كم هي العصبية قذرة ومنتنة وإن لبست البيارق والحرير أو حتى لو رفعت أعلام الجنوب .. قبحها يتوحش ويفترس كل جميل .. لا ترى من ألوان الدنيا غير أثنين .. ولا ترى في الآخر غير إنه معها أو ضدها ، وتريد أن تجبر العالم أن يرى ما تراه .. وتدعي أن غيرها على ضلال وأنها وحدها من يملك الحقيقة والصواب ..

 العصبية غليظة وفجة ومتوحشة .. العصبية دميمة ومدمرة وناضحة بالكراهية والإقصاء والدمار ..

 العصبية منفرة وقاتلة ولا تصلح أن تقود أمة أو شعب أو تكون حاملا لقضية عادلة .. العصبية لا تصلح إلا لنشر الدمار والخراب في العقول والأمكنة ..

 هذه العصبية اليوم تلحق كل الضرر بقضية الجنوب العادلة .. تشوه الوعي وتهدد السلم الاجتماعي وتنشر الكراهية والعاهات وتدمر النسيج الاجتماعي لأبناء الجنوب قبل غيرهم ..

 إذا كانت سلطة الشمال هي السبب في هذا المآل فنخب الجنوب وقيادات حراكه أيضا تتحمل المسؤولية الاهم ؛ لأنها المعنية بصياغة وعي المجتمع بالجنوب ، وتوجيهه على النحو الذي يخدم عدالة القضية .. غير أن ما نشاهده اليوم في الجنوب يشعرنا بالغصة والاختناق ويحملنا على السؤال : إلى أين يمضي هذا الحراك ..

 الجنوب عربي حتى وإن كان المغربي والشامي والعراقي يزعم أن أصوله من اليمن .. وهذا تعزي حتى وإن صارت جذوره ضاربة في عدن ثلاثمائة عام .. وهذا صادق عبده علي ، اسم والده دخيل على أبناء الجنوب .. وهذا شرعبي حتى وإن كان شهيد استمات في مقاتلة الاحتلال .. وهذا حكيمي جاء جده من الشمال هاربا من حكم الإمام .. وهذا ريمي يشتغل بالأمن وإن كان حرا يأكل من عرق الجبين .. وهذا جاسوس أقتلوه ولو كان مجنونا من أربعين عام .. وهذا دبعي وهذا أثوري وهذا قباطي وهذا عزعزي .. وهؤلاء من عرب 48

 عبد الفتاح إسماعيل دحباشي والدكتور ياسين سعيد نعمان أصله شجيفي من الشمال واحمد سيف حاشد قباطي من تعز.. وقائد حراك الشيخ عثمان كمراني من الحديدة ، وصورة واعد باذيب تداس بالنعال .. وثورة ثورة يا جنوب ..

 هذا بعض من المشهد الذي عشناه خلال أيام قلائل ونحن نعد ونقوم بمسيرة "ميناءنا لنا" نؤيد قرار إلغاء اتفاقية بالغة الضرر بالوطن جنوبه وشماله ، ونطالب فيه باستعادة ميناء عدن والتحقيق بصفقة فساد إدارة وتشغيل الميناء لمصلحة مواني دبي ونتضامن مع الدكتور واعد باذيب ونندد بصمت الحكومة من محاولة اغتياله ..

 والأهم أن قيادة الحراك ونخب الجنوب في أغلبها لا تتجاسر أن تدين هكذا سلوك ولا تلعب دور القائد والموجه ولكنها تساير وتتبع خطى من يقودها إلى مهلكة .. وسيقول التاريخ لها ما هو أنكى وأمر إن ظل الأمر على بؤس هذا الحال..

 هذا الحال لا يقود إلى مستقبل واعد للجنوب وأبناءه أو لقضيته مهما كانت عادلة ، وإنما يقود إلى حروب أهلية ومتاريس وكراهية تستبيح الحياة وتجعل من الدم مشتها وهدف ..

 إلى نخب الجنوب والشمال .. اطلقوا عنان أقلامكم .. مزقوا هذه العصبيات القاتلة لأحلامنا وآمالنا .. تصدوا لثقافة الكراهية .. تصدوا للعصبيات بكل أنواعها وإن لبست الحرير وحملت البيارق .. أن تأتون متأخرين خير من أن لا تأتون .. وأن تأتون خير من أن يأتي الدمار والخراب واليباب .. المجتمع غير مستعد ان يدفع أكثر .. وصمتكم يدمر اليمن ومستقبله جنوبه وشماله ..

بقلم / النائب احمد سيف حاشد