعلى دولة تتجاهل سنوات أربع تنخر في أجساد أطفالهن النحيلة، تغتال تفاصيل يتيمة، يدعونها الذكريات، ذكريات مساكن طينية أخرجن قسراً منها وإن شابهت جدرانها المتواضعة ملامح وجوههن الريفية البسيطة وما بين حر الظلم وبرد الخذلان ظللن هناك عالقات على أرصفة العاصمة سنوات عجافاً .
حتى المروءة والغيرة فينا كمجتمع محافظ وقبلي لم تتحرك هذه المرة لممارسة الضغط على الحكومة والقضاء و إنهاء معاناتهن، المروءة التي نعهدها تستيقظ كثيراً في غيرمواطنها الصحيحة كغيرة الزعيم بدايات الثورة من اختلاط الساحات في حين أن غيرته تلك لم تتحرك سنوات بقاء نساء الجعاشن في الشوارع وساحة الجامعة .

كنت قد تألمت في مقالي السابق من جرائم وأد روحية وفكرية تغتال المرأة هنا، إلا أن الفاجعة أكبر اليوم بالمرور على مذبح الوأد وبالقانون ..
مئات المنظمات الحقوقية والإنسانية، وعشرات الحقوقيات والمناديات بالحريات وحقوق المرأة، والمساواة، و.. و .... و ... ، كل ذلك وفي أحسن الأحوال لم يكن أكثر من اهتمام شكليٍ أو مجزأ بما يدعونه “المرأة”، فالسياسيات مشغولات بمشاريع أحزابهن والوصول إلى البرلمان، والمتعلمات مهتمات بنصيبهن من المناصب والحقوقيات بمشاريعهن، وكلهن يتحدثن عن القليل من الحرية والتحرر والمساواة.

اليوم مثلاً وعلى طاولة الحوار وبجهود مشكورة لناشطات وحقوقيات دخلت المرأة ضمن أولويات الحوار إلا أن دخولها كان بقضية ليس مكانها الحوار الوطني ...بل من الغريب أن تنسى الثورة وحكومة الوفاق معاناة وظلم نساء الجعاشن المهجرات قسراً مع أطفالهن وأزواجهن من قبل شيخ متنفذ مازال يمارس عنجهيته وجبروته حتى اليوم خارج سيادة الدولة والقانون، وآخر جرائمه كانت رمي مرافقيه للطفل نادر من سطح إحدى البنايات، نادر الذي يبلغ من العمر فقط أربع سنوات هن من سنوات النكبة في الجعاشن، الحادث أيقظ سبات الحكومة فأرسلت طقماً عسكرياً ابتهج به أهل الجعاشن كونه الأول الذي يدخل قريتهم منذ 33 عاماً.

متى تدخل معاناة نساء الجعاشن وأطفالهن وحقهن في الأمن والأمان و الإنصاف من الدولة والقانون أولويات الحكومة ومجتمع الثورة؟ .. بل متى تدخل الجعاشن سيادة الجمهورية اليمنية؟.
إن بقاء قضية مهجري الجعاشن عالقة حتى اليوم إساءة للدولة الحُلم التي خرجنا ننشدها في ثورة فبراير ولنا نحن كثوار، فهيبة الدولة كما يقولون من هيبة الشعب.

رجاء الحكمي فتاة تعيش وحيدة في منزلها ولها زوج مغترب، ونظراً لطبيعة عمل زوجها تعيش وحيدة في منزلها ، يعلم ذئب بشري بحالتها تلك فيقوم بالتردد على منزلها كل ليلة ليبحث عن طريقة للوصول إليها والدخول عنوة إلى المنزل لكنه في محاولته الأخيرة لاقتحام منزلها كان أكثر جرأة وجُرماً حيث تسلَّق جدار المنزل وأراد الدخول عبر النافذة وبيده مسدس فما كان منها لما رأته إلا أن أخرجت السلاح الخاص بزوجها وأطلقت النار عليه، دفاعاً عن نفسها وشرفها، عندها سقط ذاك الجبان من النافذة إلى الأرض .

وفي صباح اليوم الثاني وجده الناس مقتولاً وهو بجوار المنزل، تواجه اليوم تلك المسكينة حكماً بالإعدام لدفاعها عن نفسها وشرفها من قانون لم يوفر لها الحماية والأمان، فأي قانون ذاك الذي توأد فيه المرأة بمباركة القانون فقط لأنها دافعت عن نفسها

."عن الجمهورية"

الحجر الصحفي في زمن الحوثي