الأبعاد الخطيرة في استهداف تعز عبر السامعي وحاشد..

كتب
الجمعة ، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠١:٣٩ صباحاً


بقلم: منصور السروري -

أثبتت الحملة المنظمة (إعلامياً، وسياسياً) وتطور مساراتها منذ اللحظة التي انطلقت ضد كل من النائبين البرلمانيين (سلطان السامعي، وأحمد سيف حاشد) سواء من قبل إعلام المؤتمر الشعبي العام قبل الانتفاضة السلمية 2011م أو من قبل الإعلام المعروف لدى القوى الشريفة بتبعيته لمراكز بعض القوى القبلية والعسكرية وتجمع الإصلاح والتي دأبت على شن حملة منظمة ضد (السامعي وحاشد) بصورة ساخرة، وسفيهة أثبتت مدى مرضها ومضيها في طريقة الإصرار على العمالة والتبعية في خدمة (آل سعود) لا خدمة اليمن، وفي ضرب ممكنات التحديث والتحدث وكل محاولات التغيير الوطنية على مدى نصف قرن..

إن ما نشاهده ونلمسه من استهداف موجه ضد الرجلين لا علاقة له تماماً مع موقفيهما السياسيين من إيران بقدر ما له علاقة في استهداف تعز على درجة الخصوص والشروع الوطني الكبير في بناء دولة ديمقراطية حديثة.

وعندما أقول أنهم يستهدفون تعز فهذا القول ليس مجرد وجهة نظر وإنما حقيقة يدأبون على طمسها من خلال نقل (وقائع أخطائهم ومفاسدهم وتحركاتهم اللاوطنية) من أمام واجهات الناس إلى نقل (وقائع وتحليلات افتراضية ووهمية عن حاشد والسامعي) لتحل كل إفسادهم، وعبثهم، وهو أسلوب اعتدنا عليه ونفهمه عند وقوفنا أمام المحطات التي سنحت عندها فرص تغيير حقيقية في إنجاز حلم اليمنيين جميعاً بتأسيس دولة الشعب لا دولة العصابات (العسقبلية) المقنعة بلبوس الدين والتقوى والمستبطنة مداميك العمالة، والإجرام الفاحش في نهب أموال الشعب، والاستغلال، وإشاعة الفوضى والخراب والدمار.

إن استهداف (السامعي، وحاشد) هو استهداف لكل أبناء تعز في المقام الأول للاعتبارات التالية:

1- لم يسبق في تاريخنا السياسي المعاصر أن سمعنا أن شخصية من تعز كانت عميلاً مع (آل سعود)، وحتى تلك التي تلوثت مع (صالح) أثناء حكومة لم تتلوث بالعمالة باستثناء (رشاد العليمي) الذي لا نستطيع تبرئته من الاشتراك في جريمة التفريط بالأراضي اليمنية أثناء الترسيم مع نظام السعودية.

وكان كل مناضل تعزي مهما أثرت السلطة في شراء ذمته يحرص على ألا يتلوث بالعمالة والتبعية.

بيد أننا نعلم كل العلم أن بعض (آل الأحمر) من مشائخ وقادة عسكريين ومسئوليين في أجهزة الدولة كانوا وما زالوا على اتصال بـ (آل سعود)، وهو أمر يسيئ حقيقة إلى (قبائل حاشد) التي في تقديري يجب أن تتطهر من مشائخ بيت الأحمر، وقاداتهم لكونهم يسيئون إلى وطنية هذه القبلية وانتماءها لليمن.

هنا يكمن الفرق بين قبائل (حاشد) المتوزعة على عدة محافظات وبين أبناء تعز في أنه ليس ثمة عميل من الأخير ولن يوجد (إن شاء الله) عميل يخدم السعودية كحال شيوخ مشائخ قبيلة حاشد.

2- عملت وتعمل وسائل الإعلام المدعومة من شيوخ بيت (الأحمر)، ومن القادة العسكريين على تزييف وعي الناس خاصة وعي الجماهير المنتمية لـ (تجمع الإصلاح) كيف؟

ثمة شبكة معقدة في تركيب حزب الإصلاح فهو حزب إذا ما ذهبنا إلى التعمق في تركيبته سنجد أنه يجمع بين كل المتناقضات من حيث تباين الغايات بين مكوناته.

صحيح أن هذا الحزب (إطار كبير) ومنظم غير أن قوة مكوناته عملت على عدم ترجمة خطاب سياسي وطني واضح يلزم جميعها به.

ملموس أن قوة مكوناته تدأب خارج التزامات الحزب الوطنية فـ( حميد الأحمر) يدعم لوجستياً جيشاً من الصحفيين والمثقفين الانتهازيين في صحف ومنظمات، ومثله يعمل (الشيخ الزنداني)، ومثلهما (علي محسن) الذي قد لا يكون منظماً في (تجمع الإصلاح) لكنه من أهم داعمي جماعات الجهاد الإصلاحي في افغانستان، وكان ومازال سنداً يحتمي به كل المجاهدين والسلفيين.. وهؤلاء الثلاثة هم أذرع السعودية في اليمن. إن صحف (أخبار اليوم، والأهالي، والناس، وغيرها) خادمة لهؤلاء الثلاثة.

بعض هذه الصحف كانت تجري لقاءات وحوارات مع كل (السامعي، وحاشد) حينما كانا وحديهما يناهضا بصوت مسموع سياسيات (صالح) ونظامه.. لكنهما بعد أن أعلنا رفضهما أن يكون (عملاء السعودية) وشركاء صالح في معظم جرائم حكمه ودعمه تارة أو الصمت تارة أخرى عن كل الأزمات التي تسبب بها، وما ألحقه من ضراب وحروب، وضياع مستقبل البلاد والعباد.. عندما رفضنا ذلك أنقلب هذه الصحف وراحت تدريجياً تطور أدوات السفه والسخرية التي وصلت إلى حد الاسفاف.

3- من خلال الاعتبارين الأولين راحت دواليب الدعاية لهذه (المراكز) اللاوطنية تعمل على تشويش ذاكرة الجماهير اليمنية، وخاصة الثورية وعلى نحو أخص أثناء هذه الانتفاضة الشعبية التي كان كل من (السامعي) في تعز، والقاضي حاشد في صنعاء قائديها قبل الجميع فكان الأول مع أول المعتصمين في ساحة الحرية، والثاني مع أول المعتصمين في ساحة التغيير.

أليس هذا السبق وهذا الشرف محسوب لتعز؟

إن الزعامة الوطنية هبة من الله أولاً، وثانياً من نبل القيم النضالية والثورية والوطنية.

الزعامة لا تشترى.. ولا تهدى، ولكن تصنع بمواقف الرجال.

الزعامة لا تورث وإنما تصنع.

مهما عمل (بني الأحمر) لن يكونوا زعماء، وعلي محسن لن يكون زعيماً إلا بمقدار اعتذاره لتاريخه العسكري والسياسي في الحروب التي خاضها من أجل دعم صالح باطلاً في باطل، وتنازله عن كل الأراضي التي امتلكها من أراضي الدولة من أموال الشعب، واعتزاله عن كل مناصبه، إن عمل ذلك وشلة بني الأحمر هنا فقط سيكونوا حقاً زعماء لأن الاعتذار عن أخطاء الماضي ورد الحقوق لأهلها من شيم وصفات رجال التاريخ.

لكنهم لن يقووا على ذلك وسيضلوا يخدمون (آل سعود) أكثر من خدمتهم لمصير اليمن.

هذا التباين بين (زعامة أحمد سيف حاشد مع السامعي و (آل الأحمر) هو سبب كل هذه الضجة والحملات المنظمة ضد نضال (النائبين).

أن تعز غير قبيلة حاشد.. إذاً يجب أن تتساويا.. أما كيف؟

4- عندما لم تستطع هذه المراكز أن تكون رموزاً في عيون الشعب.. وأنها منبوذة منه، وأن ما تحميها سوى أموالها، وأسلحتها، وجيوشها وقدرتها على خداع شريحة كبيرة من الشعب أنها حارسة (الدين) في البلاد.

وعندما أدركت أن سنوات العسل شرعت تؤذن بالنهاية حركت أتباعها على كل المستويات الإعلامية، والجهادية والرعاعية، وكما قلت سابقاً بهدف التشويش على ذاكرة الشارع التي صارت ترى في (السامعي، وحاشد) رمزان للنضال والوطنية.

نعم إن لسان حال هذه المراكز أراد أن يقول "ما فيش أحد أحسن من أحد" وكأنهم أرادوا يساووا (السامعي) بـ (حميد الأحمر).. "هذا عملي لـ (السعودية) وذاك عميل لـ (إيران).. ومثلما قبائل حاشد شيوخها وقاداتها عملاء انتِ يا تعز مثلنا معك عميلين"

وتناسى مديرو هذه الطرق أن الوعي الجميع قد تجاوز مثل هذه المقارنات العقيمة.

5- إن (السامعي وحاشد) إن كان ثابتاً أنهما مدعومان من إيران فهذا ليس عمالة وإما تحالفاً ولا يقولن أحدٌ أنهما متساويان.

(آل الأحمر) تتجاوز عمالتهم لـ (آل سعود) العقود الأربعة.. وهي قائمة منذ المصالحة بين الجمهوريين و الملكيين التي تمت بعد الإطاحة بأبطال فك الحصار عن صنعاء.

لكن علاقة (السامعي وحاشد) بإيران لم تتبلور إلا بعد أن مضت معطيات الانتفاضة الشعبية السلمية ضد نظام (صالح وشركائه وحماته) من بيت الأحمر من أن النظام لم يسقط، ومن أنه باق وما سقط سوى أصبع من أصابعه... إلى أخر السيناريو الذي تم في إجهاض الثورة بتدخل السعودية.. ومثلما أجهضت سبتمبر بـ (مصالحة) بين الملكيين والجمهوريين برعاية سعودية أجهضت (الثورة السلمية) بـ (مصالحة) توافقية بين (الجمهوريين والثوريين الانتهازيين).

هذا هو رابع إجهاض لمشاريع التغيير الوطنية الأول بعد 1967م والثاني باغتيال الحمدي والثالث عام 1994م.

كانت السعودية، وآل الأحمر خلف كل هذه الضربات المتلاحقة ضد مشاريع التغيير اليمنية.

إذاً.. لابد من البحث عن قوة خارجية جدير بها أن تقاوم تدخلات السعودية، وقوة داخلية موازية لمراكز القوى السعودية في اليمن أولاً.

كانت القوة الداخلية موجودة وتبحث عن حلفاء جدد.. حلفاء غير متورطين بجرائم حرب.

وحدث تقارب بين (السامعي مع حاشد) والحوثيين دونما يفرض أحد على الآخر شروطه.

نعم يوجد اختلاف بينهما من حيث المبادئ والأهداف، ولكن في الوقت ذاته يوجد اتفاق على الأهداف الكبيرة المتمثلة ببناء (دولة يمنية حديثة بمواطنة متساوية، وحرية مذهبية وفكرية...الخ)، ومثلما حدث اتفاق بين أحزاب المشترك رغم تباين مرجعياتها الفكرية والسياسية حدث تقارب بين (حاشد مع السامعي) والحوثيين.

وهذا التقارب هو سر انزعاج السعودية ومراكز قواها في اليمن.

وما حدث بين (السامعي وحاشد) والحوثيين مع إيران تحالف وليس عمالة لكنه تم أمامنا من منطلق (صديق مشروعي صديقي) وهي إيران و(عدو مشروعي عدوي) وهي السعودية.

في السياسة لا يهمني إن كانت إيران مع الأسد ضد ثورة الشعب السوري.. هي من سيتحمل نتائج هذا الموقف.. الذي يهمني هو هل هي مع مشروعي.. لأن موقفها في النهاية على النقيض من السعودية بشأن اليمن والسورية.

6- عندما تضرب مشاريع التغيير أربع مرات في خمسين عاماً سأتحالف لإبقاء مشروعي حتى مع الشيطان.

وما يخوضه السامعي اليوم في تعز من صراع مع أذناب مراكز القوى المعادية للتغيير ليس إلا نتيجة هذه الاعتبارات.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي