اصفع الأمريكي يعرفك؟!

كتب
الأحد ، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٢ مساءً

 

 هل سمعتم مرة عن أسبوع الفيلم الأمريكي في اليمن ؟ بالتأكيد لا.

 أمريكا لا تأبه إلى الثقافة، الثقافة بالنسبة إليهم احتلال بطيء، ويظهر الأمريكان المتواجدون في اليمن كما لو أنهم مجموعة من قبائل الهنود الحمر الذين لم يتخلوا حتى اللحظة عن قناعاتهم بأن البندقية أقرب إلى اليمنيين من حبل الوريد.

لم نسمع مرة عن الأسبوع الثقافي الأمريكي، لكننا للأسف سمعنا مرات كثيرة عن الأسبوع الأمريكي لـ "طائرات من دون طيار في اليمن".

سمعنا أكثر عن زيارات متكررة لجنرالات أمريكيين زاروا البلد في مهام مختلفة، لا تخرج عن كونها مهام تقدم عضلات أمريكا حتى صرنا – كشعب - مقتنعين تماما أن أمريكا بلا قلب، وأن تمثال الحرية - الذي مثل سحرا لكل المتطلعين إلى يمن متمدن – لا يحمل مشعلا في يديه بل يحمل بندقية.

صورة الأمريكي الأنيق في اليمن، لم تعد كذلك، ولا تعدو - الآن - عن كونها مجرد صور لشخوص مغرورين يتحركون بكلاب حراسة ويعتبرون اليمن دولة بلا إرث حضاري.

نظرة أمريكا لليمن لابد أن تتغير، ونظرة اليمني لأمريكا هي الأخرى لابد أن تتغير، وليس بوسع جنرالات أمريكا أو طائراتها التي من دون طيار أن تقوم بتلك المهمة الصعبة والـُملحة. أمريكا مُلهمة التعايش بين جميع الأفكار والجنسيات، تبدو في اليمن مجرد عضلات ورؤوس ضيقة الأفق.

 السفارة الأمريكية في اليمن لا تحترم أصدقاءها الليبراليين أو تتحمس لهم، إنهم من وجهة نظرها قطع مروضة سلفا، على عكس سعيها الحثيث لكسب ود ورضا الآخر المتزمت الذي يعتبرها - على الدوام- شركا أكبر ويحمل فكرة محاربتها كعقيدة.

 كأي عقلية مُنحطة تماما تنظر – أمريكا- إلى أصدقائها بوصفهم شخوصا في الجيب، وبالنظر – سريعا – إلى قائمة المرشحين لبرنامج الزائر الدولي مثلا – يستطيع المرء أن يكتشف بسهولة المغزى من أن أقول "أخونتها يافايرستاين"، كما وليس من اللائق أن يكتب أحدهم الآن قصيدة شعبية ليقول في مطلعها "شرعبتها يافايرستاين".

الملحق الثقافي للسفارة الأمريكية في اليمن يتغير باستمرار، لكن العقلية ذاتها، لا تتغير. وكل ملحق يأتي يظل كما سابقه عالقا في مهمة ملاطفة " الإخوان" وعالقا أيضا في ملاطفة شخوص العاصمة فقط، ولا يعرف أن هناك مدناً أخرى في اليمن تستحق الانتباه.

لا تعطي الأمريكي وردة، سيعطيك ظهره.. اصفع الأمريكي يعرفك.

 كتبت مرة إلى الملحق الثقافي أنني سأزور أمريكا في مهمة صحفية أقوم خلالها بترجمة إعجابي الشديد بأمريكا باعتبارها مركزا لتعايش كل الأديان والأفكار، وأنا أبعث برسالتي تلك كانت رواية "مدار الجدي" للكاتب الأمريكي هنري ميللر في يدي، ومثلما لم أصدق تجاهل القنصلية لذاك الأمر، لم أصدق أيضا أن كتابات هنري ظلت ممنوعة في أمريكا "الحرية" لسنين طويلة،كما قدم إلى المحاكمة في أوائل الستينات، بسبب تلك الكتابات التي عرت بلا شفقة المجتمع الأميركي المعاصر.

 ما أحوج تلك القطع الجامدة التي تعمل في السفارة الأمريكية بصنعاء لأن يقرأوا "هنري ميللر" وهو يحكي في روايته "مدار الجدي" عن انحطاط الحلم الأميركي في أحياء نيويورك الخلفية خصوصا في حي بروكلن، الذي يعجّ بالجنسيات المتباينة من الناس. إن هذه الرواية من شأنها أن تزيل الكثير من حالة التوجس والريبة التي جعلت السفير السلفي " فايرستاين" ورفاقه يحشرون اليمنيين جميعا في خانة واحدة، ما يجعل المرء هنا يتحمس لقناعة تروج لنفسها على نحو: اصفع الأمريكي يعرفك.

   كتب - فكري قاسم               [email protected]

المصدر - اليمن اليوم

الحجر الصحفي في زمن الحوثي