سفير أحمد علي عبدالله صالح في باريس

كتب
الخميس ، ٠١ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٠٥ صباحاً
منير الماوري
بقلم / منير الماوري
زرت باريس مؤخراً، ولم أجد لليمن فيها سفيراً، ولكني وجدت سفيراً لأحمد علي عبدالله صالح، علمت من مصادر عديدة أنه يعمل بوظيفة مندوب اليمن في منظمة اليونسكو، كغطاء يتمكن من خلاله من الإشراف على استثمارات وعقارات نجل الرئيس السابق في فرنسا، والإشراف عن طريق مستشارين فرنسيين ولبنانيين على تعاملاته السرية مع عدة شركات من بينها شركة توتال، إضافة إلى حصص كبيرة في المصانع في بوردو الفرنسية. لم أقابل هذا السفير، ولكن أخباره المضحكة لاحقتني مثلما لاحقتني خلال زيارة سابقة لمنظمة اليونسكو، شعرت خلالها بالقهر عندما جلست بين مجموعة من السفراء العرب، وكانوا يتندرون على مندوب اليمن المعين حديثاً؛ لأنه لا يجيد الفرنسية ولا العربية ولا الإنجليزية ولا يصلح مطلقاً للمهمة التي اختير من أجلها. وعندما استفسرت عن هوية هذا الشخص اقترح عليّ أحد العارفين بكواليس التعيينات في خارجية الدكتور القربي بأن أتفرغ لتأليف كتاب عن علاقات النسب والمصاهرة في اليمن، وسوف أتوصل إلى حقيقة كل تعيين جديد. وبعد الإلحاح على المتحدث للتوضيح أكثر، قال محدثي بأسى: إن سفير اليمن في اليونسكو من أبناء ذمار الطيبين، وقد فتح الله عليه، وتعين دبلوماسياً في واشنطن عقب مصاهرته لشيخ يمني من حاشد، وبعد رحيل ذلك الشيخ استدعت الخارجية موظفها إلى الداخل، ولكن القدر ابتسم له للمرة الثانية، فقذفت به القرابة العائلية مجدداً إلى باريس كموظف منازل في السفارة اليمنية هناك لأداء مهمة استقبال وتوصيل قائد الحرس من المطار وإلى المطار في زياراته الدورية إلى العاصمة الفرنسية. وبمجرد أن أصبح منصب سفير اليمن لدى اليونسكو شاغراً، صدرت الأوامر من قائد الحرس إلى وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي بتعيين الموظف المشار إليه في المنصب الشاغر، في وقت كان الدكتور القربي نفسه مجرد وزير لتصريف أعمال الخارجية، ولا يحق له قانوناً التوقيع على قرار تعيين أي شخص في منصب مهم كهذا، علاوة على أن الدكتور القربي - حسبما سمعت - لم يكن راضياً نهائياً عن مثل هذا التعيين، ومن المؤكد أنه أضمر في نفسه تصحيح الخطأ في أقرب فرصة ممكنة. مرت الأيام والشهور، ولم يتم تصحيح الخطأ، ولأني لا أتحدث باللغة الفرنسية فقد ظننت أنه لا يوجد يمني درس لغة الفرنسيين في بلادهم، وأن القربي لم يجد من يملأ الفراغ، ولكن عند زيارتي الأخيرة لباريس فوجئت بوجود عدد كبير من أبناء اليمن ممن يحملون شهادة الدكتوراه من السوربون وغير السوربون في السياسية والاقتصاد والإعلام وغيرها من التخصصات، ولكنهم يركبون الدراجات الهوائية في العاصمة الفرنسية؛ لعجزهم عن التنقل بسيارات تليق بمكانتهم العلمية، في حين أن السفير يتنقل على سيارات ليموزين مختلفة الأحجام. والأسوأ من كل هذا أن اليمن كانت - حتى وقت قريب - دولة عظمى في منظمة اليونسكو، ولم تكن دولة عادية بسبب الشخصيات القوية المؤهلة التي مثلت اليمن في المنظمة في جميع مراحل ما قبل أحمد علي، وليس هذا فحسب بل إن أحد أبناء اليمن، وهو الدكتور أحمد صالح الصياد أصبح وزيراً لخارجية اليونسكو ومرشحاً دائماً لرئاسة المنظمة، وقد يكون هو رئيسها المقبل. أما سفير أحمد علي في باريس فلم أكن لأكتب عنه لو أنه يدير مصالح أحمد علي التي لا تضر بمصالح الشعب اليمني، ولكن الذي أثارني في الأمر كله، ليس فقط عدم صلاحيته، وسخرية ممثلي الدول الأخرى منه، بل وصلتني أيضاً معلومة أثارت حزني على بلدي وحزني على ثرواته المهدورة، وثورته الموؤدة؛ هذه المعلومة التي أثق في مصدرها، أتمنى أن يحقق فيها وزير المالية الجديد نظراً لخطورتها، ولديّ الاستعداد لتقديم كل الوثائق التي بحوزتي إلى أية محكمة يمنية أو فرنسية إذا ما أحيل الأمر للقضاء. المعلومة تفيد باختصار شديد بأن السفير في باريس قبض باسم أحمد علي شيكاً مؤجلاً بمبلغ خمسين مليون دولار أمريكي من شركة توتال الفرنسية، ويؤكد مصدر المعلومة أن الشيك المؤجل يأتي ضمن صفقة عقدها وزير النفط اليمني مع الفرنسيين لمنحهم بلوك عشرين، في حال صدور قرار التحكيم بين الحكومة والرويشان لصالح الحكومة في باريس مقابل خمسين مليون دولار لأحمد علي وأمير العيدروس وباقي الشلة المرتبطين بهم. مع العلم أن بلوك 20 يحتوي أيضاً على كميات من الغاز، وتسعى شركة توتال إلى حماية مصالحها في الغاز، وعدم ترك مجال لشركة منافسة تقدم أسعاراً أفضل. وحزني يزداد على بلدي؛ لأن صفقة الغاز مع كوريا يذهب ريعها لجيب الرئيس السابق ورئيس وزرائه الأسبق، اللذين باعا الغاز اليمني بأبخس الأسعار من أجل عمولات خاصة، يستحقان أن يحاكما من أجلها لو كان هناك تحقيق مستقل حول هذه الصفقات. أما قائد الحرس، فأنا لا أكرهه لشخصه ولكني أكره ممارساته الضارة باليمن الجريح.. قائد الحرس هنا لا يقصد به قائد الحرس الدبلوماسي ولا علاقة له بالخارجية، ولم يكن يجب أن يتدخل في تعيين دبلوماسيين في الخارج، ولكن في يمن علي عبدالله صالح كان كل شيء جائز؛ حيث أن قائد الحرس الجمهوري هو أيضاً رئيس كل الوزراء ورئيس لجنة الاستثمارات، ومالك شركة شبام القابضة، وصاحب الاستثمارات الواسعة داخل اليمن وخارجها، بما في ذلك منطقة واشنطن الكبرى التي زرت بنفسي العقارات التي يملكها أحمد علي فيها، وهو المرشح المحتمل لرئاسة اليمن بعد عامين، وفوق هذا وذلك متهم أمام محكمة أمريكية بتلقي رشوة من شركة اتصالات. وبالطبع فقد عجز عن إثبات براءته، بل لقد كان على وشك تلقي رشوة أخرى بالملايين العام الماضي من شركة نيكسون الكندية، لولا أن حكمة وخبرة النائب وقتها عبدربه منصور هادي أحبطت الرشوة. ويقال إنه تسلم بالفعل رشوة كبيرة عقب اجتماع خاص تم في منزل أحد المسؤولين مقابل التمديد للشركة في قطاع المسيلة، ولكن القائم بأعمال رئيس الجمهورية رفض التمديد للشركة الكندية وأحرج النائب بكل ذكاء أحمد علي، عندما كلف شركة يمنية أسسها أحمد علي نفسه بإدارة قطاع المسيلة، ولكن الشركة الأخرى الكندية مازالت تطالب أحمد علي بإعادة المبلغ بعد أن عجز عن تحقيق مصالح الشركة على حساب مصلحة البلاد. وبسبب هذا الفساد والإفساد فإني أطالب كل يمني ألا يسمح بتمرير مشروع توريث الفاسدين، وأطالب الرئيس اليمني الجديد بتخيير قائد الحرس بين خيارين لا ثالث لهما؛ إما الحصانة وإما المحاكمة، أما أن يسلم من المحاكمة ويحصل على الحصانة، ويبقى في منصبه لترشيح نفسه بعد سنتين بأموالنا المنهوبة ودماء جنودنا المغلوب على أمرهم، فلا يسعنا إلا أن نقول: قبح الله الثورة إن كانت ستنتهي بالتوريث، ولا يسعني إلا أن أقول لأصحاب القرار في باريس وواشنطن: لا تفرضوا علينا هؤلاء، ولا تحموهم بإبقائهم في مراكز لا يستحقونها؛ لأنكم بذلك تدفعوا بهم للتهلكة، والأفضل لكم إخراجهم من البلاد أو إخفاؤهم في غابات الحبشة. ونقول للمناضل عبدربه منصور هادي: إن أمامك خيارين لا ثالث لهما؛ إما أن تدخل التأريخ من أوسع أبوابه بتحقيق النصر لثورة التغيير، وإما أن تخرج من التاريخ من أضيق الأبواب بتسامحك مع الورثة، وتركهم يصلون إلى مبتغاهم. وخلاصة القول: يا إخوة، يجب على ثوار اليمن أن يدركوا أن قائد الحرس لا يستحق المنصب الذي هو فيه؛ لأنه اعتلاه عن طريق حاكم أثبتت الأيام أنه من أفسد الرؤساء في اليمن. الجمهورية
الحجر الصحفي في زمن الحوثي