في انتظار هدايا هادي

كتب
السبت ، ٠٣ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٥ مساءً
بقلم / زكريا الكمالي
بقلم / زكريا الكمالي
لن أبالغ كثيراً في تفاؤلي، وأقول: إن أول القرارات الجمهورية للرئيس هادي, والذي أطاح بقائد المنطقة العسكرية الجنوبية "مهدي مقولة" هو علاج لكافة المشكلات العالقة في اليمن، ولن اتشاءم، ككثيرين، وأعتبره "ترقية" للرجل. القرار شجاع بلا شك ويستحق أن نباركه جميعا شمالاً وجنوباً، شباب الثورة وشبابها المضاد كما أنه رسالة واضحة ان القرارات القادمة , لن تكون أضعف من هذه، لكن : هل يتوجب علينا ان نندهش؟ يدرك الرئيس هادي أن اليمنيين عندما خرجوا في الـ21 من فبراير لانتخابه رئيساً للبلاد، قرروا انتخاب قائد ينتشلهم من الماضي بكل ما فيه . أرادوه رئيساً ينزع فتيل الحرب الاهلية وينتزع كل الأورام والعاهات والمتارس التي زرعها وشيدها النظام السابق في طريق اليمن الجديد. انتخبوه ليصنع تحولات لليمن، بقرارات صارمة، ولم ينتخبوه، ليعيش في دار الرئاسة، يستقبل السفير الامريكي ويبحث معه أوجه التعاون الثنائي، او يبحث عن الاعياد الوطنية، وأعياد الميلاد في دول ما خلف الشمس, ليقوم بتهنئة رؤسائها من اجل ان تظهر صورته في التلفاز والصحف كما كان يفعل الرئيس المنزوع صالح. أنا سعيد بقرار الإطاحة بمهدي مقولة لكنني في اليمن الجديد ولا أريد لأي "متمقول" أن يعيش فيه , ويعيث فيه فسادا وإجراما كما كان. سعيد, وكنت اتمنى من الرئيس هادي ألا يرفع قلمه الذي خّط به قرار الإطاحة بقائد المنطقة الجنوبية إلا وقد أطاح بكافة قادة المناطق والمعسكرات الذي تلوثت أياديهم بالدماء وكافة ألوان الفساد الاداري والمالي والاخلاقي. هذا من حقي ومن حق اليمن الجديد الذي اختار هادي لينقذه من ماضي سيئ السمعة. قرار إطاحة مقولة من المنطقة الجنوبية , لا يمكن تصنيفه بأنه هدية هادي للشعب. الهدية لم تأتِ بعد. نريد هدايا أثمن تذهب للشعب وترفع معنوياته لا لجامع الصالح. في هذا القرار بالذات لا يحق لأنصار المؤتمر الشعبي إبداء أي تبرم منه. هذا قرار كان بمثابة الفرض. ثم هل هناك عاقل في اليمن سيحزن على إقالة مهدي مقولة, أياً كان, حتى ابناؤه, من المفترض ألا يشعرون بغبن. مقولة لم يكن قائدا عسكريا يلبس الميري ويقود سيارته الجيب مثل بقية قادة المعسكرات. كان اخطبوط صالح وسمكته القرش التي أكلت الجبال والوديان والبشر جنوباً وشمالاً. لو فكرنا بحصر الأراضي التي نهبها مهدي مقولة في الجنوب, لاكتشفنا أن الرجل يملك ما يوازي دولة قطر أو البحرين .. حتى الأجحار في الجنوب ستفرح لإقالتك يا مقولة . هذا الرجل انتهك كرامة الأحجار في " تحويش" الأراضي المسلوبة . لا توجد أحجار شاغرة في الجنوب جميعها مستخدمة في أسوار أراضي مهدي . سوّر كل شيء، حتى أن روايات طريفة تحكي أن امرأة اتصلت ببرنامج " أولو العلم" تخبر الشيخ ناصر أنه شاهدت "المهدي المنتظر" في الحلم, فطلب منها ان تصف شكله, قالت له: قصير وأسمر, فما كان من الشيخ الا أن ضحك وقال لها: "هذا مهدي مقولة أوبهي لا يحوّط عليش"! الإطاحة بمقولة لن تُعالج مشاكل الجنوب لكنها خطوة مهمة تؤكد لنا ان الرئيس الجديد, يسير في الطريق الذي يتوجب ان يمشي فيه دون رهبة. على الرئيس هادي, ان يعي جيدا, ان الشعب يعوّل عليه كثيراً في كنس كل الأوساخ القديمة, وأن التاريخ سيدوّن اسمه كصانع تحوّلات, كما كتب لسلفه أن يستقبل الناس في مسجد. الشعب يريد بلداً خالياً من القنابل الموقوتة التي زرعها نظام صالح أمام ابنائه . الشعب يريد من الرئيس الجديد تفجير كل الألغام التي التهمت الدولة اليمنية ومزقت أطرافه. سيقولون : ظهر شجاعا . نريده أكثر شجاعة . إذا كان هادي - المسنود شعبيا وعربيا ودوليا كما لم يحصل مع رئيس قبله - لن يرد الجميل للشعب فمن سينقذنا؟ كن شجاعا يا سيادة الرئيس ولا تلتفت للمتطرفين في حزب المسجد الذين أدخلوا سلفك في مزبلة التاريخ ويريدون لك نفس المصير. سيطلقون الرصاص على منزلك مرة وثانية وألف. سيدبرون لك المكيدة تلو الاخرى, وسينصبون لك المزيد من الأفخاخ من نوعية الذي حدث في دار الرئاسة ويجب ان تكون يقظاً. سيادة الرئيس: من استيقظ ليُقدِّمك قربانا فبكِّر لتُقدِّمه. فترتك عامان فقط ، وعليك أن تستغل كل ساعة تمر فيها بقرار من أجل اليمن. من اجل الشعب فقط. نريد قرارات تطرد الاكتئاب وتشعرنا بمزيد من الانتعاش. *** كنت أتوقع ان الخبر الذي تم تداوله الاثنين الفائت عن سرقة أو إخفاء بصيغة أكثر تهذباً، التحف والهدايا من دار الرئاسة قبل تسليمه للرئيس هادي مجرد مزحة ولم اتوقع 20% كنسبة لصحته، لعلمي ان من سرقوا البلاد بأكملها لن يهمهم امر هدية من اي نوع ساعة أو سيف ذهبي، حتى جاء المصدر الرئاسي يؤكد المشكوك فيه. فعلاً، الهدايا اختفت من دار الرئاسة، والظريف ان المصدر الرئاسي قال: إن التحف والهدايا تم تجميعها، بتوجيهات من الرئيس السابق، ليتم عرضها في جامع الصالح ح ح ح. لن أتحدث عن ضرورة إعادة الهدايا الى دار الرئاسة, باعتبارها ملكاً لذاك المكان، وأن القوانين تحضر على الرؤساء أخذ الهدايا بعد انتهاء فترات حكمهم، لأنهم لم يكونوا ليحصلوا عليها لو لم يكونوا رؤساء للبلد, ولن أتطرق للقوانين الامريكية والفرنسية التي تحضر على المسئولين اخذ أي هدايا يزيد قيمتها عن 150 دولار، لن أتحدث عن كل هذا، فربما تكون الهدايا هنا مشمولة أيضا بقانون الحصانة، ما أريد معرفته فقط, هو التسمية الحقيقية لـ “جامع الصالح “ هل هو مسجد فعلاً كبقية المساجد يصلي فيه الناس, ام “متحف” توضع فيه الهدايا أم دار رئاسة آخر يستقبل فيه صالح ضيوفه، ام معسكر للامن القومي، ام لجنة دائمة. الامور اختلطت علينا بجد؟!! *** من يشاهد الأخبار التي تبثها وسائل إعلام المؤتمر, عن فعاليات علي عبدالله صالح, وتبدأها بعبارة: "أكد الرئيس علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر ... " لا يملك ان يقول سوى "عليه العوض ومنه العوض". هل هذه العبارة تشبع غروره فعلاً؟ وهل اللغة الصحفية تجيز استخدام عبارة "الرئيس" وبعدها الاسم وبعدها الصفة؟ لماذا يحّولون من يصفونه بالزعيم إلى مجرد مسخرة؟ الأمر لا يستدعي كل هذه المهازل. كان رئيساً ولم يعد كذلك تحدث في احسن العائلات. لم نسمع يوماً ان الصحف الامريكية قالت: زار الرئيس جورج بوش رئيس الفصل او رئيس الحزب ولا اعتقد أن مبارك سيرضى لنفسه، اذا كان له صحف موالية، ان تذكر أخباره على طريقة: اجرى الرئيس محمد حسني مبارك رئيس نادي الزمالك عملية جراحية!! الامر ليس ضحكاً على طفل, بل على ذقون. واذا كان الرجل استحسن الامر وراقت له فكرة الرئاسة الجديدة, فأنصحه أن ياتي هنا لرئاسة تحرير الجمهورية حتى تكون الصفة مقاربة جداً لمنصبه السابق، وتظهر أخباره على شاكله: "استقبل الرئيس علي عبدالله صالح رئيس تحرير الجمهورية"، وكفى الله المؤمنين شر الرئاسة. الجمهوري
الحجر الصحفي في زمن الحوثي