الثورة اليمنية والتغيير الناعم بنكهة صالح

كتب
الاثنين ، ١٣ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٣١ صباحاً

بقلم: عباس الضالعي

جاء هادي الى السلطة كرئيس انتقالي على نعوش مئات الشهداء وآلاف الجرحى وحملته الثورة على أكتافها كرئيس لليمن الجديد ، هذه ليست منه او غرور وإنما حقيقة وغير ذلك خداع للنفس والواقع ، لم يكون للرئيس السابق علي صالح يد في الدفع بهادي بديلا عنه ، وكان اختيار هادي رئيسا انتقاليا لتطهير كرسي الرئاسة من براثن صالح وفساد سنواته في الحكم ، وهادي الذي اجمع عليه اليمنيين ولأول مرة بحرية الاختيار وكانوا على قلب هادي صفا واحدا أملا منهم بيمن جديد ومستقبل أفضل.
واليوم يعيش اليمنيين على أمل التغيير انتظار ا لأقساط هادي في التغيير ، التغيير الذي لا ينتمي للثورة روحا ونصا ، وإنما التغيير الذي اعتدنا عليه منذ أكثر من ثلاثة عقود أثناء فترة حكم صالح الشؤم ، تغيير يستلهم روح سياسة الرئيس صالح ، فالمسئول الذي فشل عن تأدية مهامه وواجباته في موقع ما يتم نقله الى الموقع الآخر دون مراعاة لأدنى أدبيات التغيير الإداري او السياسي ، فالوزير الفاسد والفاشل يتم تغييره الى سفير وبعد سنوات يأتي علينا من جديد ليعين محافظ لمحافظة ما ، ولهذا ينظر للفساد في اليمن على انه من المكارم والضرورات التي يجب يتقنها المسئول.
العسكري ( القائد ) الذي اخل بواجبه الوطني والدستوري والأخلاقي وفشل فشلا ذريعا يذهب به الى السجن او المحاكم او التقاعد ( لو كنا في دولة محترمة ) لكنه يذهب الى العلياء ويترفع اما وزيرا او سفيرا ورئيسا لهيئة ، واحدة من أسباب تخلفنا في اليمن ومن على شاكلتنا وهم قليل ، ان الفاسد يظل يتنقل بين فروع السلطة المختلفة رغم فساده الواضح وفشله الذي يقر به قبل غيره.
اليوم يتم استحضار هذا النوع من التغيير لدولة الثورة ودولة اليمن الجديد ، لا جديد في هذا المشهد الا دماء الشهداء والجرحى والمعذبين ، اما الباقي فذهب وتبخر بسبب حملة المباخر الذي يعتمد عليهم الرئيس هادي حاليا وهم من مدرسة الفشل والفساد الذي كان عليها الرئيس السابق ، والمنطق يقول ان هؤلاء لو كان لهم اثر في تنمية اليمن او تغيير حاله الذي هو عليه منذ حوالي خمسة عقود مضت ما كان للثورة ان تشتعل في وجوههم وتقلعهم ، لكن بسبب عقدة العجز وشخصنة الإدارة والحكم لمؤسسات الدولة تم ويتم استحضار الفشل والفاشلين والفساد والفاسدين الى مفاصل الدولة من جديد وتحت لواء الثورة والتغيير وبواسطة الرئيس الافتراضي للتغيير عبد ربه هادي .
هادي الذي يستورد لنا نمط وأسلوب وأشخاص دولة صالح المنهارة دون ان يعرف ان التغيير بالمجرب خطأ فادح وكأن هادي يريد ان يبقى اليمن في دوامة الأشخاص والشعارات ، فكل ما حصل الى الآن خلال فترة حكم هادي هو عبارة عن اقتباس ونسخ ولصق لا اقل ولا أكثر.
المشكلة تقريبا تكمن في الثقافة والتعبئة العقيمة في الفهم عند الحاكم الجديد ، نحن اليوم أمام مشهد واقعي يحاكي العالم في التغيير الذي تغيرت معه شخصية الحاكم وثقافته ، شاهد الحال هذا هو الرئيس محمد مرسي الذي جاء من الوسط الأكاديمي وخبرة متواضعة في السياسة فاز بالانتخابات الرئاسية بجدارة جمهوره وكتب له ان يكون الرئيس الوحيد في العالم الذي تختصر منه صلاحيته الرئاسية وتكون بيد طرف آخر وهو المجلس العسكري الذي قيده بقوانين مكملة وملزمة ، لم يمضي عليه زمنيا في الحكم نحو شهر إلا واحدث التغيير الذي جاء من اجله وهنا يكون المنصب مغرم لا مغنم ، استند الى الدستور والشعب واستخدم صلاحياته الدستورية وضرب ضربته القوية واصدر قرارات بتغيير الجنرالات الذين توهموا أنهم حولوا منصب الرئيس الى منصب شكلي لا غير.
رئيس مثل هذا يجب ان ينحني له الشعب تعظيما وسلاما ، ما بالنا برئيس كرئيسنا الذي خذلنا في التغيير الذي سعينا من اجله وقدمت بسببه الأرواح والدماء ودعمه العالم بأسره ولا يوجد ما يقيده من القوانين وهو الى اليوم يتفضل علينا بأقساط من التغيير الذي يحسبه هو تغييرا ونعلمه تدويرا للفشل والفساد والفاسدين ، ويستورد لنا هذا الرئيس من جديد مراحل البلاء والوباء ومخلفات حكم الرئيس السابق الذي خلعته ثورة الشعب.
العيب كل العيب ان تمادى هادي الرئيس في أسلوبه هذا وان عليه أن يغير نفسه أولا ثم يسعى لتغيير اليمن " إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " صدق الله العظيم.. وواهم من يخالف ذلك فالتغيير بالعقيم في ذاته وشخصيته لا يمكن ان يغير شيئا ... ومبروك لشعب رئيسه مثل محمد مرسي والمواساة لشعب رئيسه مثل عبد ربه منصور هادي .. والتغيير بالمتجمد كالسباحة في الهواء ..والعاقبة للمتقين وخواتم مباركة.

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي